حياة الليل الصاخبة في العاصمة السورية تتناقض مع الأوضاع في الغوطة الشرقية

رقص على الأطلال.. عودة "ما يشبه الحياة الطبيعية" في دمشق

...
...
...
...

 

الرؤية – الوكالات

أصبح بمقدور بعض السكان في العاصمة السورية دمشق الاستمتاع بما يشبه الحياة الطبيعية بعد انتهاء القتال في المنطقة، لكن وسط أنقاض البلدات القريبة المدمرة والفقيرة لم تشهد الحياة فيها اختلافا كثيرا.

ظلت منطقة وسط دمشق خاضعة لسيطرة الحكومة طوال الحرب ولم تتعرض لدمار يذكر مقارنة بالمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وهو ما يعكس الهوة الشاسعة في القوة العسكرية بين الجانبين، فقد سوت القوات الحكومية السورية مناطق بأكملها تقريبا بالأرض في الغوطة الشرقية الواقعة على أطراف دمشق خلال هجوم شنته في الربيع الماضي لاستعادتها من قوات المعارضة.

وعندما استسلمت الغوطة الشرقية آثر عشرات الآلاف من سكانها سواء من مقاتلي المعارضة أو المدنيين مغادرتها عبر ممر آمن إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سوريا بدلا من العيش تحت سلطة الحكومة. واختار آخرون البقاء.

وزال الآن خطر الإصابة بالرصاص أو بالقذائف قرب العاصمة، لكن وسط دمشق، حيث حياة الليل الصاخبة والحي التجاري المزدحم، تبدو وكأنها عالم آخر مقارنة بالصعاب في الغوطة الشرقية.

ويعود الكثير من الفضل في الانتصار الذي حققه الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب إلى روسيا التي تدخلت لدعمه عام 2015 وأصبح من المألوف رؤية قواتها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية. وحتى أثناء القتال، كان سكان دمشق يخرجون في المساء لتناول الطعام والشراب والرقص، لكن الحانات والمطاعم في الحي القديم باتت أكثر انتعاشا هذا الصيف.

وقالت دانا (24 عاما)، وهي نادلة في حانة بينما كانت تعد أحد المشروبات "خلال الحرب عندما كانت القنابل تتساقط.. كان من الممكن أن تمر أيام بدون زبائن لكننا لم نتوقف عن العمل".

وتعمل صالونات تصفيف الشعر بشكل جيد وتنشط المقاهي في الشوارع المرصوفة بالحصى في المدينة القديمة في أمسيات عطلة نهاية الأسبوع.

وهذا أول صيف يمر على العاصمة بدون أصوات القتال منذ 2011. وفي حفل زفاف خارج المدينة، جاء الضجيج هذه المرة من فرقة طلابية لموسيقى الروك تدعى كبريت مؤلفة من قارع طبول وعازفين للجيتار ومغن. وحمل الأصدقاء والأقارب العريس على أكتافهم وسط تصفيق المدعوين.

وعلى بعد بضعة كيلومترات، وتحديدا في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، كانت الأنقاض في كل مكان. وفي مبنى خربته ثقوب الرصاص كان رجل في الطابق الخامس يزيل الحطام من شرفة ويجهز شقته للسكن مرة أخرى.  هناك شوارع تبدو مدمرة تمام.  وفي أحد أكبر المستشفيات بالمنطقة، والتي أحدثت القذائف فتحات كبيرة فيها، لا يزال المسعفون يؤدون عملهم في القبو.

وعلى أحد الأسرة جلست امرأة تحمل طفلها وهو يترقب بخوف حقنة الطبيب. وفي الشوارع المدمرة، كان صبي يبيع الذرة المشوية على عربة بين المباني المحطمة.

وقد انتهى القتال في دوما منذ بضعة أشهر فقط، لكن أي عملية إعادة إعمار كبيرة قد تستغرق وقتا أطول من ذلك بكثير. ولا تستطيع سوريا تحمل تكلفة برنامج إعادة إعمار كبير. ومن المستبعد فيما يبدو أن يتحمل أقرب حليفين لها، وهما روسيا وإيران، هذه النفقات. ولن تقدم الدول الغربية أي أموال دون عملية انتقال سياسي للسلطة.

وفي حي الخالدية بحمص، الذي استعادته الحكومة عام 2013، يبدو بطء التعافي جليا. وباتت معظم مناطقه كمدن أشباح غير مأهولة بالسكان وتغلقها القوات الحكومية.

وفي إحدى المناطق، كان أولاد يلعبون كرة القدم بالقرب من مبان ألحقت بها القنابل دمارا كبيرا. وصنع الأولاد مرماهم من براميل زيت صدئة وحبال.

وقال أبو فارس وهو صاحب متجر في مدينة حمص القديمة إنّ السوق المغطى كان يكتظ بالمتسوقين، لكن لا يرتاده الآن سوى عدد قليل. وحتى بالنسبة للشبان الذين يستمتعون بحياة الليل في دمشق، فقد دفع تحدي التعافي الاقتصادي الطويل والبطيء الكثير منهم للتفكير في مغادرة البلاد.

وقالت رشا (30 عاما) وهي صاحبة حانة "أحب عملي. أحب الحانات وحياة الليل هنا، لكن في النهاية أود أن أخرج من سوريا. لا أرى مستقبلا هنا". وأضافت: "عندما كانت الحرب دائرة وتسقط القنابل كل يوم، لم أكن أرغب في المغادرة؛ لكني الآن أرغب".

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك