هل هو حقاً بهذا السوء؟

 

 

محمد السالمي

 

هل اجتازت الأسواق "قمة ترامب"؟ هكذا عنونت صحيفة الفاينانشال تايمز هذا الأسبوع حول أداء المؤشرات الاقتصادية.

قد يكون دونالد ترامب أكثر الرؤساء الأمريكيين إثارة للجدل. وكما عهدناه، فتصريحاته وسلوكه بعيدة عن اللباقة والدبلوماسية، حتى القرارات التي قام باتخاذها فهي مُثيرة للجدل، منها الخروج من اتفاقية باريس للمناخ، والخروج من الاتفاق الإيراني، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وغيرها من المواقف. وبعد مرور أكثر من عام على ولايته، فالمؤشرات الاقتصادية قد خالفت جميع التوقعات حيث شهدت تحسناً ملحوظاً. ولتقييم فترة ولايته إلى الآن، وبعيداً عن الحكم المسبق هل ترامب حقاً بهذا السوء؟، وهل سينتصر في حال ترشحه لولاية ثانية؟.

في المحور الاقتصادي، عمل ترامب في تغيير البيئة التشريعية، وإعادة صياغة الاتفاقيات التجارية لتحفيز الاقتصاد.

يظن البعض أنَّ الخروج أو إعادة صياغة بعض التشريعات التجارية قد يؤثر على الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن من المثير للاستغراب أن بعض الدول استجابت لإعادة التفاوض منها كندا وذلك عبر إعادة النظر في اتفاقية نافتا. وأيضاً العدول عن قانون "دود فرانك" والذي وقعه الرئيس السابق باراك أوباما، والذي يشدد على معايير الإقراض. فالانقلاب على هذا القانون قد حفَّز الدورة النقدية كونه يزيل العوائق من البنوك للإقراض، ولكن مخاطره كبيرة في حال حدوث أزمة عالمية جديدة. وعلى صعيد آخر، عمل ترامب على خفض الضرائب على متوسطي الدخل وعلى الشركات أيضًا. جميع هذه التشريعات حفزت الدورة الاقتصادية بشكل كبير، حيث سجلت الإحصائيات نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بـ 3٪، كما أن نسبة البطالة هي الأقل منذ 50 عامًا. أما على صعيد الأسواق المالية، فقد سجلت مؤشرات ناسداك وستاندرد آند بورز بارتفاع هائل بمتوسط 27٪.

أما في الجانب السياسي، فخروج ترامب من الاتفاق الإيراني اعتبره البعض سقطة وقد تقوض عملية السلام الدولية. إضافة إلى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة جريئة شكلت انتهاكهًا صريحًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. وفي نفس السياق، قامت الولايات المتحدة بقطع التمويل عن وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين "الأونروا " ما أثار استهجان الجانب الفلسطيني لهذه الخطوة، واعتبروها اعتداء سافرا على شعبهم. ما يثير الاستغراب في ترامب هو في الإقدام على الخطوات دون الاهتمام بنتائجها وعدم الرجوع عن مواقفه سواء كانت في الجانب المشرق أو المظلم من العملية. وفي المقابل، وفي الجهة الأخرى من العالم، وتحديداً في شبه الجزيرة الكورية، كان للولايات المتحدة دور كبير في تخفيف حدة الخلاف، حيث التقى ترامب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع الولايات المتحدة، وقد ترجمت بدفعة كبيرة لعملية السلام بين الكوريتين. كما تمثل القضية الفلسطينية أكثر القضايا تعقيداً، أما الآن وما حدث مؤخراً من انفراجة كبيرة، وغير مسبوقة في العلاقات العربية – الإسرائيلية، والتي تمثلت في زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للسلطنة، والبعثات الرياضية لكل من الإمارات وقطر، وإن كان الدور العُماني يتمثل في تقريب وجهات النظر، تظل راية الوساطة بينهم برعاية الولايات المتحدة كما أشار الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني.

سبق الرئيس ترامب العديد من الرؤساء مثيري الجدل مثل رونالد ريغان وجورج بوش الابن، وهم ليسوا أفضل حالاً منه، فهل تشفع إنجازات ترامب الاقتصادية، لترشحه لولاية أخرى؟!، مع الهجوم الإعلامي عليه، من الصعب التكهن، وتبقى الإجابة بيد الناخب الأمريكي.

تعليق عبر الفيس بوك