تعافي أسعار النفط .. نعمة أم نقمة؟!

 

سيف بن سالم المعمري

بدأت أزمة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية في منتصف عام 2014م، وفي حينها بدأت دول المنطقة ومن بينها السلطنة وضع تدابير احترازية لمواجهة تحديات تلك الأزمة على الاقتصاد الوطني، وكان من بين الإجراءات تخفيض الإنفاق الحكومي، وتنمية الإيرادات غير النفطية من خلال رفع معدلات الضريبة على أرباح الشركات ومراجعة ورفع الرسوم على بعض الخدمات الحكومية وتعديل أسعار المنتجات النفطية، وكان المسؤولون عن قطاع النفط يصورون رفع الدعم عن الوقود أمام الرأي العام على أنه "المنجي الأول" الذي سيُخرجنا من عنق زجاجة الأزمة، مع التأكيد على أن رفع الدعم لن يؤثر على معيشة المواطن، وأن الزيادة ستتراوح ما بين 30-40 بيسة فقط.

وفرضت تلك المرحلة نفسها على جميع المستويات، وكان عام 2015م عصيبا حيث هوت فيه أسعار النفط من 100 دولار للبرميل قبل بداية الأزمة إلى أقل سعر بيع به النفط العُماني في السوق العالمي وبلغ 23.72 دولار في تاريخ 21 يناير 2016م، وكان أقرب الخيارات أمام السلطنة أن تتخذ قرارا برفع الدعم عن الوقود اعتبارًا من الخامس عشر من يناير من عام 2016م.

وبدأ رفع الدعم عن الوقود من ذلك اليوم، ورغم أن التسعيرة الجديدة لبيع المنتجات النفطية في بداياتها شهدت ارتفاعات ضئيلة نسبياً في الأسعار عمَّا ألفه المواطنون، ومع تأثيرها عليهم إلا أن عزاءهم في وطنهم العزيز الذي عاهدوا أنفسهم على أن يقفوا معه وقفة صادقة في العسر واليسر، ومع مشقة صبرهم على ارتفاع التسعيرة يأتي ذلك المسؤول مقللاً من تأثير مشقة صبر المواطنين ليُغرد في تويتر بـأن "الفرق بين تسعيرة أمس وتسعيرة اليوم لسيارة 80 لتر هو ريال واحد(قيمة شاورما)!! ما اعتقد يستحق كل هذا الزحام".

اليوم وبعد مضي 3 أعوام تقريبًا على رفع الدعم عن المنتجات النفطية، وبعد التعافي التدريجي للأزمة النفطية، فقد كشفت الأيام أن أزمة انخفاض أسعار النفط لم تكن سوى مسوغا إداريا لتمرير قرارات فرضت أعباء مالية على المواطنين، كما كشفت الأزمة عن تأخر جهود التنويع الاقتصادي، فقبل رفع الدعم كانت تسعيرة التعبئة لسيارة 80 لتر تساوي 9.600 ريال عُماني، وأصبحت الآن 18.640 ريال عُماني، أي أن نسبة الزيادة بلغت 100%.

والسؤال المطروح: لماذا لا يستغني المسؤولون عن بطاقة الوقود المجانية من الحكومة؟ لماذا لا يتنازلون عن السيارات الحكومية ويستخدمون سياراتهم الخاصة كحال أي مواطن آخر؟ لماذا يستهين المسؤول بزيادة تسعيرة النفط الشهرية- مع تعافي الأزمة النفطية- على المواطنين مضافًا إليها ارتفاع في رسوم الخدمات الحكومية؟

والآن يأتي المسؤول ليصرح بأن مجلس الوزراء لم يوجه بتحديد سقف معين- مع تعافي الأزمة النفطية- ترى لماذا لا يحيل المجلس ملف تسعيرة الوقود الشهرية لمجلسي الدولة والشورى لدراسته ووضع مرئياتهم كغيرها من المشاريع والقرارات الأخرى، هل آلية دعم الوقود عادلة؟ لماذا يُجبر المستحقون للدعم على تعبئة بنزين 91؟ ولماذا لا يتم صرف بدل نقدي للوقود لكل مواطن يقل راتبه عن 1000 ريال؟ ولماذا لا يتم رفع علاوة غلاء المعيشة بنسبة 100%؟

فإن كان تعافي الأزمة النفطية فتح الشهية على زيادة تسعير النفط، والدفع بمزيد من القرارات المؤسرة على المواطنين، فأين ذهبت أموال دعم المنتجات النفطية بعد رفع الدعم؟ ما المردود الإيجابي الذي عاد على المواطنين بعد رفع الدعم وزيادة رسوم الخدمات الحكومية والضرائب وتقليل الإنفاق العام، وتوقيف التعيينات والترقيات؟

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت.

Saif5900@gmail.com