النَّفسُ نَزْوَتُها في كلِّ شائنةٍ


د. صالح الفهدي | سلطنة عُمان

لا شيءَ يَحْجُبُنَا عَنْ فَهْمِ آياتِ
في سيرةِ الكونِ إلَّا محضَ غَفْواتِ
//
بِتْنا نصوغُ كلامًا لا نُبارِحُهُ
حتَّى عَشِقْنَا المعالي فوقَ راياتِ!
//
ويعلمُ الجمعُ مِمَّنْ ضمَّ عالَمُنا
بأَنَّنَا خَيْرُ صُنَّاعِ الشِّعاراتِ!!
//
الحرفُ، والظَّرْفُ، والتَّسويفُ يعرِفُنا
وقولُ"كُنَّا" و"إنَّا" والغدُ الآتي!
//
وليسَ يردعُنا في أَيِّ سَانِحَةٍ
مِنَ الخُصومةِ قولًا مِنْ سماواتِ
//
كأَنَّنا نحوَ بعضٍ كالسِّهامِ هَوَتْ
دَمَ القريبِ، فتُبْرَى بالعداواتِ!
//
ما الوعيُ إلَّا خلوَّ العَقْلِ مِنْ عِلَلٍ
مَهْمَا استبدَّتْ، وفضلًا مِنْ كراماتِ
//
وما المروءةُ إلَّا أنْ يكونَ لها
سورٌ يحصِّنُها مِنْ كَشْفِ سوءات
//
وغيرُ ذلك تدليسٌ وتعميةٌ
على العيونِ، وتمويهٌ على الذَّاتِ!
//
"وما انتفاعُ أخي الدُّنيا بناظرِهِ"
إذا تواكَفَ عن رُشدٍ وإخباتِ!
//
وهكذا الحالُ مِمَّنْ غرَّهُ بَطَرٌ
أوْ أَحْرَزَ المجدَ مِنْ زَيْفِ الشَّهاداتِ!
//
وغيرُنا سابقٌ في عزِّ سؤددِهِ
يُسَابقُ الدَّهرَ في طيِّ المسافاتِ!
//
لم يُسْلِمِ النَّفسَ للأَهْواءِ حِيْنَ رَأَتْ
أَنَّ المكارمَ تربو عَنْ غواياتِ!
//
والنَّفسُ نَزْوَتُها في كلِّ شائنةٍ
إِنْ يَجْهَلِ العقلُ أَضواءً لِمشكاةِ!
//
واللهِ واللهِ إنَّا لنْ يكونَ لنا
صِيْتُ الحضارةِ في غَمْرِ المتاهاتِ
//
حتَّى نعودَ إلى رُشدٍ فيحكمُنا
عهدٌ مع اللهِ، في تنزيلِ آياتِ
//
ما كان أَخْلَقَنَا من غيرِنا شَرَفًا
لوِ استبقْنا شُعُوبًا نحوَ غاياتِ
‏......................................
(ما بين الهلالين للمتنبي)

 

تعليق عبر الفيس بوك