0% ضريبة على 94 سلعة أساسية .. والمستهلك يتحمل التكلفة

"أمسية الغرفة" تبرز أوجه الاختلاف والاتفاق على ضريبة القيمة المضافة .. و"ملاءمة الظروف" تُحدد موعد التطبيق

...
...
...
...
...
...
...
...
...

◄ اليوسف: الحوار والانفتاح على وجهات النظر هدف أمسيات "الغرفة"

◄ مسن: تأجيل فرض الضريبة 3 سنوات "ضروري"

◄ العادي: نسبة الضريبة "غير كارثية".. والشركات لن تتضرر

◄ المخيني: ضرورة تنفذ إصلاح ضريبي شامل.. و"العقارية" تحقق نتائج أفضل

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

 

شهدت أولى أمسيات غرفة تجارة وصناعة عمان التي حملت عنوان "ضريبة القيمة المضافة.. الدوافع والأهداف والتأثيرات المحتملة على الاقتصاد والتنمية"، نقاشات مستفيضة وتباينا في الآراء اشتعل معه حماس الحضور والمشاركين، الذين مثلوا مجتمع الأعمال والاقتصاد والمواطنين أيضاً.

وخرجت النقاشات ببعض المشتركات وعلى رأسها أن هذه الضريبة -برغم تحديد موعد تطبيقها المبدئي بعد عام كامل من الآن- إلا أنها لن تُفرض فعلياً قبل التحقق من "ملاءمة الوقت" لفرضها، وأن إصلاح المنظومة الضريبية "أمر لابد منه"، وأن الضريبة سيقع غالبية عبئها على المستهلك، فيما تقتصر كلفة الشركات لتطبيق الضريبة على المرحلة التأسيسية للتجهيز لتطبيق الضريبة فيما بعد والتي غالبًا ما ستكون لمرة واحدة.

شارك في الأمسية سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى، وسليمان بن سالم العادي مدير عام الحصر والاتفاقيات الضريبية في الأمانة العامة للضرائب بوزارة المالية، وأحمد بن علي المخيني الخبير والاستشاري الاقتصادي، بينما أدار الحوار الإعلامي خلفان الطوقي. وأكد سعادة قيس بن محمد اليوسف رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان- في تصريح لـ"الرؤية"- أن هدف الغرفة من تنظيم الأمسيات يتمثل في طرح الموضوعات ذات الأهمية للقطاع الاقتصادي، حتى تحقق الغرفة دورها كهمزة وصل بين القطاع الخاص والحكومة من جهة والقطاع الخاص والمجتمع  من جهة ثانية، من خلال تسليط الضوء على مختلف القضايا بشفافية وموضوعية وإبراز الآراء المتنوعة في حوار يتسم بالرقي والتفاهم.

اتفاق على الخلاف!

وفي مستهل النقاشات أكد سعادة الدكتور صالح مسن أنّ ثمة اتفاق بين الجميع على ضرورة تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للإيرادات، قائلا إن السلطنة تأخرت كثيرا في الإصلاح الضريبي الذي لا بد منه. غير أنَّ سعادته استدرك بالقول إن هذا الاتفاق مشروط بشرط أساسي وهو التوقيت المناسب للتطبيق، مشيراً إلى أن غالبية النظريات الاقتصادية تؤكد أن مرحلة الركود والتباطؤ الاقتصادي لابد لها من اللجوء إلى تخفيف الضرائب، بينما يمكن زيادتها في حالات الرفاه الزائد أو التضخم. وشرح مسن أن وظائف الضرائب الثلاثة لا يمكن أن تتحقق إذا فرضت حاليا، مبيناً أنه من ناحية توظيفها كمورد للخزينة العامة فإنّ هذا صعب التحقق مع تباطؤ اقتصادي مع استمرار الدولة كمحرك أساسي للاقتصاد، وأيضا في ظل تراجع الإنفاق العام، لذا فإن تباطؤا يحدث في الحركة والنشاط لدى القطاع الخاص. وأضاف مسن أن وظيفة الضرائب في تحقيق المزيد من التحسن في أحوال محدودي الدخل، غير قائمة، لأن ضريبة القيمة المضافة تحديدا من أكثر الضرائب الموسومة بعدم العدالة لأنها تفرض على الجميع وبنفس النسبة بصرف النظر عن مستوياتهم المادية. وبين أنَّه من حيث دورها المجتمعي فإنها تشكل "تهديدا للطبقة الوسطى" والتي يفترض أنها الشريحة الأكثر إنفاقا في المجتمع، لافتاً إلى أنَّ الأرقام تؤكد أن الشريحة الأكبر من العاملين في القطاع الخاص يتقاضون رواتب دون 600 ريال، ومع وقوع تأثير الضريبة على المستهلك في نهاية المطاف، فإن هؤلاء هم من سيتحملون الكلفة الأكبر. واقترح الدكتور صالح مسن أن يكون إصلاح الوضع الضريبي شاملا وكليا، ويرى أنه لتحقيق الأغراض المأمولة من الضرائب، ينبغي فرض ضريبة على الدخل وفي وقت يسمح بالتطبيق، وليس في وقت تأزم اقتصادي، مؤكدا أهمية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى المطبقة للضرائب.

أما سليمان العادي فقدم، بداية، جملة من الحقائق حول ضريبة القيمة المضافة، وقال إن وزارة المالية وبرغم الاستعداد لتطبيق الضريبة في سبتمبر 2019، إلا أنها تتسم بالمرونة والتفهم لضرورة ملاءمة التوقيت عند فرض الضريبة. وأضاف أن الدراسات الخاصة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة بدأت منذ عام 2005، وأن الوزارة كانت تتجه لفرضها في عام 2010، غير أن البعض رأى أن الوقت غير مناسب. وأشار العادي إلى أنَّ النظريات الاقتصادية متعددة، فبعضها يرى أن وقت الرخاء وتوفر الأموال ليس مناسباً لفرض ضرائب، بينما يرى البعض الآخر عكس ذلك، لكنه أكد أن التوقيت الملائم بالنسبة للسلطنة يتمثل في الوصول إلى تفاهم وتقبل لطبيعة الضريبة التي سيتم فرضها وآلية عملها ونسبتها التي لا يُمكن أن تمثل ما يصوره البعض بأنه "كارثي". وشدد العادي على أن الوزارة مهتمة بالتعرف على وجهات النظر المختلفة، حيث تم عقد العديد من اللقاءات مع مختلف الفئات لتوضيح الجوانب المتعلقة بالضريبة، وأن الوزارة لا تزال تدرس الوقت المناسب للتطبيق، والأمر مرهون بالتفهم الكامل. وأوضح أن الوزارة ترى أن الوقت المناسب حالياً هو سبتمبر 2019، لكنه ليس موعدا قطعيا، لكنه قال: "لا يوجد أبدا وقت مناسب لفرض الضرائب، لأن الضريبة بطبيعتها أمر غير مستحب من قبل النَّاس".

وشرح العادي أن الشركات ستنحصر كلفتها على ما ستقوم به من ترتيبات في النظم والحسابات وغيرها، ورغم أنها قد تمثل كلفة إضافية إلا أنها ستفيد في إضافة المزيد من التنظيم على أداء الأعمال، مشيرًا إلى أن تطبيق الضريبة سيدفع إلى إعادة النظر في أي احتكار لبعض المنتجات وإتاحة المزيد من المنافسة لضمان انخفاض الأسعار وليس ارتفاعها مع تطبيق الضريبة.

الضريبة تسهم في القضاء على الاحتكار وزيادة التنافسية لخفض الأسعار وبين أن التجار والمنتجين سيكون دورهم بمثابة الوسيط؛ إذ إن تحصيل نسبة الضريبة من المستهلك النهائي سيتم عبر "سلسلة القيمة"، ومن ثم يسترد التاجر أو المنتِج ما دفعه مرة أخرى. وأكد أنَّ النظام الضريبي سيراعي عدم الضغط على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ حيث إن هناك حدا إعفائيا للشركات التي يقل رأسمالها عن 38.5 ألف ريال تقريبا، ضمن الاتفاقية الموحدة، لكن يمكن للدول أن تضع ما يناسبها من حدود دنيا.

مراعاة عدم الضغط على "الصغيرة والمتوسطة" عبر "الحد الإعفائي" وشدد على أن الشركات والتجار لن يتأثروا بالضريبة بشكل مباشر، لأنها تستهدف الاستهلاك وليس مراحل الإنتاج أو غيرها، مشيراً إلى أنَّ الاتفاقية الخليجية حول القيمة المضافة والتي صدقت عليها السلطنة تتيح مرونة للدول في تحديد السلع التي لا تعفى من الضرائب لكن تكون الضريبة عليها صفرا بالمئة، شارحاً أن نسبة 0% تعني إمكانية تعديل النسبة الضريبية عليها مستقبلا.

وأكد ضرورة اعتبار ضريبة القيمة المضافة ستكون بديلا عن الرسوم الجمركية بين دول الخليج. ونفى العادي ما يثار بأن الدول التي طبقت الضريبة تواجه مشكلات اقتصادية، مؤكدا أن التبعات الاقتصادية على بيئة الأعمال يمكن أن تتأثر بالفعل إذا كان المقصود ضرائب من أنواع أخرى مثل الضرائب على رؤوس الأموال أو الضريبة على التحويلات المالية مثلا، والتي قد تشكل نوعا من التضييق على حرية حركة رؤوس الأموال.

واعتبر الدكتور أحمد المخيني أن كثرة النقاش حول أي إجراء اقتصادي تزيد من صعوبة تطبيقه، خاصة مع اختلاف الظروف التي تجرى خلالها الدراسات حول الضريبة من جهة، والظروف في وقت الانتهاء من مناقشتها. وقال إن أفضل ما يمكن القيام به هو "التعلم عبر التطبيق الفعلي"، موضحاً أن جميع الدول تطبق أنواعاً مختلفة من الضرائب، داعيًا إلى مناقشة مدى إمكانية تطبيق أنواع أخرى من الضرائب مثل الضرائب على الممتلكات والأراضي والعقارات، خاصة غير المستغلة، مؤكداً أن هذا النوع من الضرائب سيحفز على تنشيط السوق ودخول المزيد من الأنشطة التي كانت مجمدة لفترة طويلة. وأضاف "أرى أن ضريبة القيمة المضافة من أفضل ما سيحدث في عمان، لأنها ستضبط الاستهلاك وترشده". لكنه ربط ذلك بضبط الأسواق وكسر الاحتكار الذي أصبح "سمة الاقتصاد العماني"، مؤكدا أن بعض الدول يفرض ضرائب على الرواتب والدخول الشخصية وبرغم سهولة تحصيل هذا النوع من الضرائب إلا أنه يتسبب في إشكاليات اجتماعية ويؤثر مباشرة على المواطن.

واقترح المخيني أنَّ زيادة التوعية بهذه الضريبة وآليتها، وتخصيص "ما يشبه التعويض" للفئات المحتمل تأثرها، لضمان عدم تأثر الأسواق واستمرار النشاط الاقتصادي.

تعليق عبر الفيس بوك