السلطنة قادرة على الإسهام في تعزيز التعاون بين الأطراف الإقليمية والدولية لبناء السلام

عُمان وفلسطين .. دعم وتضامن مع حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة

صورة أرشيفية

مسقط - العمانية

بالرغم من أهمية وخطورة الكثير من التطورات التي تمر بها دول وشعوب المنطقة العربية والشرق الأوسط بوجه عام على امتداد السنوات الأخيرة وما صاحب ذلك من ظهور واستمرار حروب ومُواجهات مسلحة وتعرض دول وشعوب شقيقة إلى محن ومخاطر حقيقية في حاضرها ومُستقبلها إلا أنَّ ذلك لم يطغ في الواقع على الأهمية التي تمثلها القضية الفلسطينية بالنسبة للسلطنة دولة وشعبًا وهو ما أكدته المواقف العمانية والعلاقات العمانية- الفلسطينية أيضًا.

وفي هذا الإطار، فإنِّه مما له دلالة عميقة أن يؤكد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المُعظم- حفظه الله ورعاه- منذ عقود وسنوات عديدة على وقوف السلطنة الدائم والحازم مع القضايا العادلة وفي طليعتها قضية الشعب الفلسطيني الذي يعمل من أجل استرداد حقوقه وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة إيماناً بحق الشعب الفلسطيني الشقيق في العيش في أمن وسلام في إطار دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ويقيناً أيضًا بأن السلام والأمن والاستقرار لا يُمكن أن تتحقق لطرف على حساب آخر. وفي الوقت الذي عملت فيه السلطنة بكل السبل الممكنة من أجل دعم وتأييد جهود الشعب الفلسطيني الشقيق وقيادته لنيل حقوقه، فإنَّ الدعم العماني لم يقتصر في الواقع على تأييد الموقف والحقوق الفلسطينية عبر المؤسسات العربية والإقليمية والدولية ولكنه امتد كذلك إلى مؤازرة الجهود الفلسطينية والعمل على التخفيف مما يُواجهه من محن وأزمات بأشكال مختلفة. وهناك العديد من أشكال ومجالات التعاون بين السلطنة ومؤسسات الدولة الفلسطينية وعلى مستويات مختلفة وعلى نحو يشمل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة فضلاً عن التأييد العماني لكل جهد مخلص يمكن أن يسهم في استئناف جهود السلام، خاصة وأنَّ الشعب الفلسطيني الشقيق تحّمل ولايزال يتحّمل الكثير من المعاناة والتضحيات من أجل نيل حقوقه المشروعة والتي أقرتها واعترفت بها كل الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية والمجتمع الدولي.

وأكدت السلطنة على نحو واضح وبالغ الدلالة أهمية وضرورة العمل من أجل استئناف الجهود الخاصة بحل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، خاصة وأنَّ الفشل في تحقيق ذلك لأي سبب من الأسباب من شأنه تأجيج العنف وزيادة عدم الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية التي تواجه في السنوات الأخيرة تحديات ومخاطر عديدة. ولعل مما له دلالة عميقة أنه برغم صعوبة الظروف العربية والإقليمية الراهنة، إلا أن السلطنة لا تزال تأمل في إمكان العمل لتهيئة المناخ لاستعادة الحوار بين الأطراف المعنية، والدفع عبر الجهود المخلصة لاستئناف مفاوضات السلام التي تظل السبيل الذي لا غنى عنه والذي لا يُمكن تجاوزه للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة في تحقيق آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني، وتمهد الطريق أمام السلام الشامل والأمن والاستقرار لدول وشعوب الشرق الأوسط. ومن خلال هذا الإدراك العميق، أشار معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في كلمة السلطنة أمام الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 سبتمبر الماضي إلى أنَّ "السلام من وجهة نظرنا يعتبر ركيزة أساسية للاستقرار والتنمية.. وأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لمنطقة الشرق الأوسط، وأن تعاون المجتمع الدولي لإيجاد بيئة مناسبة تساعد على إنهاء الصراع أصبح ضرورة إستراتيجية ملحة ويعتقد أن الظروف القائمة حاليًا رغم صعوبتها وتوقف الحوار باتت مواتية لإيجاد بيئة لنقاشات إيجابية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل إلى تسوية شاملة على أساس حل الدولتين، حيث إنَّ عدم قيام الدولة الفلسطينية يؤدي إلى استمرار العنف".

ومع وجود واستمرار الاتصالات وتبادل وجهات النظر بين السلطنة والقيادة الفلسطينية، حول كل ما يُمكن أن يخدم ويعزز الجهود الفلسطينية لاستعادة الحقوق المشروعة، فإنَّ الزيارة التي يقوم بها فخامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيس دولة فلسطين للسلطنة واستقبال حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- لفخامته تتسم بالكثير من الأهمية والدلالة على صعيد تعزيز العلاقات العمانية الفلسطينية الوثيقة في مختلف المجالات في ظل الظروف الراهنة، والتي برغم صعوبتها يمكن إيجاد بيئة مواتية لمناقشات إيجابية بين الأطراف المعنية لدفع الخطى على طريق التوصل إلى اتفاق شامل يُحقق الأهداف والمصالح الفلسطينية ويسهم في بناء السلام والاستقرار والتعايش السلمي بين دول وشعوب المنطقة وأجيالها القادمة. والمؤكد أنَّ النجاح في تحقيق ذلك يتطلب التعاون الجاد والمخلص من جانب كل الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل والقوى الدولية والإقليمية المعنية الأخرى وهو ما يُمكن للسلطنة الإسهام فيه بحكم علاقاتها ومكانتها التي تتمتع بها إقليميا ودوليا.

تعليق عبر الفيس بوك