عُمان المجد.. مسيرة البناء والسلام

حاتم الطائي

خلال المسيرة المباركة ارتقت بلادنا درجات المجد وصعدت بنهضتها المباركة إلى قمم الاستقرار والرخاء

مُنجزات النهضة لا يمكن حصرها في مشاريع البناء والتحديث بل أيضا في بناء مؤسسات الدولة الراسخة

السياسات الحكيمة لجلالة السلطان أرست ثوابت وطنية تهدف لنشر السلام وتحقيق الأمن والاستقرار

"سأعمل بأسرع ما يُمكن، لجَعلِكم تعيشُون سُعدَاء لمستقبلٍ أفضل"، وعدٌ أطلقهُ حَضرة صَاحب الجلالةِ السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حَفِظه الله ورَعاه- في اللحظاتِ الأولى من تسلُّم مقاليد الحُكم في سلطنتنا الحبيبة، قبل 48 عامًا، وهو الوعدُ الذي تحقَّق -ولا يزال- بفضل القيادة الحكيمة لجلالته -أبَقَاه الله- وبدعمٍ من الجهود الحثيثة التي تبذلها حكومة جلالته الرشيدة، وبسواعد المخلصين من أبناء عُمان البررة في مختلف ميادين العمل والكفاح، يبذلُون الجهدَ بعطاء؛ خدمةً للقائدِ المفدى والوطن المقدَّس.

إنَّها مسيرةٌ حافلةٌ بالمنجزات التي غيَّرت ملامح عُمان على مرِّ السنين، فارتقتْ بلادُنا درجات المجد، وصعدتْ بنهضتها المُباركة إلى قممِ الاستقرارِ والرَّخاء، واضعةً أقدامَها الراسخة في جُذور هذا الترابِ الوطني، مُتسلحة بسواعِد جنودها البواسل الأشداء على كلِّ من يُحَاول المساس بمُقدرات الوطن، ومُصانة برِجَالها الأوفياء في شتى القطاعات، يعملون ليل نهار كي تبلغ عُمان روابيَ النمو والتنمية.. مئات الآلاف من المُعلمين والأطباء والمهندسين.. وغيرهم كُثُر. تمضِي المسيرةُ وجلالة السلطان المعظم -أيَّده الله- يُوليها الرعاية الدَّائمة، يُتابع مستوى التقدُّم في خطط النموِّ والازدهار، وإنجاز مشروعاتِ التنميةِ في كلِّ رُبوع الوطن؛ كي ينعمَ بها المواطن، بما يُحقِّق له أعلَى مُستوى مُمكن من الرفاهية والسعادة والرخاء. فأينمَا نولِّي وجهنا في بِلادنا، نَجِد شاهدًا على النهضة يُؤكد أنَّ قِطار التنمية مرَّ عَليها، وأنَّ مسيرةَ الإنجازات لم تتوقَّف ولن تتوقَّف؛ فوراءها قائدٌ مُحنك وشعبٌ مُخلص، فكلُّ يوم تشرق فيه الشمس يُزاح الستار عن مُنجزٍ جديد، وعن مَشروعٍ يخدُم الآلاف من المُواطنين، ويُسهم في تحقيقِ التنمية الشاملة.

وتتجلَّى مُنجزات النهضةِ المُباركة في جميعِ القطاعات، وقَد انعكسَ ذلك فيما تحظَى به السلطنة من تقديرٍ عالميٍّ وإشاداتٍ دوليةٍ بمسيرةِ التنمية، فباتتْ بلادُنا تتبوَّأ مكانةً مرموقةً بين الدول على الُمستوييْن: الإقليمي والعالمي، فاحتلتْ صَدارة العديد من المؤشرات؛ سواء تلك المتعلقة بالتنافسية والتنمية الاقتصادية، أو المؤشرات المرتبطة بجودة الخدمات المُقدَّمة داخل الوطن، ولا يتَّسع المجال لذكر جميع المؤشرات التي حقَّقت فيه بلادنا مراكزَ مُتقدمة، لكنَّ الشاهد أنَّ ذلك لم يتحقَّق سوى بالحرص السامي على الانشغال بنهضة الوطن الغالي، وبتكاتف جُهود أبناء الوطن المخلصين، دُون أنْ تُعيقنا نزاعاتٌ هنا او صراعاتٌ هناك، فغدتْ بلادنا قوية في وجه المتغيِّرات من حولنا، ماضيةً في طريقها نحو البناء والتنمية.

مُنجزاتُ النهضة لا يُمكن حصرها في مَشاريع البناء والتحديث، بل أيضًا في بناء مُؤسَّسات الدولة الراسخة، وبناء دولة القانون، وبناءِ نظامٍ تشريعيٍّ يتَّسم بالتناغم والتوافق مع النظام الأساسي للدولة، المحدِّد للحقوق والمُبيِّن للواجبات، وبناء نظامٍ قضائيٍّ يحكُم بميزان العدل والمساواة، وكلُّ هذه الأنظمة أسهمتْ في صناعة المجد العُماني، ودفع مَسِيرة العملِ الوطنيِّ إلى شَواطئ الاستقرار والرخاء. لذلك؛ فإنَّ بلادَنا تنعمُ في ظلِّ هذا الاستقرار والرخاء بأعلى مُستويات الأمنِ والأمان، فغدتْ عُمان الدولة الآمنة المُطمئنة، التي لم تتعرَّض لوباء الإرهاب، وتنال الإشادات الدولية في هذا الجانب، وتفوز بلقب "صفر إرهاب".

ولا شكَّ أنَّ ما تحقَّق من تقدُّم ورُقي، قد انعكسَ على علاقة عُمان بمختلف دول العالم؛ فالسياسات الحكيمة لجلالة السلطان المفدى -أيَّده الله- أرستْ ثوابت وطنية لا نَحِيد عنها، تضَع على رأس أولوَّياتها نشر السلام، وتحقيق الأمن والاستقرار على المستوييْن: الإقليمي والعالمي. لذا؛ فإنَّ السلطنة تَحظى باحترامِ جميع دول العالم، والتي تُدرِك جيدا مدَى الحرصِ العُمانيِّ على إحلالِ السلام في شتَّى بقاعِ الأرض؛ فما الاتفاق النووي الإيراني، واستضافة مُحادثات الأزمات في كلٍّ من اليمن وسوريا وليبيا، بجانب الدَّوْر العُماني الأخير في الملف الفلسطينيِّ-الإسرائيليِّ، سِوَى جانبٍ من سلسلة جهود تقودها الدبلوماسية العُمانية؛ لدعم خطط السَّلام والاستقرار، والعمل على إنهَاء الخلافاتِ ووأدِ الفِتن والقضاءِ على الصِّراعات، وها نَحنُ نجدُ الجميعَ يأتي إلى مسقط بحثًا عن الرأي الحكيم، وسعيًا إلى دور عُمان الفاعل في أي أزمة؛ إذ إنَّ جلالة السلطان متى ما أسهمَ برُؤيته الثاقبة في أيِّ قضية، انحلتْ العُقَد، وتَصَالح الفرقاء، وعمَّ الاستقرار.

... إنَّ مسيرةَ البناءِ والسَّلام التي يقُودها المقام السَّامي بحكمةٍ واقتدارٍ، تمضِي في طريقِها المُخطَّط له بعناية فَائِقة، ويُواصِل الرُّبان الحَذق قيادة دفَّة السفينة بكفاءةٍ وتميُّز، مُبحِرا في طمأنينةٍ وسَلام، ساعيًا إلى مُعَانَقة المجد، وقد تحقَّق له ذلك؛ فاستعادَ أمجادَ أسلافِنا العِظام، وغرسَ الرَّوح الوطنيَّة المُتقدة بحبِّ الوطن والولاء للقائد.

إنَّنا ونحنُ نحتفلُ بالعيدِ الوطنيِّ الثامنِ والأربعين المجيد، نَرفَعُ أسمَى آياتِ التهانِي والتبريكاتِ إلى المقام السَّامي لحضرةِ صاحبِ الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد المعظم -أيَّده الله- بهَذِه المُناسبة الوطنيَّة الغَالية، ونسألُ المَولى -سُبحانه وتعالى- أن يُسبغ على جَلَالته موفورَ الصِّحة والعَافية، وأنْ يَمُدَّه بالعَون والتوفيق في كلِّ ما يُحقق الخَير لعُمان. كما نُجدِّد العهد والولاء لجلالته بأنْ نُوَاصِل العملَ الدؤوب لخدمةِ الوطنِ، والإسهامِ في مسيرةِ النهضةِ المُباركة؛ كي ترتقِي عُماننا نحو العلا، وإلى مزيد من الشُّموخ والعزة.