أين المستثمر العماني؟!

 

فايزة الكلبانية

"أين هو المستثمر العماني؟!" سؤال يطرح العديد من علامات التعجب عن غياب المستثمرين العمانيين عن الاستثمار في أرض الوطن بمختلف محافظاتها؛ في ظل النداءات والمناشدات بضرورة إطلاق مبادرات من قبل أصحاب الأعمال، وتفعيل القطاع الخاص من منطلق الشراكة المجتمعية مع الحكومة.

قد نجد أسماء معدودة هي التي تعمل بكفاءة في توظيف أموالها واستثماراتها في مشاريع تنموية تعود بالنفع عليهم وعلى الوطن وأبنائه، لكن الواقع يشير إلى غياب عدد كبير من كبار المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة؛ الذين استفادوا من خيرات الوطن على مدار سنوات مضت، وحين يأتي الوقت لرد الجميل للوطن والوقوف جنبا إلى جنب مع الحكومة للمساهمة في تنفيذ مشاريع وضخ استثمارات لتأسيس مشاريع تنموية وخدمية في ظل تحديات تراجع أسعار النفط والأزمات الاقتصادية لما فيه نفع البلاد والعباد؛ نجدهم غائبين عن الساحة وفي صمت عجيب. ما الفائدة من تكديس الثروات والأموال وتحويلها إلى المصارف والبنوك الخارجية في انتظار الفوائد والأرباح التي تعود منها، ونحن قادرون على إعادة تدوير واستثمار رؤوس الأموال تلك بمشاريع قد تدر علينا دخلا أكبر مع اختلاف الأوضاع بالسوق.

علامات استفهام تجول في خواطرنا كلما جاء ذكر الاستثمار العماني، وتحديات الاستثمار في السلطنة، كثير منّا يناشد الحكومة بضرورة وجود مرافق ذات خدمات عالية الجودة في المناطق السياحية المختلفة سواء بالجبل الأخضر أو صلالة أو مسندم أو عبري أو الدقم، جميعنا يشعر بالاستياء لغياب الحدائق الترفيهية المزودة بألعاب تبهج أطفالنا بالولايات والمحافظات، والتي ستغني الأهالي عن التوجه للعاصمة أو الولايات المجاورة ممن تتوفر لديهم هذه الحدائق الترفيهية المزودة بالألعاب والتي تُمكنهم من قضاء وقت ممتع لأطفالهم في حدود ولايتهم، والكثير يبحث عن وجود مراكز تجارية تتوفر فيها كافة المستلزمات المتعددة ومختلف الامتيازات والماركات التجارية والتسويقية التي تغني أصحاب المحافظات عناء ومشقة الطريق إلى دولة الإمارات العربية الشقيقة أو العاصمة مسقط أو غيرها من الولايات التي قد يتوافر فيها القليل من هذه المراكز المرغوبة، البنايات السكنية التي تتركز في العاصمة أيضا دون غيرها والتي يتم التلاعب في أسعار التأجير فيها متعللين بتغير أسعار السوق التي تؤثر على حركة العقارات بالسلطنة، وغيرها من الخدمات التي يبحث عنها المواطن والسائح والمقيم بالسلطنة.

فكما نتساءل دائمًا "أين الحكومة؟!" ونلقي اللوم على الحكومة كما جرت العادة، ولا أقف هنا موقف الدفاع؛ لأنها بدورها لابد أن تسهل الإجراءات أمام المستثمرين، ولكن اليوم لابد أن نتساءل أيضا "أين هو المستثمر العماني ومبادرة هؤلاء المستثمرين في تأسيس مشاريع مختلفة كجزء من ثقافة رد الجميل لهذا الوطن؟!".

مسؤوليتنا اليوم تجاه الوطن لابد أن تكون ضمن أولويات خططنا واستدامة أعمالنا؛ لأنّ الوطن بحاجة للمزيد من المشاريع والاستثمارات والتي من جهتها بحاجة إلى سرعة في الإنجاز وقهر جميع التحديات التي تقف عائقا أمام نجاح هذه الاستثمارات.

نأمل أن ترتقي مشاريعنا ولا تقتصر على صغار المستثمرين من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وشركات العقارات والسيّارات والمواد الغذائية، ليكون التركيز على المشاريع الصناعية بشكل أكبر ومشاريع ذات القيمة المضافة العالية، فتحديات الإجراءات التي يتغنى بها الكثير من المستثمرين لم تقف عائقا أمام المشاريع الأجنبية كــ "اللولو.. السفير، كارفور....إلخ".

نحن بحاجة لمستثمرين ذوي جدية وإدارة ورغبة في الاستثمار، يسخرون كل طاقاتهم للتغلب على هذه التحديات.

تحية أبعثها اليوم عبر سطور مقالي هذا إلى أولئك المستثمرين العمانيين من أصحاب الأعمال الصامدين أمام تحديات القوانين والإجراءات والتعقيدات من مختلف الجهات المعنية، والمساهمين ببصمات استثماراتهم في استمرار عجلة التنمية بالبلاد وخلق فرص عمل لأولئك الباحثين عن عمل، ونناشد بالمقابل كبار المستثمرين الذين يسجلون غيابهم عبر سجلات الاستثمار المتاحة، فاليوم يقع على عاتق القطاع الخاص الشيء الكبير في المساهمة بإنعاش الاستثمار وحركة التنمية بالبلاد، وتنفيذ الـ120 مبادرة من مخرجات "تنفيذ".