في مكان ما


محمد خلاد - المغرب


خرجتْ امرأةٌ مُسرعة
من محطة القطار
تجرُّ حقيبةً حمراء
كان رجل ينتظرها على الرصيف
ضمَّها إلى صدره بقوة
قبَّلها عميقا على شفتيها
واختفيا في الزحام
.........
دون مبالاة بما رأى
قال المسافر  الغريب
 وهو يبتعد عن المحطة
تدفعه الريح إلى الريح:
 أين أمضي؟
لا أحدَ ينتظرني
نسيتُ خطواتي
 تلاحقُ عجلاتِ القطار
كلُّ المسافرين لهم بيوتٌ
وأطفالٌ ونساءْ
وليلةٌ بِرائحةِ الحَبَقْ
ونجومٌ وقمرْ
أما بيتي  أنا
ففي مكان ما
تسكنه وحشَةُ الذكريات
و طيْفُ امرأة  تمد ذراعيها للمدى
تلتمس الرَّواء والعناق
سأسافر مع  البَرْق
إليها هنالك
 وأَنْهالُ مطراً مِدراراً
على غابات جسدها
 وبين السرة والفخذين
أطفئ للمرة الأخيرة
في ليلة   عاصفة
قيظ شهوة حارقة
..........
رِعْدَةٌ هزَّتِ المسافرَ الغريب
شرَعَ  ذراعيه في انتشاء
وعانق جسدا أنثويا دافئا
كانا اثنين
رجلا وامرأة مُلتصِقَيْن معا
 حَدَّقَ طويلا حوله
بَدَا الشارعُ خَالِيًا
إلا من  ارتعاشةِ ظله على الإسفلت
ووحيدا مضى
يجري خلف خطواته الخائفة
 في سفر جديد
 يبحث عن امرأة من شَبَقْ
 بعيداً هنالك
في مكان ما
---------
محمد خلاد
 الرباط -المغرب

-------
اللوحة لبابلو بيكاسو:
امرأة نائمة ورجل يعزف على القيثارة

 

تعليق عبر الفيس بوك