عن الحرب!.. مقام ثالث


عبد الوهاب لاتينوس – السودان
 
الحرب؛ هي تضاد الأنا والآخر..
هي الكل ضد الكل ..
في الحرب لا أحد يظل بشريًّا /
فالكل يغدون آلهة ضالة ..
يتملكهم النشوة الملعونة :
نشوة السُكر /
نشوة العُهر /
نشوة السلب /
نشوة القتل ..
في الحرب الكل يغدون /
عربدةً ضالّين ..
ولكأنّهم يأتمرون بأمر /
إله الفسقُ ديونيسوس ..
الحرب؛ هي عبثية اللامعنى/
حين نحصدُ أرواحاً آدمية /
نخالها مفخرة ..
حين نُغتالُ نورُ الكونِ الساطعُ /
ونُعلنُ ميلادُ الظلامْ ..
الحرب؛ هي طقسُ موتٍ مقدس /
باركها الجميع؛ تناصراً أو تواطئاً ..
في الحرب تتراقصُ الأموات /
رقصةُ النشوة الأخيرة ..
حين يخيطون أجسادهم بالمدافع ..
حين نركضُ صوبِ العدم /
بأخيلة نشوانة ..
الحرب؛ هي تعاويذ الخراب /
هي قرابينُ العدم ..
في الحرب نتبرأُ من تعاليم السماءِ /
ونجدّفُ ضد حكمة الخالِق ..
لنولدُ من جديدٍ /
محضُ أمساخٍ ملعونة ..
لنولدَ بلا عقلٍ /
بلا قلب ..
لنولدَ جوعى للقتل /
عطشى للدماء ..
في الحرب نجرٌّ أسمالُ الخراب /
ظناً منّا قرابينْ فِداء ..
في الحرب نخطو صوبْ حتفِنا طوعاً /
نعلنُ انتصارُ الموت /
وميلادَ البؤس ..
لا أحدَ يؤدي طقوسَ موتهِ /
إلا في الحربْ ..
في الحربُ نمشي على جنائزنا /
ونحن نضحك أو لربما نبكي /
نهزأ أحياناً على غبائنا ..
غبائنا المزدوج معاً:
دخولنا الحربُ أولاً /
والموتُ ثانياً ..
نتساءل مُرغمين:
مَنْ نقاتلُ مَنْ ؟
 ولأجل مَنْ ؟
ولأيّ هدف يا ترى ؟
ومَنْ المستفيد؟
أسئلة لم يسعفُها وقتٌ /
لتحظى بالإجابة ..
حين خذلتها عدم تناسب /
الظرف والزمان ..
الحرب ؛ هي لعنةُ الأبدية /
هي لعنةُ الوجود..
الحرب؛ هي استعبادُ الرغبات ..
إذ لا أحد قد  اختار أن يكون /
قاتلاً أو مقتولاً ..
في الحرب كلّنا موتى..
فقط منّا مَنْ تعجّلوا الموت /
واختاروا الهربَ سريعاً ..
ومنّا مَنْ أجّلوا الموت /
واختاروا التريّث ..
أم إن للموت سُطوته/
في التعجيل والتأجيل ؟!
قبيل الحرب - وفيها - نهتف
باسم الآلهة تمجيداً وتعظيماً ..
وبُعيد الحرب نلعنُ الشيطان /
ونحمِّله الخطيئة ..
نحمِّله الخراب ..
نحمِّله الدمار ..
نحمِّله ما اقترفته أيدينا /
وقلوبنا الآثمة ..
بُعيد انتهاء الحرب /
نجد أحذيتنا ملطّخة /
بدماءُ قتلانا ..
والآلهة لم تكلِّف نفسها /
سوى عناءُ المشاهدة !!
في الحرب نتقيأ شرورنا/
المحبوسة زمناً ..
لتأفل شمسُ الخير /
ويبزغُ نجمُ الدمامةُ الآدمية ..
الحرب؛ هي عدمية باركتها السماء ..

 

تعليق عبر الفيس بوك