تقارب متزايد بين بكين وموسكو في "الشرق الاقتصادي"

طموحات عملاقيْ آسيا تحتضن 73 مشروعا باستثمارات 100 مليار دولار

< الصين تستحوذ على 15% من تجارة روسيا.. و21% زيادة في التبادل التجاري

< المشروعات المقترحة تشمل البنية الأساسية والتنقيب والصناعة والزراعة

 

الرؤية - الوكالات

لأنَّ الصين تعد الشريك التجاري الأكبر لروسيا؛ إذ استحوذت العام الماضي على 15% من تجارة روسيا الخارجية، وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2017 بنسبة 31.5% مقارنة بالعام 2016، كان من البديهي أن يوجه الرئيس الروسي دعوة لنظيره الصيني للمشاركة في أعمال منتدى الشرق الاقتصادي، بمدينة فلاديفوستوك الواقعة في الشرق الأقصى الروسي.

وأكد بوتين متانة علاقات الثقة القائمة بين موسكو وبكين في مجالات السياسة والأمن والدفاع، موجها حديثه للرئيس الصيني: "نعرف أنكم تعيرون اهتماما كبيرا لتطوير العلاقات الروسية الصينية. ونحن في اتصال منتظم معكم. وتسرني إمكانية استقبالكم في روسيا". وعبر الرئيس بوتين عن أمله بأن يصل حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين العام الجاري إلى 100 مليار دولار، وقال إن 87 مليار دولار هو حجم التبادل التجاري في العام الماضي، منها 39 مليار دولار هي صادرات روسيا إلى الصين، مقابل واردات بقيمة 48.4 مليار دولار، أما العام الجاري فسنبلغ على الأرجح 100 مليار دولار، مشيرا إلى أن الزيادة السنوية لهذا المؤشر تتجاوز 30%.

وتعبيرا عن مشاعر الود والتقارب بين العملاقين الآسيويين، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لنظيره الصيني، خلال زيارتهما لمعرض "شوارع الشرق الأقصى" في فلاديفوستوك، آنية من العسل، وقال ممازحا ستدفع قيمة الهدية بالعملة الصينية.

وأوضح الصحفيون -الذين رافقوا الرئيسين خلال لقائهما، في إطار أعمال منتدى الشرق الاقتصادي، في مدينة فلاديفوستوك الروسية- أن بوتين اشترى في معرض "شوارع الشرق الأقصى" آنيتين من مشروب العسل التقليدي الروسي بقيمة 200 روبل، وقدم إحداهما لشي جين بينج. وخلال استلامه هذه الهدية، قال الرئيس الصيني لنظيره الروسي: "ليس لدي روبلات الآن للدفع"، فيما رد بوتين على شي جين بينج ممازحا: "ستدفع ثمنها لاحقا باليوان".

وأجرى الرئيسان الصيني والروسي محادثات ثنائية، تطرقا خلالها إلى مجموعة من القضايا المحورية في العلاقات بين البلدين، وأعلن بوتين -عقب اللقاء- أن الجانبين أعربا عن اهتمامهما بتكثيف استخدام عملتيهما الوطنيتين خلال الحسابات المالية المتبادلة. كما أكد بوتين وشي جين بينج مواصلة الجهود المشتركة للتسوية السياسية في شبه الجزيرة الكورية وفق خارطة الطريق الروسية الصينية، واعتبر الرئيسان أن تحقيق هذه الخطوة يكون بتطبيع العلاقات بين بيونج يانج وواشنطن.

واتفقت الشركات الروسية والصينية على تطوير التعاون التجاري والاقتصادي وزيادة الاستثمارات المتبادلة، وفي هذا الإطار يجري دراسة 73 مشروعا بقيمة إجمالية تزيد على 100 مليار دولار، وذلك بحسب بيان صدر عن صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، على هامش فعاليات منتدى الشرق الاقتصادي الروسي، المنعقد في مدينة فلاديفوستوك الروسية.

وأضاف البيان أن المشروعات المطروحة تجري دراستها من قبل اللجنة الاستشارية التجارية المشتركة بين البلدين، وتطال مجالات الإنتاج الصناعي، والبنية الأساسية، والتنقيب ومعالجة المعادن، والزراعة... وغيرها. كما أشار البيان إلى أن 7  مشروعات بقيمة إجمالية 4.6 مليار دولار تم تنفيذها بالفعل كنتجية للعمل المشترك بين روسيا والصين.

وقال رئيس الصندوق الروسي كيريل ديميترييف: بفضل النمو الاقتصادي المستقر في روسيا والصين، هناك العديد من الفرص الاستثمارية المربحة في الأسواق المحلية، لكننا نعتقد أن الصفقات الواعدة ستظهر بفضل العلاقات الثنائية.

وانطلقت في مدينة فلاديفوستوك الروسية، أمس الأول، أعمال منتدى الشرق الاقتصادي، بمشاركة نخبة من السياسيين والاقتصاديين من مختلف أنحاء العالم، بحضور أكثر من 6000 مشارك من نحو 60 بلدا، ومن الشخصيات البارزة التي حضرت رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، ورئيس وزراء كوريا الجنوبية، لي ناك-يون، ورئيس منغوليا، خالتاما باتولغا، والرئيس الصيني، شي جين بينج.

وشهد المنتدى مشاركة واسعة لرجال أعمال من اليابان، والصين، وكوريا الجنوبية، بحكم الموقع الجغرافي لمدينة فلاديفوستوك؛ حيث تبدي هذه الدول اهتماما كبيرا بالشرق الروسي، وتجمع شركات من هذه الدول مع شركات روسية مشاريع استثمارية عديدة. وتركزت فعاليات المنتدى على 4 محاور رئيسية، شملت آلية دعم المستثمرين، والقطاعات التي تعد أولوية لمنطقة الشرق الأقصى الروسي لجذب المستثمرين الأجانب إليها، وسبل تحسين شروط حياة الناس في المنطقة، ومشاريع التعاون الدولية.

وعقدت 6 جلسات حوار بين رجال الأعمال على هامش المنتدى، وهي "روسيا-الصين"، و"روسيا-الهند"، و"روسيا-كوريا الجنوبية"، "روسيا-اليابان"، و"روسيا-آسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا)"، و"روسيا-أوروبا".

ويكتسب المنتدى -الذي ينعقد سنويا في مدينة فلاديفوستوك بالشرق الروسي- مكانة دولية بارزة من عام إلى آخر، بدليل زيادة الدول المشاركة فيه، وفي 2017 شارك في المنتدى 60 دولة، مقابل 56 دولة في 2016، فيما شاركت 26 دولة بالمنتدى في 2015. ويعد المنتدى منصة مهمة لتسليط الضوء على التحفيزات التي تمنحها الحكومة الروسية لتشجيع الاستثمارات في منطقة الشرق الأقصى، وعلى رأسها تلك المتعلقة بمشروع الميناء الحر في فلاديفوستوك.

وقد أبرمت خلال فعاليات المنتدى العام الماضي 217 اتفاقية، بقيمة 2.5 تريليون روبل (حوالي 44 مليار دولار)، كما شهد حضورا واسعا، لاسيما من اليابان وكوريا الجنوبية؛ حيث شارك فيه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، ورئيس كوريا الجنوبية مون جيه إن.

تعليق عبر الفيس بوك