عبد الوهاب لاتينوس | السودان
"إلى نصفي الآخر التي تتجرع مرارة الفقد بصمت"
---------
هذه الليلة للنسيانُ حبيبتي
رغم سيلِ الحنينُ الجارفة
التي أغرقت ذاكرتي  ..
أنا مرهقٌ الآن
مسهدٌ في متاهاتك
محممٌ بعرقٌ عابق
تفصَّد من ذاكرتي  ..
أحاولُ الفكاك من براثن
الزمن الراكض للوراء  ..
لا أريد عن أكون سجينُ
سعادة مُحنطة  ..
يُرهبني عن أكون سجين اللحظة
حتى ولو كان لا متناهية  ..
يفزعني الآبدية أكثر من الموت
أنا رجلٌ يخافُ الملل
يستهويني التجدد
حتى ولو بالموت ..
أليس أننا نتجدد بالموت !؟
لا بد للحظات السعيدة أن تموت
لنزرع محلها لحظات أكثر سعادة ..
لا بد من تحطيم صروح الماضي
لنشيِّد مكانها صروحاً للمستقبل ..
لا بد من كسر وعاء الماضي
لينبجس اللحظة  ..
ها هي ذكريات الماضي يأسرني
يفخخ قلبي المعطوب
يغويني بلا ورعٍ  ..
ها هي سياط الليلة الأخيرة
تلسع جدار ذاكرتي المتصدعة
تحيلني صرعى ..
أتخبط في أوحال الذكريات ..
تشدني من ياقة قلبي
إلى داخل حجرة معتمة
تدفعني أرضاً بلا شفقة
أنهضُ مزعورعاً
أجدني ممسوكاً بخيوط غير مرئية  ..
يصلني صوتٌ يشبه الدندنة
يهمسني بالجلوس
على كرسي متهالكة..
أشخِّصُ نفسي على مرآة
مثبتٌ على الحائط
يحاولُ الفكاكُ عبثاً ..
أشخِّصُ قبلة مبعثرة على المرآة
يحاول الفرار من سجن اللحظة ..
وعاشقان يتحممان بالقبل
يتمسحان بأحضانً حانية
فوق سرير يعلو صريرها
ينضحانِ شبقاً
يستجديان السعادة ..