"ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ"

 

أميمة العجمية

 

القلم من أعظم النعم التي رزقنا الله تعالى بها، فهو أداة لترجمة ما يقوله اللسان والقلب والنفس. وهو نصف القراءة ورفيق الورقة. عرف ببساطة شكله وفي الحقيقة هو ذو شأن عظيم.. فيه سطرت الحضارات وقامت ممالك وإمبراطوريات، وبه تعلّمنا وجمعنا حصاد العلوم والمعارف والأفكار والأشعار والخواطر. فهو يكتب بحبره ما يملئ عليه اللسان. إنّه سفير الضمير.

لقد أقسم الله تعالى به في قوله: "ن* وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" صدق الله العظيم. فكم من أناس قد رفعتهم أقلامهم فنشروا بها الخير المديد وأصلحوا بها شعوبا كثيرة، ومنهم من وضعتهم أقلامهم فتجاوزوا بها الخطوط الحمراء فأفسدوا بها الكثير. وذكر أيضا في كتابه عزوجل: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" صدق الله العظيم.

وأوضح الله في هذه الآيات فأوّل كلمة تنزّلت على الرسول الكريم هي الأمر بالقراءة، ثم الإشادة بالقلم، وهو وسيلة نقل العلوم. والقلم عظيم بعظمة ما يتعلق به من العلم والمعارف، فبه كتب القرآن الكريم، وهو أشرف الكتب، وذكر الله تعالى أيضا صفة من صفاته وهي الكريم الذي علم بالقلم؛ هنا أوضح أهميّة الكتابه فالله تبارك وتعالى أخرج الإنسان من بطن أمه لا يعرف شيئا وجعل له السمع والبصر والفؤاد ويسر له أسباب التعلم.

فكم من روايات وكم من قصص ومواقف تعلم منها البعض واستفاد واعتبر منها الكثير. فالكتابة عبارة عن راحة من ضغط النفس لأنّ الإنسان يُعبر بها عن أشياء لا يريد أن يطلع عليها الآخرون. فالإحساس يصل إلى الآخرين بالكتابة، فهي عماد العلم البشري، وهي موهبة منحها الله سبحانه وتعالى للإنسان، وهي عطاء فكري، ففي الكتابة يكون الإنسان قادرا على اقتناء كلمات تمييزه عن غيره.

الحياة جميلة وسلسة، لكن ينقصنا التخطيط والترتيب، وقد رزقنا الله طرقا كثيرة لتطوير ذاتنا وتخطيط حياتنا والوصول إلى أهدافنا.. وفي الآونة الأخيرة أصبحت الحياة سهلة، فقد رزق الله علماءنا عقولا ألهمتهم ابتكار تكنولوجيا حديثة تسهم في تطوير القدرات الذاتية، ولم تكتف بالكتابة فجمعت الكتابة والقراءة والصوت والصورة وجميع ما يحتاج إليه الإنسان للكتابة، فقلم اليوم هو لوحة المفاتيح في الحاسوب وهو قصة لنجاح الكثير، فقد ساعد الكثير من الناجحين على الظهور ونشر ما تعلموه من خير وما اكتسبوه من خبرة ليساعدوا بها ويسعدوا الكثير غيرهم، وازداد الدعم من الكثير من الجهات المختصة فأصبح الوصول إلى المطالب أسهل والتواصل سهلا للغاية.

ما زال هناك الكثير من الوقت وما زالت لدينا الفرصة لتحقيق كل ما نطمح إليه، فقط ينقصنا التخطيط وإدارة الوقت، فكل ذلك لابد من تدوينه، ومن هنا نحن بحاجة إلى ورقة وقلم. فها هو القلم اليوم يحلق فتنطلق منه العبارات تصل إلى أقاصي الدنيا في لحظة واحدة ليقرأها الملايين، لذا على كل كاتب أن يخشى الله سبحانه وتعالى في كل ما يكتب؛ فالقلم سلاح ندافع به ونرتقي به إلى المجد والمكانة العالية، فأحسن استخدامك لنعم الله.

لم أكتب هذا لمقال إلا وأنا أعني الكثير، فقد أصبحت لوحة المفاتيح تستخدم بطريقة خاطئة في كتابات نشرت الكثير من الفتن وأحبطت الكثير من الناس بالتعليقات المستفزة والكلمات غير اللائقة، وأضرت الكثير فدخلوا في مساءلات قانونية فـ "قل خيرا أو اصمت"، واجعل من استخداماتك لنعم الله خيرا يذكرك به الجميع.

رسالتي لكل قارئ.. همتك للآخرة ثم سعيك في الحياة ثم قوتك في التخطيط وإدارة الوقت وأخيرا جهدك للوصول إلى المنال (الهدف)، فأنت قادر على النجاح، وادرك ذلك ولا تنسى أن كل ذلك عبادة.. وأختم مقالي بقوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا"، صدق الله العظيم. إحسانك وإخلاصك في عملك لا ينسى فاجتهد.

تعليق عبر الفيس بوك