ما كان لله أن ينسى أحبته


د. ريم سليمان الخش | باريس

ابن العروبة هل بالصفر مأسورُ؟
وحولك الكون اعجازٌ وتغييرُ !
//
تغوصُ بالطين حدّ الفقدِ منغمسا
ولا وجودَ إذا ماالقلبُ مغمورُ
//
من فوق رأسك أشباحٌ مهللةٌ
ليشربَ الموت عجزٌ فيك مذعورُ
//
حول الضحية طيرُ الشؤم يرقبها
لينهشَ الجسمَ إنْ حانتْ مقاديرُ !!
//
في سكرة الموت يهذي القلب مؤتملا
هل في الأماني تباشيرٌ وتدبيرُ؟!!
//
هل عصّة الصفر تُغري في تمركزها!؟
أعندك الروض والأنعام والحورُ؟!!
//
تناشد الحلمَ في شوقٍ لمولده
كما يُناشد لونَ النور ديجورُ !
//
عقارب الوقت في البندول مبطئةٌ
كأنه الوقتُ عربيدٌ ومخمورُ !!
//
أو أنّ في الكون شرخٌ بين أزمنةٍ
جدا مغايرةٍ والدهرُ معذورُ !!
//
في سرعة الضوء قد سارت مراكبهم
ومركب الصحْب في القيعان مكسورُ !!
//
ومن يسيرُ كسهم الضوء مندفعا
يبقى شبابا وذا بالعقلِ منظورُ
//
شرخٌ يُقيمُ على أعناقنا مسدا
كأننا الكبش للأعياد منذورُ
//
حتى الخيول التي في مجدنا صهلت
باتت مغيّبة والرُكبُ مزجورُ
//
ألعنة النفط قد شلّت مواقدنا؟؟
من كثرة الزيت لا نارٌ ولاخيرُ
//
حول الحقول غرابيبٌ مسعّرةٌ
وهمّها السطو إذْ نامت نواطيرُ
//
أجرّ ظلّيَ والإعصار يجرفه
لاأفقَ يبدو وقد سُدّت تصاويرُ !!
//
ملامح البرد في اللاوعي تجلدني
مجمّدَ الجذع أغصاني مكاسيرُ
//
فوضى الحواس رياح الذات عاصفة
طيفي سرابٌ إلى اللاشيَ مجرورٌ
//
كثبان رملٍ به الأجواء مخنقةٌ
وقصري الرمل في الإعصار منثورُ
//
أمي العروبة يا حضنا يُلملمني!
أين القلاع وأين المجد مسطورُ!!
//
كم أنّتِ الأرضُ من قتلٍ ومن شيّعٍ
وأغلب الظن أنّ العقلَ مغدورُ !!
//
يُقّطعُ الجهل حبلا فيه عصمتنا
لم ينفع الخلقُ في القرآن تحذيرُ
//
يارب يارب كم نرجوك معذرة
علّ السحابَ بنور الغيث ممطورُ
//
علّ السماءَ تُزيلُ الرجسَ عن وطنٍ
فيه الدخان من الأضغان مسجورُ
//
أضحت بيوتٌ كبيت العنكبوت وكم
يُقوّض الصرحَ تخريبٌ وتهجيرُ !!
//
الأهل في الأرض أشلاءٌ بلا وطنٍ
وساكن البيت للأغراب مأجورُ
//
أوكّلُ الله شعبا في مواجعه
خناجر الظلم في النعماءِ معسورُ
//
مقطّعُ النسلِ مسحوقٌ بلقمته
وأكثر الحرث مسلوبٌ ومعصورُ
//
ابن العروبة لا تركن لزوبعة
وعاند الريح إنّ العزم منصورُ
//
مرآة دهرك في الأنوار ساطعة
ماكان يُمحق من في قلبه النورُ
//
مرآتهم برؤى الأشكال واهمة
كم يخدع العين بالمرآة تقعيرُ!!
//
صرح الحضارة وهمٌ دون أعمدة
ضُخَتْ بلا سندٍ زيفا (دنانيرُ)!!
//
من لؤلؤ الصدر من خصري ومن عنقي
يمتصّ أوردتي الزرقاء مسعورُ!!
//
يعتاشُ من جسدي للروح ملتهما
ولا يعودُ بريع الربح قطميرُ !!
//
في البؤس يتركني أشتمُّ مرحمة
كما يشمّ نسيم الروضِ مأسورُ !!
//
لو أملك الغيب أو لو عدت في زمنٍ
لم تعرف الزيف لم تُخطء مزاميرُ
//
كانت رياض قلوب الناس مثمرة
وتعبق الحبَ والتقوى الأزاهيرُ
//
فليرجعِ الودّ شمسا جدّ دافئة
وليورق الخير أو فليُنفخِ الصورُ !!
//
مازلتُ أؤمنُ أنّ الصبحَ موعدنا
رغم السواد فإنّ الصبحَ مقدورُ
//
شيءٌ بروحيَ بسّامٌ تطلعه
أنْ هاجسَ الوقت تمحوه التباشيرُ!
//
ماكان لله أن ينسى أحبته
لايأسَ في الدين لاحزنٌ وتكفيرُ
//
فاعلم بأنك منصورٌ بقدرته
من قبضة الغيب تنهالُ المقاديرُ

 

تعليق عبر الفيس بوك