قارئ وصحيفة في البرلمان!

 

د. سمير محمود

كاتب مصري

بصراحة ودون مواربة، هل لدينا صحافة برلمانية في عُمان؟ لا تتعجل في الإجابة عزيزي القارئ، فالسؤال وما يتبعه من أسئلة لا يخصك وحدك، وإنما يخص معك الصحف والصحفيين، ومجلس الدولة ومجلس الشورى، والحكومة ووزارة الإعلام، والجامعة وأقسام وكليات الإعلام.

عزيزي القارئ: هل أنت بحاجة إلى صحافة برلمانية تتابع وتراقب أداء البرلمان؟ وهل حاجتك مُلحة إلى هذه الدرجة التي لا تستقيم معها حياتك إذا غابت هذه الصحافة؟ هل تريدها صحفاً متخصصة في الشؤون البرلمانية أم تكفيك صفحات أو أبواب متخصصة أسبوعية أو نصف شهرية أوحتى شهرية؟ هل تُفضلها مكتوبة بمعرفة محررين متخصصين، أم تعجبك قراءة مواد جاهزة أعدتها فرق وطواقم الإعلام والعلاقات العامة في مجلسي الدولة والشورى وأرسلتها للنشر بالصحف؟

أيُّ الموضوعات البرلمانية التي تريد أن تقرأها؟ هل أنت من عشاق الثقافة والفنون؟ أم السياحة والسفر والآثار والبيئة؟ هل أنت مغرم بالسياسة وقضايا الأمن والدفاع وصناعة القرار والإستراتيجيات؟ هل لديك مشكلات مع وزارة الإسكان، تريد أن تراها تحت قبة البرلمان ومنها لصحيفتك اليومية المفضلة؟ هل تعاني – لا قدر الله – من مشكلات صحية، تنتظر دورك في مستشفى بالشهور، وتبحث عن علاج لا يتوافر إلا بالخارج؟ هل أنت من عشاق الساحرة المُستديرة؟ هل يزعجك غياب منتخب عُمان عن كأس العالم؟ هل تعاني أو يعاني ابنك أو ابنتك من عدم الحصول على وظيفة حتى الآن وتبحث عن حل لدى وزارة الخدمة المدنية أو القطاع الخاص؟ هل لديك مشكلات بمدرسة أولادك وتريد أن تبحث عن حل جذري لها تحت قبة البرلمان، ما دامت وزارة التربية التعليم لم تحلها؟ هل تعلم أنَّ من بين أدوار البرلمان مشاركة الحكومة في عملية التنمية، ومن بين أدوار الصحافة تعزيز أداء البرلمان والبرلمانيين عبر التوعية وتسليط الضوء على أبرز القضايا؟

أسئلة القراء لا تنتهي ولكني سأتحول بالأسئلة للصحفيين أنفسهم: هل تحرصون على حضور جلسات مجلس الدولة ومجلس الشورى؟ هل تجدون ما يحول دون حضور بعض الجلسات؟ ولماذا؟ هل يتعاون معكم أعضاء مجلس عُمان ويزودونكم بالمعلومات في حينه، ودون انتظار بالأيام والأسابيع وربما الشهور، دون أن يأتيكم رد أحياناً؟ هل تدركون الفوارق في تغطية الجلسات البرلمانية مقارنة بتغطيات مباريات الكرة بين فنجاء والسويق؟!

ولذا.. فإلى من يهمه الأمر في مجلس عمان:

أعلم حرصكم على لقاء الصحفيين، وسعدتُ بتنظيم مجلس الدولة لقاءً مفتوحًا مع الصحفيين قبل أيام، وتلك خطوة مهمة وبادرة طيبة في علاقة التكامل مع الصحافة لمواصلة جهود بناء وتنمية عُمان؛ لكن هل يُعجبكم الحضور الذي يشبه الغياب لأعضاء مجلس عُمان في الصحافة والإعلام؟ هل يجيبون على أسئلة الصحفيين، أو تساؤلات الشارع؟ هل يمتلك كل أعضاء المجلس مهارات التواصل والتفاعل مع أجهزة الإعلام؟ وتلك قضية باتت تؤرق وبقوة معظم مراكز التواصل الحكومي في مختلف أنحاء العالم، خاصة بعدما لوحظ تجنب بعض أعضاء البرلمان للصحفيين وعدم التجاوب مع متطلبات مهنتهم الصحفية؟ فهل ثمة أزمة ثقة بين البرلمانيين والصحفيين؟

أعزائي رؤساء التحرير:

لماذا يغيب المُحرر البرلماني المحترف عن الصحف العُمانية؟ لماذا تغيب الصفحات المتخصصة في الشؤون البرلمانية؟ لماذا تتسم التغطيات البرلمانية بالطابع الموسمي؟

أعزائي أساتذة الإعلام:

كثر التشخيص والتوصيف لمشكلة الصحافة البرلمانية، ولم يعد الأمر يحتمل المزيد من التنظير، فهل نطمح في دراسات جادة شاملة ومتعمقة حول الجمهور واحتياجاته، الصحفيون وتأهليهم، الصحف ومحتواها، مجلس الدولة ومجلس الشورى، وماذا يريدان من الصحافة والصحفيين.

نحتاج دراسات جادة ورصينة تتجاوز الوصف والتشخيص والرصد، إلى التحليل والتفسير وطرح الحلول العلمية الجذرية التي تجسر تلك الفجوة بين غرفتي التشريع في عُمان من جانب والصحافة وجمهور القراء من جانب آخر.

أتصور أنَّ لمجلس عُمان بغرفتيه علاقات تعاون بحثية مع جامعة السلطان قابوس، ويقيني أن لدى الجامعة بيت خبرة هو الأقدم في السلطنة، فقسم الإعلام لديه من القدرات البحثية القادرة على الاضطلاع بهذا الدور؛ وقتها قد يكون القارئ على موعد مع صحافة برلمانية جديدة بوجبات دسمة ومتنوعة ومذاق وطعم مختلفين عن الصحافة البرلمانية الجاهزة التي أعتادها في السابق.

تعليق عبر الفيس بوك