توصيات بتبني معايير "الآيزو 26000" لتجويد المشروعات ودمج البرامج في الخطط الاستراتيجية للحكومة

منى بنت فهد: المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية منصّة وطنية لدعم خطط التنمية المستدامة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

الكلباني: شراكة استراتيجية بين "التنمية" والقطاع الخاص والمؤسسات الأهلية لتحقيق التنمية

الطائي: استدامة مشاريع المسؤولية الاجتماعية تدعم النمو الاقتصادي

الدعوة لإنشاء جائزة عليا لتكريم الشركات الفاعلة في المسؤولية الاجتماعية

 

الرؤية- فايزة الكلبانية

تصوير/ راشد الكندي

 

انطلقت صباح أمس أعمال الدورة الثانية من المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية، تحت رعاية صاحبة السمو السيّدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد مساعدة رئيس جامعة السلطان قابوس للتعاون الدولي.

وتحمل الدورة الثانية من المنتدى الذي تنظمه جريدة الرؤية- عنوان "المسؤولية الاجتماعية.. التزام وطني لدعم التنمية المستدامة"، ويقام المنتدى على مدى يومين في فندق جراند ميلينيوم مسقط.

وأكدت صاحبة السمو السيدة الدكتورة نائبة رئيس جامعة السلطان قابوس للتعاون الخارجي أنّ المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية يمثل منصة وطنية تعمل على دعم خطط التنمية الشاملة التي تقودها الحكومة الرشيدة، تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه-.

تضافر الجهود

وعقب رعاية سموها لانطلاق أعمال المنتدى قالت- في تصريح صحفي- إنّ المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات العاملة في البلاد لم تعد رفاهية أو عملا من أعمال الدعاية للشركات، بل تحوّلت إلى ركن أصيل في مسيرة التنمية المستدامة، في ظل تضافر جهود مؤسسات الدولة العامة والخاصة من أجل الإسهام في بناء الوطن وتحفيز مختلف القطاعات على النمو. وأكّدت سموها أنّ حرص جريدة الرؤية على تنظيم هذا المنتدى يعكس إيمانها العميق بالدور التنموي الذي ينبغي أن تؤديه وسائل الإعلام، في خدمة الوطن، بجانب الدور التنويري والمعرفي المتمثل في التغطيات الصحفية اليومية. وأعربت سموّها عن سعادتها برعاية انطلاق أعمال الدورة الثانية من المنتدى، والتي تأمل أن تخرج بجملة من التوصيات الطموحة بما يخدم تعزيز مشروعات المسؤولية الاجتماعية، ويؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة بين مختلف القطاعات. وأشارت سموها إلى عنوان الدورة الثانية "التزام وطني لدعم التنمية المستدامة" وقالت إنّ محتوى المنتدى هذا العام يتماشى مع ما يحققه المنتدى من تقدّم؛ فضلا عن النقاط الإيجابية المهمة التي تضمنتها الكلمة الرئيسية من المنتدى، وكذلك الحال بالنسبة لأوراق العمل والجلسات النقاشيّة. ودعت صاحبة السمو الدكتور منى بنت فهد بن محمود آل سعيد مختلف مؤسسات القطاع الخاص لأن يأخذوا بزمام المبادرة بتبني العديد من مشروعات المسؤولية الاجتماعية، وأن تتكاتف المؤسسات لتحقيق أعلى عائدات ممكنة تعود بالنفع على المجتمع بشكل عام.

 

مسيرة التنمية

وقال المُكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية والمشرف العام على المنتدى في كلمته إنّ التحديات المحيطة بنا على مختلف المستويات، تفرض على المؤسسات والأفراد بالمجتمع أن يهبوا لتعظيم إسهاماتهم الاجتماعية، والمشاركة في مسيرة التنمية كل قدر استطاعته، فعملية البناء والتحديث والتنمية لا يجب أن تكون مسؤولية الحكومة وحدها، بل إنّها عمل تشاركي بين مختلف مكونات المجتمع. وأضاف أنّه منذ الدورة الأولى والمنتدى يؤكد أهمية الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، الذي يتحمّل الكثير من المسؤوليات من أجل تنفيذ مشروعات التنمية وضمان استدامتها، لاسيّما وأنّ القطاع الخاص بات الآن قادرا على تحمل مسؤولياته، وعليه أن يأخذ زمام المبادرة ويعزز جهود مواكبة متغيرات العصر. وتابع الطائي قائلا إنّ الجميع بات ينظر للقطاع الخاص على أنه القاطرة المستقبلية لاقتصادنا الوطني، ويتماشى ذلك مع حرص الحكومة على منح هذا القطاع الصلاحيات اللازمة من أجل تنفيذ مشروعات التنمية، ومن ثمّ يبقى دور الحكومة خلال المرحلة المقبلة تنظيميا ورقابيا، مع الأخذ في عين الاعتبار أننا مقبلون على الانتهاء من "رؤية 2020" فيما تجري الاستعدادات لوضع "رؤية 2040"، وهي الرؤية الطموحة التي تستهدف تحويل اقتصادنا من الريعية القائمة على عائدات النفط والغاز إلى التنويع في مصادر الدخل وزيادة الإنتاجية. وأشار إلى أنّه في ظل قطاع خاص يقود قاطرة التنمية في البلاد عبر استثمارات تحقق العائدات الإيجابية؛ فإنّ تنفيذ مشروعات المسؤولية الاجتماعية سيكون رافدا آخر للتنمية والازدهار.

ومضى الطائي قائلا: "لقد طرحنا في الدورة الأولى من هذا المنتدى أول ميثاق وطني للمسؤولية الاجتماعية، ووضعنا فيه بنودا استرشادية للجميع، بهدف العمل على تنظيم قطاع المسؤولية الاجتماعية، وتوحيد الجهود الرامية لتنفيذ مشاريع التنمية بالولايات، سواء كانت مشاريع تخدم مسيرة التعليم أو الصحة أو مشاريع تضمن توفير فرص عمل للشباب". وأضاف أنّه في الدورة الثانية من المنتدى، ندعو الشركات والمؤسسات إلى تبني معايير الجودة في مشروعات المسؤولية الاجتماعية، وبصفة خاصة معايير الآيزو 26000، والتي تمثل مرجعية مهمة للشركات في تعزيز استدامة المشروعات من الناحية البيئية والاقتصادية والاجتماعية.

تعريف الاستدامة

وأوضح الطائي أنّ أفضل تعريف للاستدامة هو ذلك الذي ذكرته لجنة برونتلاند للأمم المتحدة عام 1987، وينص على أن الاستدامة هي: "تلبية احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة". وهذا هو جوهر المسؤولية الاجتماعية، أن نبني دون أن نجور على حقوق الأجيال التي ستأتي بعدنا، وأن يستفيد الجميع من عمليات التطوير والتحديث دون أن نلحق الضرر بالبيئة، ودون استنزاف الموارد، حتى تنضب.

وأكد أن الحديث عن استدامة المشروعات يستدعي الإشارة إلى ركائز أساسية ثلاث، أو عوامل مشروطة عند تنفيذ المشروع، وهي ضمان تحقيق النمو الاقتصادي، وحماية البيئة، ودعم المجتمع المحلي.

وأبرز الطائي 7 مبادئ رئيسية حددها الخبراء لإلزام الشركات بها عند تنفيذ مشاريع المسؤولية الاجتماعية، وهي أن تكون الشركة المنفذة لمشاريع المسؤولية الاجتماعية مسؤولة عن الأنشطة التي تقوم بها وآثارها على المجتمع والاقتصاد والبيئة، وأن تتحلى هذه الشركات بالشفافية، وأن تلتزم بسلوك أخلاقي يقوم على المبادئ الحسنة، بجانب احترام مصلحة أصحاب الأعمال أو الجهات ذات العلاقة، واحترام سيادة القانون، واحترام المعايير الدولية للسلوك، وأخيرا احترام حقوق الإنسان.

وشدد المشرف على المنتدى أن توحيد جهود وطاقات المسؤولية الاجتماعية صار مطلبا عاما، لاسيما وأن النجاحات التي تحققت في تجارب سابقة، ومنها تجربة الحالة المناخية "ميكونو"، خير دليل على أن التكاتف المجتمعي قادر على تعظيم الفوائد المحققة من أي مشروع تنموي، وتجاوز الأزمات أيا كانت. وأعرب الطائي عن أمله في أن يخرج المنتدى بدعوة المؤسسات إلى توحيد الجهود، ومنها تبني مجموعة من الشركات العمل على مشروعات في مجال التعليم، وأخرى في مجال الصحة، وثالثة في مجال التنمية المجتمعية عبر تقديم برامج تدريبية وتأهيلية للشباب والمرأة.

وأكد الطائي أنّ العمل على وضع استراتيجيات طويلة الأمد لمشروعات المسؤولية الاجتماعية من شأنها أن تدعم جهود الدولة في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، على أن تلبي هذه الاستراتيجيات متطلبات التنمية في مختلف الولايات، فما قد تحتاجه ولاية ما من تنمية ربما يكون متوفرا في ولاية أخرى.

وكرر الطائي دعوة الشركات والمؤسسات إلى مواصلة برامجها للمسؤولية الاجتماعية، وتوجيه الدعم لكل ما يحقق زيادة الإنتاجية ويعزز الصادرات من المنتجات العمانية، قائلا: "عندئذ نكون قد قطعنا شوطا كبيرا في مسيرة التنمية".

مبادرة وطنية

تلى ذلك، إلقاء معالي الشيخ محمد بن سعيّد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية البيان الافتتاحي للمنتدى، وقال فيه: "إنّه لمن دواعي سرورنا أن نستهل هذه الكلمة بأن نشكر حضوركم الكريم كما نشكر جريدة الرؤية على هذه المبادرة الطيبة على تنظيم هذا المنتدى الثاني تحت عنوان "المسؤولية الاجتماعية.. التزام وطني لدعم التنمية المستدامة" والذي يعد استمرارا للمنتدى الأول. وثمّن الكلباني هذه المبادرة الطيبة واللفتة الكريمة الداعمة لبذل الجهد من أجل إكمال المسيرة في عملية تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه-. وأكد معاليه أنّ تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة وتحقق المنجزات الحضارية العظيمة على أرض هذا الوطن، لا يأتي إلا بتضافر الجهود وانسجام جميع قطاعات الدولة الثلاثة: الحكومي، والخاص، والأهلي، وإيمانها بأنّ عملية البناء والنمو والتنمية مسؤولية جماعية وليست فردية.

وأوضح معالي الشيخ أنّ هذا المنتدى يجسد مدى الإدراك والاهتمام المتناميين بأهمية خدمة وتنمية المجتمع في السلطنة، وأن الدور الاجتماعي للشركات ومؤسسات القطاع الخاص اكتسب أهمية متزايدة من خلال تبنيها برامج فعالة في المسؤولية الاجتماعية، آخذة في عين الاعتبار ظروف المجتمع والتحديات التي تواجهه، وتوفير البيئة المناسبة، والقيام بعمليات التوظيف والتدريب ورفع القدرات البشرية ومساندة الفئات الأكثر احتياجا. وقال معاليه إن وزارة التنمية الاجتماعية أدركت هذا التطور؛ حيث أنشأت دائرة خاصة ببرامج المسؤولية الاجتماعية في عام 2011، من أجل الاستفادة من مؤسسات القطاع الخاص في دعم برامج الوزارة، مشيرا إلى أنّ مؤسسات القطاع الخاص من خلال المسؤولية الاجتماعية لهذه الشركات، مدّت يد العون للوزارة ومؤسسات المجتمع الأهلي لتنفيذ ودعم المشاريع والبرامج الموجهة بشكل خاص لدعم الفئات المحتاجة. وتابع أنّه خلال الفترة الماضية قدمت هذه الشركات دعما كبيرا إلى الأسر المحتاجة، والأشخاص ذوي الإعاقة، والمنح الدراسية، وبناء مقار لبعض الجمعيات ومؤسسات المجتمع الأهلي. وأكد الكلباني أنّ الشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص إلى جانب مؤسسات المجتمع الأهلي شراكة استراتيجية نأمل أن تتضاعف لتحقيق تنمية مستدامة وملموسة تخدم الوطن والمواطنين.

تكثيف الجهود

واستطرد معالي الشيخ قائلا: "لقد آمنت مؤسسات القطاع العام والخاص بأهمية ارتباطها بالمجتمع عبر تكثيف جهودها في جانب المسؤولية الاجتماعية، فإلى جانب الفائدة التي تعود على تلك الشركات والمتمثلة في تكوين علاقات قوية وإيجابية مع المجتمع وتحقيق أهداف الشراكة وخططها، فإنّه وبوجه عام تسهم المسؤولية الاجتماعية في تحقيق متطلبات الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي تشمل أوجها عديدة؛ منها خدمة المجتمع الذي يعيشون فيه. واستدرك الكلباني بقوله إنّه على الرغم مما تحقق في إطار المسؤولية الاجتماعية على مستوى مجتمع الأعمال، إلا أنّها لا تزال بحاجة إلى إعادة تنظيم، حتى تكون مؤثرة، كما أنّها بحاجة إلى خطط وأهداف محددة واستراتيجية واضحة، وآليات عمل تبيّن كيفية تفعيلها، مع الأخذ في الاعتبار أن تكون ذات طابع تنموي ترسخ المبادئ الصحيحة لمفهوم هذه المسؤولية، كما يجب عدم الخلط بينها وبين الأعمال الخيرية التي قد تكون مؤقتة.

ومضى معاليه قائلا إنّ المسؤولية الاجتماعية تخطت المسألة الأخلاقية أو الرغبة في عمل الخير لتصبح عنصرا أساسيًا ضمن التنمية المستدامة في أي بلد، وخصوصا أنّها لا تقتصر على مجرد المشاركة في الأعمال الخيرية وتنظيم حملات تطوعية، وإنّما تمتد لتشمل كل جوانب التنمية. وأشار الكلباني إلى أنّ مفهوم المسؤولية الاجتماعية يجب أن يراعي حقوق الإنسان وخاصة حقوق العاملين، وتطوير المجتمع المحلي، والالتزام بالمنافسة العادلة والبعد عن الاحتكار، وإرضاء المستهلك، علاوة على الشفافية في العمل، وغيرها من العوامل التي يرتبط بعضها ببعض، وتشكل في مجموعها الأساس الراسخ للمسؤولية الاجتماعية للشركات.

وبيّن معالي الوزير أنّ مفهوم العمل المسؤول للشركات شهد تطورًا كبيرًا؛ حيث بات أصحاب الأعمال والمستثمرون والمساهمون أكثر وعيًا لتأثير أنشطتهم على البيئة والمستهلكين والعاملين والمجتمعات المحلية والمجال العام، ومن خلال هذا المفهوم انبثقت المسؤولية الاجتماعية للشركات لتُدمج في نموذج الأعمال التجارية وتصبح جزءا لا يتجزأ من استراتيجيات الشركات.

تطوير وتحسين

وتابع الكلباني يقول إنّ الشركات والمؤسسات الوطنية، من خلال مفهوم المسؤولية الاجتماعية، عليها التزام مستمر في تطوير وتحسين المستوى التعليمي والثقافي والاقتصادي والضمان الاجتماعي لأفراد المجتمع، وذلك من خلال توفير الخدمات المتنوعة؛ حيث تعد تلك المسؤولية من أبرز الواجبات الملقاة على عاتق الشركات والمؤسسات الوطنية بالدول. وأكّد معاليه أنّ المنتدى يمثل فرصة لتبادل الأفكار والمقترحات التي من شأنها أن توفر مناخا ملائما وتضفي مزيدًا من الأفكار والمنهجيات والمبادرات التي تسهم في إيجاد برامج مجتمعية أكثر تنظيما في مختلف المجالات، وتعمل على تحقيق الفائدة على المدى البعيد. وشدّد معاليه على أهمية تفعيل الجانب الإعلامي في هذا الصدد، وتسليط الضوء على الجهود والبرامج الاجتماعية المبذولة لتشجيع الجهات الأخرى على البذل والتسابق في هذا المضمار، في سبيل تحقيق أكبر قدر من المنفعة للمجتمع.

وبيّن معالي الوزير أنّه خلال السنوات الماضية تم تنفيذ العديد من المؤتمرات والندوات والملتقيات عن المسؤولية الاجتماعية بهدف إيجاد شراكة بين القطاعات الإنتاجية والمجتمع ودعم التنمية المستدامة، مشيرا إلى أنّ المسؤولية الاجتماعية لا تقتصر فقط على الأعمال الخيرية التطوعية؛ بل تدخل في مختلف المجالات التي تخدم المجتمع المحلي مع ضرورة إيجاد الآليات التي تنظم مشاريع الاستدامة التي تخدم مختلف شرائح المجتمع، وإيجاد آليات تنتقل بالمسؤولية الاجتماعية من مرحلة العمل التطوعي إلى الإسهام الفعلي في رفد منظومة التنمية المستدامة بالبلاد. وأكّد أنّ الرهان اليوم على تغيير هذا المفهوم لدى الشركات وأصحاب الأعمال والمستهلكين والعاملين والمجتمعات المحلية، تمهيدا لتضمين المسؤولية الاجتماعية في صلب استراتيجية إدارة المؤسسات، بما يضمن لنشاطات المسؤولية أن تكون منهجية ومنظمة ومستمرة.

وأشاد معالي الشيخ بالمنتدى، وقال إنّه يتماشى مع النهج التشاركي الذي تتبناه الحكومة، معربا عن تطلعه لاستمرار هذه السلسلة من المنتديات وأن تتم مناقشة معايير المسؤولية الاجتماعية محليا وآلية تطبيقها، حتى تصل الشركات إلى مرحلة تستطيع فيها إنشاء معايير ذاتية لها في المسؤولية الاجتماعية، ومن ثم ربطها مع المعايير الدولية، مما يسهل عملية انضمامها إلى الاتفاق العالمي بالأمم المتحدة. وتابع قائلا: "نأمل أن نرى أيضا إلى جانب جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي، تخصيص جائزة سنوية للمسؤولية الاجتماعية للشركات تحفز على بذل المزيد من المبادرات المجتمعية التي ترمي إلى تعزيز آليات العمل في سبيل تحقيق الرفاه المجتمعي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة".

كلمة ضيف الشرف

تلى ذلك، تقديم البروفيسور أنجيلو ريكابوني الأستاذ المحاضر في أنظمة مراقبة الإدارة بجامعة سيينا، رئيس مجلس إدارة مؤسسة بريما في برشلونة بإسبانيا، ضيف شرف المنتدى، كلمة بعنوان "تطبيق أجندة 2030.. ما هو دور الأعمال؟".

وتخلل المنتدى تدشين كتاب بعنوان "المسؤلية الاجتماعية للشركات.. أفضل الممارسات في عمان والعالم"، من تأليف هلال السالمي وبمشاركة عدد من المختصين في مجالات المسؤولية الاجتماعية من مختلف دول العالم. وقدّم السالمي كلمة أوضح فيها تفاصيل الكتاب ومحتوياته قال فيها: "إنّه لمن يمن الطالع أن يقام منتدى المسؤولية الاجتماعية لهذا العام مع قرب احتفال السلطنة في الثامن عشر من نوفمبر المقبل بالعيد الوطني الثامن والأربعين المجيد، وعمان تحقق إنجازات تنموية وبشرية على جميع الأصعدة والمستويات في ظل القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه-". وأكد السالمي أنّ توجيهات جلالته الخيرة منذ بزوغ النهضة المباركة بأن يقوم القطاع الخاص بمختلف فئاته بأداء دور أكبر في التنمية الشاملة للبلاد، وأن يكون له دور محوري في التنمية المستدامة، مشيرا إلى أنّ القطاع الخاص اليوم بات شريكا حقيقيا للحكومة عبر تنفيذ مشاريع المسؤولية الاجتماعية؛ حيث شارك بالمشاريع العملاقة التي تشهدها السلطنة من أقصى الشمال وحتى آخر نقطة حدودية في ظفار.

وأوضح السالمي أنّ أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، بصرت النور في مؤتمر الأمم المتحدة الذي عقد في ريودي جانيرو البرازيلية عام 2012؛ وهدفت إلى مواجهة التحديات البيئية والسياسية والاقتصادية التي تواجه دول العالم، وكانت بديلا حقيقيا لأهداف التنمية للألفية والتي أنطلقت في عام 2000. وأشار إلى أنّ من بين أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة: محاربة الفقر بكل أشكاله، وإنهاء الجوع، وجودة التعليم، وغيرها من الأهداف التي جاءت في مجملها بعد دراسات مستفيضة من كافة الدول المشاركة لتتصدر قائمة التحديات الدولية، على أن تكون الحلول والمعالجات على المستوى الوطني لكل دولة، وذلك حسب قدرتها الاقتصادية والاجتماعية، من خلال وضع خطط لتنفيذ وتجسيد هذه الأهداف عبر برامج وفعاليات للوصول للغايات المنشودة بحلول العام 2030.

وتابع السالمي أنّ السلطنة تحتل المرتبة 94 من بين 157 دولة في تصنيف أهداف التنمية المستدامة الدولي لعام 2017، حيث سجلت 64.3 درجة ضمن التصنيف العالمي بين الدول، وبالتالي فإنّ الأمر يتطلب تضافر الجهود الحكومية والخاصة وكذلك القطاع الأهلي، وعلى مستوى الأفراد، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة خلال الـ12 عاما المقبلة، ولتكون متحققة بحلول عام 2030، الموعد النهائي لتحقيق ذلك على المستوى الوطني لكافة الدول.

وأوضح السالمي أنّ إصدار كتاب "المسؤولية الإجتماعية للشركات أفضل الممارسات في عمان والعالم" يأتي في هذه المرحلة من مراحل النهضة المباركة، ليروي عطش القراء والمهتمين بمجال المسؤولية الاجتماعية للشركات والاستدامة؛ حيث إنّه يناقش عددًا من النماذج الدولية المهمة التي من الممكن أن تمثل خارطة طريق لبعض القطاعات المختارة في السلطنة، ومن أبرزها القطاع اللوجستي والتعليم العالي الخاص والأمن الغذائي والمدن المَنِعة والاستدامة البيئية والموارد البشرية. وقال إن قصص نجاح بعض الشركات الكبرى والمجموعات التجارية العمانية في مسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع في نطاقه الواسع، يجب أن تُبرز للعالم الخارجي؛ حيث ساهمت هذه الشركات بلا شك في تعزيز التنمية الشاملة، وكانت شريكًا حقيقيا في نهضة الإنسان العماني على المستويات كافة.

تعليق عبر الفيس بوك