وَحْــــــدَة


عادل سعد يوسف | السودان

فِي الْبَرِّيَّةِ
كُنْتُ وَحِيدًا مِثْلَ نَايٍ
مِثْلَ  أنْ أبْقَى وَحِيدًا
مِثْلَ أنْ أُجَرِّبَ مَهَارَتِي فِي الْوَحْدَةِ
أتَوَسَّلُ شَجَرَةً بَاكِيَةً
أقُولُ لَهَا: امْنَحِينِي غُصْنًا
أتَوَسَّلُ حَطَابًا يَمُرُّ مَسْرُورًا بَعَدَ أنْ حَصَدَ بِضَرْبَةٍ فَأسٍ أَلْفَ زَهْرَةٍ
أقُولُ لَهُ: امْنَحنِي سِكِينًا
امْنَحْنِي سِكِنَكَ وَلِتَغْفَرَ لَكَ الآلِهَةُ
وَلَمَّا كُنْتُ وَحِيدًا بِالْفِطْرَةِ
وَلا أمْلِكُ أيَّةَ أسْرَارٍ
أخَذْتُ الْسِكِينَ وَجَلَسْتُ كَكَائِنٍ وَحِيدٍ عَلى حَافَةٍ الْحَيَاةِ
أنْحَتُ الْغُصْنَ عَلى هَيْأةٍ بَشَرِيَّةٍ
وَأنْفُخُ فِيهِ مِنْ رُوحِ وَحْدَتِي
وَلَمَّا كُنْتُ وَحِيدًا
وَمُتْعَبًا
غَرَسْتُ ذَلِكَ الْغُصْنَ فِي الأرْضِ
ونِمْتُ
مِثْلَمَا يَنَامُ طَائِرٌ وَحِيدٌ
لَكِنَنِي عِنْدَمَا صَحَوْتُ كَانَتِ الْبَّرِيَّةُ تَشْرَبُ قَهْوَتَهَا الصَّبَاحِيَّةَ
وَتُطْعِمُ عُيُونَ الظِّبَاءِ الصَّغِيرَةِ اِنْتِبَاهَةَ الضَّوْءِ
وَأنْتِ تَجْلِسِينَ وَحِيدَةً مِثْلِي
****
وَلَمَّا كُنَا وَحِيدَينِ
قُلْتُ لَكِ: عَلَينَا أنْ نَنْحَتَ كَثِيرًا مِنَ الأغْصَانِ
وَأنْ نُرَبِّيَ الْغَابَاتِ فِي الْحَظِيرَةِ
وَأنْ
لَكِنَّكِ رَمَيْتِي بِسَكِينِي فِي مَغَارَةِ الْجَبَلِ
وَمِثْلَ حَطَّابٍ ظَلَلْتِ تَحْصُدِينَ أشْجَارَ غَابَتِي
وَبِأصْبَعِكِ تَأخُذِينَ بِأنْفِي
وَتَقُولِينَ لِي: هُنَاكَ طَرِيقٌ آخَرَ
حِيْنَهَا
عَرَفْتُ غَيْرَةَ النِّسَاءِ
النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يُصَيِّرْنَكَ رَجُلًا يَتْرُكُ قَدَمَيْهِ بِالْبَيْتِ
وَيَذْهَبُ لِحَلْبَةِ الرَّقْصِ
رَجُلًا
لا يُمْكِنُهُ أنْ يَتَوَسَّلَ الأشْجَارَ
مَرَّةً أخْرَى.

 

تعليق عبر الفيس بوك