بعد حسم مواد التباين في جلسة مشتركة

"الدولة" و"الشورى" يرفعان للمقام السامي مشروع "قانون الضريبة على السلع الانتقائية"

◄ المحرمي: وجهة نظر غالبة في مجلس الدولة بعدم ملاءمة تطبيق ضريبة القيمة المضافة

◄ مسن: 100 مليون ريال إيرادات متوقعة مع تطبيق "الضريبة الانتقائية"

رَفَع مجلسَا الدولة والشورى للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- أمس، مشروعَ "قانون الضريبة على السلع الانتقائية"؛ وذلك بعد حسم مواد التباين في وجهات النظر حول عدد من مواد المشروع بين المجلسين، في جلسة مشتركة.

وعُقدت، أمس، الجلسة المشتركة الأولى لدور الانعقاد السنوي الرابع من الفترة السادسة، برئاسة معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري رئيس مجلس الدولة، وبحضور سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى، والمكرَّم الدكتور نائب رئيس مجلس الدولة، وأصحاب السعادة نائبي رئيس مجلس الشورى، والمكرمين أعضاء مجلس الدولة، وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى، وسعادة الدكتور الأمين العام لمجلس الدولة، وسعادة الشيخ أمين عام مجلس الشورى.

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

 

 

واستهلَّ معالي الدكتور رئيس مجلس الدولة الجلسة بكلمة؛ أوضح فيها أن هذه الجلسة تأتي بناء على الأوامر السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بردِّ مشروع "قانون الضريبة على السلع الانتقائية" إلى مجلس عُمان؛ للخروج برؤية مُوحَّدة بشأن المواد محل التباين بين المجلسين، والمواد التي ارتأى مجلس الدولة إضافتها إلى المشروع. وأشار معاليه إلى أن مجلسي الدولة والشورى قاما خلال دور الانعقاد السنوي الثالث من الفترة السادسة بدراسة مشروع "قانون الضريبة على السلع الانتقائية" المُحَال من مجلس الوزراء؛ حيث اتفق المجلسان حينها على كثير من المواد بلغت 38 مادة، إضافة إلى 18 مادة تم التوافق عليها مع إجراء بعض التعديلات، فيما تباينت وجهات النظر حول ثلاث مواد؛ هي: 22، و49، و57، إضافة لمادتين جديدتين اقترحهما مجلس الدولة، لافتا معاليه إلى أنه ووفقاً للإجراءات التي سار عليها العمل بين المجلسين خلال الفترة الماضية، فقد تمَّ حصر المواد محل التباين، بعد أن تمَّ الاطلاع عليها من قبل كل مجلس على حدة؛ وذلك لمناقشتها وإقرارها خلال الجلسة.

وتمَّ خلال الجلسة -التي تأتي في إطار الاهتمام السامي بترسيخ دولة المؤسسات والقانون- مناقشة المواد محل التباين بين المجلسين حول مشروع "قانون الضريبة على السلع الانتقائية"، والمحال من مجلس الوزراء الموقر، وتقرير اللجنة المشتركة بشأنه؛ تمهيداً لرفعه للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.

وأكَّد المكرمون أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى أهمية التوافق حولها بما يخدم المصلحة العامة. وأشاد معالي الدكتور رئيس مجلس الدولة -في ختام الجلسة- بالنقاش الهادف الذي ساد الجلسة، والتي خُصِّصت لاستعراض أوجه التباين بين المجلسين في بعض مواد المشروع، والتي تم استعراضها والتوافق حولها، مشيرا إلى أنَّ هذا يؤكد مدى حرص الجميع على المصلحة العامة، وهو ما يتحقَّق تحت مظلة مجلس عُمان. وهنَّأ معاليه الأعضاء بمناسبة العيد الوطني الثامن والأربعين المجيد، سائلا الله تعالى أن يعيد هذه المناسبة الوطنية على مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بدوام الصحة والعافية، وعلى الشعب العماني بالتقدم والازدهار.

من جهته، شدد المكرم الدكتور سعيد بن مبارك المحرمي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الدولة، على ضرورة عدم الخلط بين مشروع قانون الضريبة على السلع الانتقائية الذي أُقرَّ خلال الجلسة المشتركة، وبين ضريبة القيمة المضافة التي لم يُقدِّم مجلس الدولة أي مشروع يتعلق بها حتى الآن. وأوضح المحرمي أنَّ مشروع القانون الذي تمَّ إقراره يستهدف بشكل رئيسي التقليل من استهلاك بعض السلع ذات الضرر أو آثار سلبية صحية أو غيرها، وهي سلع جرى حصرها ونسب الضرائب عليها كذلك؛ حيث ستُضاف ضريبة بقيمة تمثل 100% من سعر بيع التجزئة لوحدة بيع التبغ والسجائر ومشروبات الطاقة، فيما ستكون نسبة الضريبة في المشروبات الغازية 50% من قيمة بيع الوحدة. وضرب المحرمي مثالا على ذلك، قائلا: "إذا كان ثمن بيع وحدة المشروب الغازي مثلا 200 بيسة فإن سعر الوحدة بعد صدور القانون وبدء تطبيقه 300 بيسة، بينما إذا كان سعر وحدة بيع التبغ أو السجائر ريالا واحدا، فإنه سيصبح بعد الضريبة 2 ريال للوحدة... وهكذا". وأكد المحرمي أن مجلس الدولة، وأيضا مجلس الشورى، عندما ينظران في أي تشريع، فإن الهدف الأسمى هو المصلحة العامة للدولة والمواطن؛ لذلك فإنَّه ورغم وجود قناعة بأن ضريبة القيمة المضافة يمكن أن تحقق عوائد للدولة، إلا أن هناك وجهة نظر غالبة -على الأقل يمكن التحدث عن مجلس الدولة- بأنَّ الوقت غير ملائم لتبني هذه الضريبة حاليا.

وفي السياق، قال سعادة الشيخ علي بن ناصر المحروقي أمين عام مجلس الشورى: إنَّ الجلسة المشتركة بين مجلسي الدولة والشورى يتم عقدها في حالة وجود اختلافات في وجهة النظر في بعض مواد مشروع القانون، وأن يكون لكل مجلس مرئياته، وعادة ما تكون الاختلافات تتعلق بأمور "بسيطة نوعا ما وليست جذرية"، لكن يكون لكل مجلس توضيح وجهة نظره. وبين أنه في حال استمرار الاختلاف يتم تشكيل لجنة مشتركة من المجلسين، تضم الأمينين العامين ورؤساء اللجان المختصة من المجلسين والقانونيين في المجلسين، وبعد ذلك تعقد جلسة مشتركة لتقريب وجهات النظر، وعرض ما توصلت إليه اللجنة المشتركة، والتصويت المشترك في حالة عدم التوصل لتوافق في اللجنة المشتركة، موضحا أن الجلسة المشتركة بشأن الضريبة على السلع الانتقائية جاءت بأوامر سامية، وأنها مرَّت بسلاسة ودون تصويت على أي مادة نظرا للتوافق عليها جميعا.

من جانبه، قال سعادة الدكتور صالح مسن رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى: إنَّ مشروع قانون الضريبة على السلع الانتقائية جاء بموجب إقرار الاتفاقية الموحدة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حول الضريبة الانتقائية، والتي اعتمدها قادة دول المجلس في ديسمبر 2015، موضحا أن القانون في حدِّ ذاته، مجرد منظم لآلية عمل الاتفاقية لكل دولة على حدة. وأكد مسن أن الآثار الإيجابية لمثل هذه القوانين يتصدرها رفع مستوى الصحة العامة والحفاظ على البيئة، كما أنه سيرشد الأنماط الاستهلاكية التي تضر بالصحة وهذا يخفض فاتورة العلاج ويرفع مستوى الصحة العامة بين السكان. وأضاف سعادته أن التوقعات الاقتصادية تشير إلى أن تطبيق هذا القانون سوف يخفض الاستهلاك على السلع المضمنة في الاتفاقية تقريبا بين 15 إلى 20% خلال السنة الأولى، وربما يزداد حجم التخفيض لمستوى الاستهلاك أكثر فيما بعد، وهذا الانخفاض في الاستهلاك لهذه السلع الانتقائية أمر إيجابي. وتابع بأن هناك أثرا إيجابيا آخر يتمثل في تحقيق إيرادات جديدة للموازنة العامة للدولة، متوقعا أن يكون العائد من هذه الضريبة في حدود 100 مليون ريال عماني، إضافة لتحسين الميزان التجاري؛ حيث إنَّه من المتوقع أن ينخفض استيراد هذه السلع بنسبة موازية لانخفاض الطلب بعد تطبيق الضريبة.

وقال سعادة خالد السعدي رئيس اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس الشورى، إنه وبعد حسم مواد التباين بين مجلس الدولة والشورى، يقوم مجلس الدولة برفع مشروع القانون إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم؛ تمهيدا لصدور مرسوم سلطاني بالقانون الجديد. وبيَّن السعدي أن الاختلافات بين المجلسين جرى التوافق عليها بسلاسة، خاصة وأنه مع تبين صحة وجهة نظر أحد الطرفين يجري التوافق بالاقتناع مادام يصب في مصلحة الدولة والمواطن.

 

آلية التطبيق

يشار إلى أنه وبحسب ما جاء في الاتفاقية الموحدة حول الضريبة على السلع الانتقائية، والتي بدأ تطبيقها بالفعل في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، فإن آلية تطبيق هذه الضريبة تنتهي بتحمل المستهلك زيادة على أسعار السلع الانتقائية؛ وتبدأ أولا من المصنعين والمنتجين أو المستوردين لإحدى السلع الانتقائية المشمولة في الضريبة، ويتوجب عليهم التسجيل لدى الجهة التي ستكون مسؤولة عن تحصيل الضريبة، وهي بالأغلب ستكون الأمانة العامة للضرائب، ويدفع المصنع أو المستورد الضريبة المرسومة على السلع بحسب المنصوص عليه في القانون حين صدوره، ويقوم تاجر الجملة أو الموزع بتسليم السلع مدفوعة الرسوم إلى متاجر التجزئة؛ حيث تعرض السلعة في متاجر التجزئة بسعرها المتضمن الرسوم الضريبية، وبالتالي يدفع المستهلك النهائي الثمن المشمول بالضريبة.

وفيما يتعلق بتعريف السلع الانتقائية، فإنه وفق الاتفاقية يجري تعريف المشروبات الغازية على أنها تتضمن أية مشروبات تحتوي على الغاز، وتعد من المشروبات الغازية أية مُركزات أو مساحيق أو جل أو مستخلصات يمكن تحويلها إلى مشروبات غازية. ومشروبات الطاقة تتضمن وفق ما جرى تطبيقه في الدول المجاورة أية مشروبات يتم تسويقها أو بيعها على أنها مشروبات للطاقة قد تحتوي على مواد منبهة أو تمنح التحفيز العقلي أو البدني، وتشمل على سبيل المثال لا الحصر: الكافيين والتورين والجينسينج والجوارانا. كما تشمل أي مواد لها تأثير مطابق أو مشابه للمواد المذكورة. وتعد من مشروبات الطاقة أي مُركزات أو مساحيق أو جل أو مستخلصات يمكن تحويلها إلى مشروبات طاقة.

فيما يعتبر ضمن التبغ ومنتجاته التي تشتمل على جميع المواد المدرجة ضمن الجدول 24 من التعرفة الجمركية الموحدة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

إلى ذلك، علمت "الرُّؤية" أن السنة الضريبية (الخاصة بمشروع قانون الضريبة على السلع الانتقائية) تبدأ من مطلع يناير وحتى نهاية ديسمبر سنويا، فيما تحسب الفترة الضريبية لكل 3 أشهر خلال السنة الضريبية، ويفرض مشروع القانون ضريبة إضافية بواقع 1% من قيمة الضريبة غير المسددة عن كل شهر تأخير اعتبارًا من انتهاء موعد الفترة المحددة للسداد. ويتضمن مشروع القانون حالات محددة للإعفاء من ضريبة القيمة الانتقائية، وهي تحديدا للسلع التي ترد إلى الهيئات الدبلوماسية والقنصلية والمنظمات الدولية وأعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي بالسلطنة، وكذلك السلع التي يحضرها القادمون للسلطنة إذا استوفت الشروط المسموح بها بحيث لا تكون تجارية. وحول تطبيق القانون بعد صدور المرسوم السلطاني الخاص به، فإن من المتوقع أن تشهد فترة التطبيق مهلة 3 أشهر عقب صدور القانون، لتوفيق الأوضاع قبل إنفاذه فعليا.

تعليق عبر الفيس بوك