مضمار البيروقراطية

 

خالد الميمني

البيروقراطية هذا المصطلح الذي يعتبره البعض حجر الأساس للمنظمات، فيما يعتبره آخرون الرديف لمفهوم الإدارة المتباطئة والتي تقف كحجر عثرة أمام التطور والإبداع.

هذه الكلمة سئمت منها المسامع، فهل يا ترى وجدت لتنظيم المصالح أم تعطيلها؟!

 الأصل أنها وجدت لتنظيم وتحديد المسؤوليات وتقسيم المهام، لكن الواقع يشير إلى أنها ساهمت في تأخير وتعطيل الإنجاز بمفهومه الواسع، وأثرت على أداء المؤسسات والأفراد بشكل سلبي وذلك بسبب تعقيد سلم إتخاذ القرار، وحرفية تنفيذ التعليمات، الأمر الذي تسبب في تجميد بعض المعاملات مما خلق بيئة خصبة للتجاوزات، واستغلال النفوذ، والمحسوبية لتخليص المعاملات العالقة، و... إلخ.

الغريب بأن الأمر طال الخدمات الإلكترونية التى صرفت عليها مبالغ طائلة في مشاريع الحكومة الإلكترونية التي من المفترض أن تخفف من وطأة البيروقراطية وبطء أدائها، حيث أنها لم تؤد دورها بالشكل المطلوب، وبسببها تم فك ارتباط بعض المؤسسات عن بعضها، حتى أصبحت كل جهة كدولة مستقلة وازداد الأمر تعقيداً!! وكأننا حولنا التعقيد الورقي إلى تعقيد إلكتروني ليس إلا!

هذا الأمر تسبب في عزوف بعض المستثمرين وصرف نظرهم عن الاستثمار في المشاريع بمختلف أنواعها، وخلق بيئة غير ملائمة لتنفيذ وتمرير الخطط التنموية، وأثقل كاهل الحكومة وألزمها بصرف مبالغ طائلة لتنفيذها.

 لسنا هنا لمحاربة البيروقراطين والمسؤولين في السلالم الوظيفية -وقد نكون منهم- بقدر ما نهدف إلى توضيح التعقيدات الإدارية غير الضرورية والتي غالباً ما تنفر وتعرقل المسيرة التنموية في شتى المجالات.

وفي الحديث: يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا؛ أخرجه الشيخان.

 فالنظام مطلب أساسي لكل المؤسسات والدول بشرط تطبيق الوجه الحقيقي التي أوجدت البيروقراطية من أجله ألا وهو الموضوعية والدقة في تحقيق أهداف المصلحة العامة. حينها وبكل تأكيد ستفتح آفاق العمل الإبداعي للبلد على كافة الأصعدة للوصول إلى الغايات المنشودة.

جاء في تصريح جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- لصحيفة صدى منقولاً عن جريدة عُمان، الصفحة الأولى العدد ٤٦٩ المجلد السادس في ٥ ديسمبر ١٩٧٨، عندما سئل عن مستقبل السلطنة الاقتصادي، قال: نقوم على أساس تنويع قاعدة السلطنة الاقتصادية عن طريق "مقدراتنا المدنية " وغيرها بالإضافة إلى موارد النفط.

لنضع خطين تحت مقدراتنا المدنية، ولقد مضت الآن عقود من الزمن لو بدأ العمل حينها في برامج كالبرنامج الوطني لتنويع مصادر الدخل الحالي ليشمل المشاريع الاستراتيجية والصناعات التحويلية والاستثمارات المختلفة والثروة السمكية وفتح المناطق الإقتصادية الحرة أمام المستثمرين لكان الوضع الاقتصادي أفضل مما هو عليه الآن.

فعلى الإدارة البيروقراطية التي لا تمارس دورها بشكل سليم، معالجة نفسها لتتمكن من مواكبة الوعي المجتمعي وإحترام العقول الناضجة التى تدرك الماضي والحاضر والمسنقبل، مما يجعلها كيانا قويا ذا كفاءة وإنتاجية. لذا نتمنى لمن في المضمار المسارعة والتعافي من البطء المستشري حتى تعم المنفعة على الجميع من خلال سير العمل بطرق سليمة ومدروسة.

تعليق عبر الفيس بوك