برشلونة.. الفراغ بين المُشكلة والحل

 

حسين الغافري

لعلني كتبت كثيراً في فترة سابقة عن برشلونة الإسباني وفصّلت مشاكله وتطرقت لعيوب كثيرة يمر بها خصوصاً بعد الموسم الثاني لأنريكي، وها هو يعيش ذات الأمر منذ بداية الموسم. صحيح بأننا شاهدنا نتائج كبيرة وعدد من الانتصارات مثلما حدث على أشبيلية في المغرب وفوزه بكأس السوبر المحلي وفوزه الأول أوروبياً على آيندهوفن الهولندي في مستهل مشوار المجموعة بدوري أبطال أوروبا، ولكنها نتائج ضبابية تغطي الواقع المرّ في الشكل الحالي للفريق!

برشلونة الحالي فريق زجاجي من السهل كسره إذا ما عُرف كيفية الحد تكتيكياً من مكامن القوة فيه، ولعل القوة الأولى لا خلاف عليها بتواجد نجمه الأول الأرجنتيني ليونيل ميسي؛ الذي يفرض وجوده وصنعه للفارق تغطية العيوب التي يعاني منها الفريق، فما هي المشكلة رغم تدعيم الصفوف في سوق الانتقالات الصيفية بأسماء معروفة وذات جودة في الخطوط الثلاثة؟

 

شخصياً، أرى أنّ المشكلة يتحمل جزء كبير منها المدرب فالفيردي الذي لم تظهره لمسته الفنية مع الفريق حتى الآن وهو في ثاني مواسمه يقود الكتيبة الكتالونية. فمن يعرف أسلوب فالفيردي يدرك تماماً بأنه وفيّ لخططه المتوازنة 4-4-2 التي يُطبقها باستمرار مع كل الأندية التي دربها سابقاً، أمّا مع برشلونة فهو يعيش حالة تناقض مع رغبة الجماهير في رؤية الفريق بشكل هجومي مستمر وبأسلوب اللعب الذي بناه أسطورة النادي يوهان كرويف وسار عليه الإسباني جوارديولا، وهنا من الصعب تطبيق فلسفة لا تؤمن بها ولا تراها صوابا! عموماً القضية ليست في شكل الخطة التي يدخل بها الفريق فكل الخطط ورقياً تبدو شيئاً وفي الميدان شيئاً آخر. فحتى مع 4-4-2 يمكن أن يراها فالفيردي مطابقة لأفكاره وتكييفها بصورة هجومية أكثر من 4-3-3. 

 

إجمالاً الفريق الكتلوني يمر بحالة تخبط، والنتائج التي يحققها من انتصارات لا تبدو مقنعة كثيراً، فحتى الفوز الكبير الذي حققه أمام آيندهوفن جاء ببركات ميسي ونجوميته؛ بالإضافة إلى النتائج التي حققها منذ بداية الموسم. كلها اجتهادات فردية صنعها نجوم الفريق ولم تكن أفكاراً منظمة وواضحة. ففريق يتواجد ضمن صفوفه أمثال ميسي وسواريز وكوتينهو وفيدال وراكتتش من الصعب أن تنكشف عيوبه مبكراً. أمثال هؤلاء النجوم يغطون التخبط الذي يعيشه الفريق ولكن بكل تأكيد لن تكون كذلك باستمرار. الفريق إما أن يتدارك السوء الذي يمر به ويفهم فالفيردي مكامن الخلل ويستوعب الأخطاء الكبيرة، ويعيد توهج نجومه ويملك شخصية قوية يقول من خلالها بألا مكان للمتخاذلين ولا تعاطف مع من يتراجع مستواه، كذلك يُوظّف إمكانيات الفريق بشكل صحيح وسليم ويجعل للفريق هوية واضحة وشخصية حقيقية؛ وإلا فإنّ الوضع سيتحول من سيء إلى أسوأ؛ وبالتالي سيُحظى بموسم سلبي آخر أو إقالة مبكرة!.

 

أختم المقال بمقولة اقتبستها من الكاتب المصري المعروف أحمد المختار عبر مقال نشره في أواخر فترة لويس آنريكي مع برشلونة: أجد نفسي مضطرا لإعادة مقولة الشيخ عبد ربه التائه في أصداء سيرة نجيب محفوظ، حينما سئل "كيف تنتهي المحنة التي نعانيها؟ فأجاب: إن خرجنا سالمين فهي الرحمة، وإن خرجنا هالكين فهو العدل"، والسيناريو الثاني هو الأقرب لفالفيردي حتى الآن!.