التدريس المشترك (Co-Teaching)

عمرو عبد العظيم

 

يُؤكِّد الدكتور نادر سعيد شيمي أستاذ تكنولوجيا التعليم، أن التدريس التشاركي أو التعاوني هو بيئة تعلم يشترك فيها اثنان أو أكثر من المعلمين يتبادلون الخبرات التخصصية ويتقاسمون مسؤولية التدريس والتخطيط، وتقديم التعليم، ورصد التقدم في مستوى التحصيل لجميع الطلاب، ويعملون كفريق ويشارك هؤلاء المعلمون نفس مساحة الصف ويتخذون القرارات التعليمية بشكل تعاوني.

والتدريس المشترك بين المعلمين يقوم على اعتبار أن لكل شريك من الشركاء في الموقف التدريسي خبرة فريدة من نوعها وهذا المنظور هو الذي يثري تجربة التعلم. ويوفر فرصًا للطلاب للتعلم من اثنين أو أكثر من المعلمين الذين قد يكون لهم طرق مختلفة من التفكير والتدريس، وتقديم المعارف والمهارات بصورِ متنوعة ويعملون معًا لتحقيق أهداف مشتركة ومتفق عليها.

وبالعودة للكاتبين والمعلمين Claire Hughes  وWendy Murawski، فإنه يمكن اعتبار التدريس المشترك نمطًا من التفاعل بين محترفين على الأقل من ذوي الخبرات المتنوعة، فعندما يتفاعل معلم الصف مع إخصائي التعليم المتميز على هذا النّحو فهما يعملان على توفير تجارب تعليمية جيّدة لكلّ التلاميذ بمن فيهم التلاميذ المتميزون، وقبل البدء في إنشاء شراكة مع معلم آخر في الصف، عليهما أن يتطلعا بوضوح تام على وجهة نظر كل واحد منهما ومسارات فهمه للتدريس المشترك، ويتدارسا ثوابتهما حول إدارة التلاميذ والفصول، ويمكنهما البدء بالعمل معًا على أساسًا واضحًا من التفاهم، والهدف بلوغ كل طرف درجة عالية من الفهم والتفهم والمرونة إزاء وجهة النظر الأخرى والمسارات المقابلة حتّى تنجح الشراكة المعقودة في التدريس المشترك.

وأشارت بعض الدراسات إلى أنَّ هناك دورا فعَّالا للتدريس المشترك أو التعاوني في تحسين جودة بيئة التعلم learning environment داخل المؤسسة التعليمية، ووجد الباحثون أن علاقات الشراكة بين العاملين في التدريس واتفاق الآراء والسمات الشخصية والأداء المهني من الأمور التي تعمل على تحسين جودة بيئة التعلم. وهناك دراسة أخرى تؤكد أثر هذه الشراكة على أداء الطلاب العاديين والطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في بعض جوانب المنهج الدراسي، فتوصلت إلى حدوث ارتفاع في مستوى تحصيل الطلاب أكاديميًّا في مقرر القراءة والهجاء.

وأجرى أحد الباحثين مقابلات مستفيضة مع الطلاب وأولياء أمورهم ومعلميهم ومديري المؤسسات التعليمية التي تمارس التدريس المشترك، فوجد أن له أثرًا فعالًا في العملية التعليمية، مما حدا به إلى التوصية بتشكيل فرق للتدريس داخل المؤسسة التعليمية يختص كل فريق بتناول جانب أكاديمي ما بشكلِ تعاوني بدلاً من أن يعمل كل معلم على حدة.

وهناك عدة أنواع للتدريس التعاوني المشترك منها ما يلي:

- معلم يدرس والآخر يلاحظ: يتولى أحدهم شرح الدّرس في حين يتولى الثاني ملاحظة التلاميذ أثناء قيامهم بمهامّهم ليجمع البيانات المتعلقة بإتقان المهام، ويحدد من كان من التلاميذ محتاجًا إلى الدّعم أو إعادة الدرس، وعلى سبيل المثال يمكن لمعلم المادة عرض مهارة رياضية جديدة ويتولى إخصائي التميز في الأثناء ملاحظة التلاميذ، ليحدد من كان منهم مستعدّا للانتقال إلى تطبيقات أكثر تعقيدًا.

- معلم يدرس والآخر يساعده: وهنا يقوم أحد المعلمين بشرح الدرس، في حين يتولّى المعلم المساعد مهمة التنظيم أو توزيع المهام أو المساعدة في توجيه التعليم إلى الوجهة الصحيحة، وفي وضعية مغايرة يمكن للمعلم المساعد أن يقوم بدور عملي بتوسيع شرح الدرس لبعض الطلاب أو بطرح بعض الأسئلة الإضافية، ويمكن له أيضا أن يوجه عمل التلاميذ ويقدم لهم بعض النصائح والتوجيهات ليساعدهم عل مزيد من الاندماج وتجويد تفكيرهم وأدائهم.

- التدريس البديل: يقوم معلم بضبط الصف، بينما يقوم الآخر بالعمل مع مجموعة صغيرة داخل أو خارج الصف، ولا يجب أن تندمج المجموعة الصغيرة مع الدرس الحالي. على سبيل المثال أحد المعلمين قد يساعد طالب في قيامة بحل النشاط، بينما يقوم المعلم الآخر بتقييم طالب آخر أو مجموعة من الطلاب أو يعلمهم مهارات اجتماعية أخرى.

- محطة التعليم: في التعليم بالمحطات يقسم كل من المعلمين المحتوى التعليمي ويأخذ كل منهما مسؤولية تخطيط وتدريس جزء منها، ويقسم الصف إلى مجموعات تعليمية متنوعة، والطالب والمعلم يكونان في مراكز أو أركان معينة، يمكن تشغيل المحطات الأخرى بشكل مستقل من قبل الطلاب أوالوسائل المساعدة للمعلم.

ومما سبق، فإن تلبية احتياجات الطلاب الفردية لأمر يزداد صعوبة مع الوقت، فوجود معلمين أو أكثر في الصف يسمح للطلاب بالعمل براحة في مجموعة كاملة أو مجموعات صغيرة أو منفردين، فعن طريق تخفيض نسبة عدد الطلاب للمعلم يستطيع المعلمون تلبية الاحتياجات التقنية والمنهجية والاختلافات الثقافية والأعباء التعليمية، لذا أنصح جميع المعلمين والمؤسسات التعليمية بتطبيق هذا النوع الفريد من التدريس المشترك التعاوني المثمر.

amrwow2010@gmail.com