مختصون: توظيف التقنيات يخدم مسيرة التعليم.. والاستخدام الخاطئ إهدار للوقت والطاقة

الرؤية - محمد قنات

أكَّد عددٌ من الأكاديميين أنَّ اللجوء لاستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في التعليم والتعلُّم له أهميَّة كبيرة في تطوير العملية التعليمية في المدارس والجامعات، ويزيد من عملية التفاعل بين الطلاب في تبادل المعلومات والحصول عليها بسهولة. مشيرين إلى أنَّ هنالك بعضَ السلبيات من استخدام التكنولوجيا في عملية التعلم؛ تتمثل في أن البعض يُدير مُؤشِّر البحث ليستخدم المعلومات في مطلوبات دراسية دون نسبها لمصدرها، وهو ما يُؤدي إلى عدم رسوخ المعلومة المراد البحث عنها؛ إذ من الضروري أن تكون هنالك عملية مواكبة ما بين التكنولوجيا مع المناهج، وتدريس الطرق السليمة والعلمية لعملية استخدام التكنولوجيا في عملية البحث والتعلم.

وقال د. صالح الفهدي: إنَّ امتلاك المعلومة أصبح معيارَ القوة للمجتمعات، لكن الأهم هو تحديد الهدف؛ إذ يُقال إنْ لم يكن لك اتجاه مُحدَّد فكل الطرقِ تصلحُ لك، ومعنى ذلك أننا سنضيعُ وسنُهدر أوقاتنا وطاقاتنا إنْ لم نحدد الهدف. وأضاف: علينا أنْ نسأل أنفسنا ما الذي نريد الوصول إليه من أهداف، قبل أن نحدد الوسيلة، فإن كنا نتشبث بمسلك تعليمي تقليدي مع استخدام التكنولوجيا فذلك تناقضٌ صارخ لا يمكن أن ينتج إلا الانفصام؛ بمعنى أنه لا يمكن للطالب أن يحمل حقيبة ثقيلة -على سبيل المثال- مُحمَّلة بالكتب، ثم يستخدم الجهاز اللوحي "الآيباد" لدراسة بعض البرامج الممنهجة من مؤسسات مختصة، والصحيح أن نجدِّد أفكارنا ومناهجنا التعليمية للمواءمة مع التكنولوجيا، للاستفادة منها، فيكون الاستخدام الصرف للتكنولوجيا، والتخلص من الأسلوب القديم للوسائل التعليمية.

وتابع الفهدي: إنَّ أهمية الاستفادة المعلوماتية عبر التكنولوجيا للأبحاث والدراسات، تقتضي تعليم الطلَّاب كيفية الطرق للبحث عن المعلومة، ومصادرها السليمة؛ إذ يتعرَّض الطالب في بحثه لغَزَارة من المعلومات لا تنتهي، لكن وعلى منهج الجامعات الغربية تمنح الطالب عضوية في مواقع تتيح الاطلاع على دوريات محكَّمة تعتبر في صدارة المراجع البحثية، ولا يمكن الوصول إليها إلاَّ بالاشتراك الذي تمنحه الجامعة أو بالعضوية الشخصية، وهناك إشكالية تواجه الطلاب في عملية الاستفادة البحثية؛ لأنهم لم يتعلَّموا منذ الصفوف الأُولى منهجية البحث؛ لهذا نجدُ تخبُّطاً وغموضاً في البحث عن المعلومة، وما يحدثُ في كثير من الأحيان أنَّ الكثير من الطلاب يقومون بنسخ معلومات باللغة العربية، ثم ترجمتها إلى الإنجليزية عبر موقع "جوجل"، وتقديمها على أنها معلومات كتبوها بأنفسهم، إضافة إلى أنَّ هناك أفراداً يعملون في الظلِّ يقومون بإعداد البحوث نيابة عن الطلاب نظير مبالغ مالية. وللأسف، فإنَّ المؤسسات التعليمية قد تغُض النظر عن ذلك، فما يهمَّها هو تقديم البحث أيَّا كان مصدره؛ إذ إنَّها لا تناقش الطالب فيه، ولا تقيس مستوى اللغة بمستوى لغة الطالب، فبعض الطلاب لا يستطيع أن يبني جملة مفيدة باللغتين العربية والإنجليزية، فكيف به أن يقدِّم بحثاً رصيناً؟!

ورَأى أن الاستفادة من التكنولوجيا ضعيفة، وستظل كذلك ما لم تُوفر المدارس والكليات والجامعات الاشتراك في مواقع علمية تتوافر بها مصادر علمية مرموقة، يُمكن للباحث أن يستعين بها. أما البحث في المواقع المختلفة فهو مُضنٍ، وغير مُجدٍ في كثير من الأحيان، على أنه يمكن الحصول مع طول البحث وصبر الباحث على بعض المعلومات القيِّمة بحسب مصدرها الذي يجب أن يشار إليه أيضاً في مراجع البحث. ويجب تنشئة الطلاب منذ صغرهم على ثقافة الاستفادة الحقيقية والفاعلة من التكنولوجيا من أجل البحث عن المعلومة وبنائها، واشتراك الكليات والجامعات، بل والمدارس، في مراحلها الدراسية الأخيرة كالفصل الثاني عشر، في مواقع بحثية علمية معروفة؛ من أجل تدريب الطالب على البحث في مناهله الأصيلة، وتعليمه طرق البحث عن المعلومة.

من جانبها، قالت د. وفاء الشامسية مُحَاضِرة بجامعة الإمارات العربية المتحدة: إنَّ تكنولوجيا التعليم عبارة عن صياغة تطبيقية للمفاهيم في ضوء العلاقات بين المعلم والمتعلم، وكل من يهتم بالعملية التعليمية ويشارك في العملية التعليمية والمواد، وتتمثل في لغة الاتصال التعليمي اللفظية وغير اللفظية، والأدوات التعليمية التي تسهم في نقل المادة التعليمية للمتعلم، نقلاً ميسراً يقلل من أخطاء التدريس التقليدي.

وأضافتْ: إن لتكنولوجيا التعليم إيجابياتها؛ حيث تلعب دوراً رئيسيًّا في تنشيط حواس الطالب لتعامله المباشر معها؛ حيث تثير الانتباه وتجذبه من خلال استثارة عدد من العمليات النفسية الداخلية التي تزيد من نشاط الطالب وحماسه للتعلم؛ فتضمن بذلك استمرار تركيز انتباهه على المادة العلمية المعروضة عليه. كما أنها تزيد من معدل الإدراك، وتختلف نسبة الإدراك من طالب لآخر وفق خبراته السابقة وطريقة عرض المادة العلمية أمامه وتفاعل أعضاء الإحساس لديه معها. وتابعت: كما أنَّ لتكنولوجيا التعليم دورا رئيسيًّا في تنشيط عملية التفكير لدى الطالب؛ باعتبار أنها تؤدى إلى تنمية قدرات الفرد من خلال العناصر المتفاعلة المكونة لها، والتي تؤثر في بعضها البعض؛ لذا كان تدريب الطالب على التفكير العلمي المنظم مستخدماً عمليات التفكير المختلفة (التفسير والتحليل والتقويم) مهمًّا؛ مما يساعده في تحقيق الأهداف بسهولة ودقة عالية. وأشارت غالبية الدراسات التجريبية إلى أنَّ التعلم يبقى مدة أطول لدى الطالب؛ حيث تشترك أكثر من حاسة لديه في أثناء الانتباه للمادة العلمية.

وأشارت إلى أن طالب اليوم يَعي أهمية التكنولوجيا في حياته التعليمية والتعلميّة، ويعتمد عليها بنسبة كبيرة، وكذلك المعلم، ومن واقع تجربتي الأكاديمية الحاليّة؛ فإننا نستجد الوسيط الذكي (الآيباد) في توفير المادة التعليمية للطلاب، إضافة إلى استخدام تطبيق "البلاك بورد" وهو ما يسهّل على المحاضر التواصل مع طلابه، وتكليفهم بالأنشطة المختلفة، وقياس تفاعلهم مع المادة المقررة، وخدمات أخرى يقوم عليها هذا التطبيق وغيره.

وقالت زينب بنت محمد الغريبية كاتبة وباحثة تربوية: نحن مُستهلكون للتكنولوجيا بنهم وبالطريقة غير الصحيحة، فنضع في أيدي أبنائنا أجهزة اللعب مثل (البلاي ستيشن) والهواتف الذكية في سن مبكرة ويمرحون دون رقابة، حتى تصير أهميتها أكثر من الطعام والشراب، ومن هنا تنشأ أهمية التركيز على استثمار أهميتها في التعليم ليستفيد منها الأبناء. وأضافت: إنَّ إقبال الطلاب على الاستفادة من محركات البحث في العملية التعليمية أصبح أكثر من فترات سابقة؛ حيث لم تكن هناك تكنولوجيا متطورة، إلا أن الطلاب يحتاجون إلى المزيد من التوجيه، ومعرفة كيفية الحصول على المعلومات من مكانها الصحيح، والتعامل معها بأخذ الفكرة وإعادة صياغتها وتوثيقها بالمرجع المأخوذة منه، هذا إضافة لإقبال الطلاب على استخدام برامج الحاسب الآلي لكتابة وتنسيق ما قاموا بالبحث عنه، وكذلك استخدام برامج التصميم والفيديوهات وتعديل الصور، وبرامج الرسم والتلوين، وبرامج تقديم العروض لما توصلوا إليه في أبحاثهم، وأكثرهم يتعلمون ذاتيا، وبطريقة الخطأ والصواب.

وأضافت الغريبية: إنَّ استخدام التكنولوجيا موضوع شائك ومهم للغاية، فلو نجحنا في تحويل اهتمام الطلاب الصغار والشباب به من المسار الخاطئ والاستفادة منه ببرامج مشوقة وألعاب موجه علميًّا سيحدث ذلك فارقا في النتائج المنشودة لهم علميا وسلوكيا، وهذه المهمة مشتركة بين المنزل والمدرسة أو المنزل والكلية أو الجامعة.

وأوضح عبد الرحمن سعيد الساعدي معلم تقنية معلومات عضو مجلس ادارة الجمعية العمانية لتقنيات التعليم: إنَّ أطفال هذا الجيل يحتاجون إلى خلط التعلم بالمتعة، وهذا قد يتحقق بأكثر من طريقة، لكنَّ أهمها استخدام التكنولوجيا وتوظيفها في التعليم بطريقة الصحيحة، وهنا أيضاً يتطلب بعض الابتكار من المعلمين، خاصة وأنَّ هناك الكثير من الأفكار المطروحة لاستخدام التكنولوجيا الموجودة، ولكن تحتاج إلى تخطيط وبعض الابتكار لدمجها بالعملية التعليمية، ومع تقدم العلم وتطور العصر أصبحت التكنولوجيا من أساسيات الحياة اليومية، وأصبح الأفراد لا يستغنون عنها وهي جزء لا يتجزأ من حياتنا الدراسية اليومية. وأضاف: إنَّ استخدام مختلف التقنيات الحديثة في العملية التعليمية يعزز من فهم واستيعاب الطلاب لدروسهم، وهو بمثابة حافز معنوي لمواصلة اجتهاد الطلاب وتقدمهم؛ حيث إن معظم الطلاب يستخدمون مختلف التكنولوجيا الحديثة في تطبيق بحوثهم العلمية، وتعد من الأدوات الرئيسية في إنجازها. وتابع: إنَّ التكنولوجيا الحديثة بشتى أنواعها تعد المورد الرئيسي والأسرع في توفير مصادر معلومات علمية مختلفة تخدم طالب العلم، ونظرا لتطور التكنولوجيا المختلفة وتغير العصر والزمان أصبح الجميع ملمًّا بأهمية التكنولوجيا ومدى فائدتها في حياتنا العلمية والعملية، وأصبح معظم أفراد المجتمع يستخدمونها كمصدر ومرجع رئيسي يسهل الوصول إلى المعلومة.

واعتبرت أبرار البلوشية أنَّ التكنولوجيا هي رفيقة المرء في العصر الحالي، أو تكون مصاحبة لكل الأنشطة، وربما ستصبح عبئاً إن تم إدخالها في العملية التعليمية بشكل تام؛ بمعنى أن لا ندع الطالب يرتكز عليها في عملية البحث وإعداد التقارير، فحينها ستجد المطلوب أمامك في ثوانٍ معدودة جاهزا كاملا للنقل أو الطباعة؛ مما يُفقد الطالب لذة البحث ويُفقده مهارة جمع المعلومات وتنسيقها.

وتابعت: إنَّ بعض العناء في جمع المعلومات له فائدة من حيث اكتساب مفاهيم جانبية، وأخرى من حيث تطوير القدرة لدى الطالب على الجمع والتنسيق والتعبير بطريقته الخاصة؛ مما يُغذي الحس التذوقي والتعبيري، وبعدها في مرحلة متقدمة يُصبح له أسلوبه الخاص.

وأشار ماجد بن خلفان الحراصي إلى أنَّ التكنولوجيا أصبحت من الضروريات في مجال التعليم؛ حيث تقرب البعيد وتوضح المبهم، وتسهل كل صعب؛ فتطبيقها له الأثر البالغ في عملية التعلم والتعليم، ويُسهم في فتح مدارك المتعلم وإكسابهم مهارات تقنية وفنية في استخدام التكنولوجيا ومواكبة التطور في استخدام التقانة والأجهزة. وأضاف: إنَّ استخدام التكنولوجيا بالطريقة الفاعلة يجعل من استخدامها مهمًّا في عملية التعليم، فمن خلالها تحقق أهدافها وتكسب المتعلم أهم المخرجات المرجوة؛ حيث يُساعد استخدام التكنولوجيا الحديثة خاصة في إعداد وتنظيم وترتيب البحوث العلمية، على تقديم أوراق العمل وعرضها وتسهيل توصيل المعلومة للمتعلم بطريقة سريعة ولحظية.

تعليق عبر الفيس بوك