رسالة مباشرة من 300 ألف جندي روسي وصيني ومنغولي إلى 29 دولة في "ناتو"

استعادة زخم "الحرب الباردة" بأضخم مناورات عسكرية في تاريخ روسيا

 

 

الصين تشارك بـ 30 طائرة إلى جانب 36 ألف دبابة روسية في 5 مواقع عسكرية

موسكو - الوكالات

بمشاركة 300 ألف جندي من قواتها المسلحة إلى جانب عسكريين صينيين ومنغوليين في سيبريا الشرقية، بدأت روسيا أكبر تدريبات عسكرية في تاريخها منذ الحرب الباردة. ومن اللافت أن ترسل الصين 3200 عسكري للمشاركة في تدريبات "فوستوك-2018" علاوة على العديد من المركبات المدرعة الصينية وبعض الوحدات من جيش منغوليا. وكانت آخر مناورة عسكرية بهذا الحجم أجرتها روسيا عام 1981 أثناء الحرب الباردة، ومع ذلك تتجاوز الأعداد المشاركة في فوستوك -2018 ما شهدته مناورة الثمانينيات من القرن العشرين.

وقال فرانتس كلينتسفيتش، عضو مجلس نواب وعقيد احتياط في الجيش الروسي: "إن افتقار وحداتنا ومقار قياداتنا العسكرية للقدرات القتالية والتنسيقية أمر يناسب الغرب، لكن الوقت تغير وأصبح لدينا الآن موقفا مختلفا في الجاهزية للقتال". وتأتي المناورة العملاقة تزامنا مع ارتفاع حدة التوترات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بعد أن ساءت العلاقات بين موسكو والحلف، المكون من 29 دولة، منذ ضم روسيا لإقليم القرم في أوكرانيا للاتحاد الروسي في 2014. وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الحكومة الروسية، إن المناورات الهائلة موجهة ضد "التوجهات العدائية وغير الودية ضد روسيا".

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن 36 ألف دبابة تحمل جنود مشاة ستشارك في فوستوك -2018 في الفترة من 11 إلى 17 سبتمبر الجاري فضلاً عن أكثر من ألف طائرة تشارك في هذه المناورات التي تُجرى شرقي روسيا.

وتتوزع أنشطة التدريب في إطار هذه المناورات على خمس ساحات تدريب عسكرية، وأربع قواعد جوية، وبعض المواقع في بحر اليابان وبحر أوخوتسوك بمشاركة 80 قطعة بحرية من الأسطول الروسي.

وقالت السلطات الروسية إن المناورات لن تقترب من جزر الكوريل المتنازع عليها بين روسيا واليابان.

وقالت قناة التلفزيون التابعة لوزارة الدفاع الروسية إن ثلاثة ألوية مظلية روسية ستلعب دورا رئيسيا خلال هذه المناورات في ميدان تشوغول العسكري بالقرب من الحدود الروسية مع الصين ومنغوليا. وقال التقرير الذي بثته القناة إن الهدف من المناورة هو تعزيز القدرة على الانتشار السريع لآلاف القوات والطائرات والمركبات علاوة على القدرة على الانتقال من غرب روسيا إلى المناطق الشرقية عبر آلاف الأميال، ما يشير إلى أن ثمة عمليات تزويد للطائرات بالوقود في الجو. ويوازي عدد القوات المشاركة في مناورة فوستوك - 2018 العسكرية عدد القوات التي شاركت في إحدى أكبر معركتين خلال الحرب العالمية الثانية. وقد أجريت مناورة روسية - بيلاروسية العام الماضي، لكنها كانت على نطاق أضيق.

لكن لماذا تشارك الصين في المناورة الآن؟ تقول وزارة الدفاع الصينية إنها في إطار تعميق التعاون العسكري مع روسيا و"تعزيز قدرات الجانبين" على مستوى الرد المشترك على "التهديدات الأمنية المختلفة"، لكنها لم تحدد أية تهديدات تقصد. وأكدت الوزارة الصينية أن عدد قواتها المشاركة يبلغ 3200 عسكري علاوة على 900 قطعة من المعدات العسكرية، و30 طائرة ما بين طائرات ثابتة الأجنحة ومروحية. ولم تقدم منغوليا أي تفاصيل عن مشاركتها في مناورة فوستوك - 2018.

وقال سيرجي شويجو، وزير الدفاع الروسي، إنَّ التطرف الإسلامي في آسيا الوسطى يشكل التهديد الأكبر لأمن روسيا.

وشددت الصين الإجراءات الأمنية المراقبة في محافظة شينجيانغ ذات الغالبية المسلمة، التي ظلت تشهد أحداث عنف تعقبها حملات قمع لسنوات، إذ تتهم الصين المسلحين والانفصاليين المسلمين بتنظيم تلك الأحداث.  وقال المتحدث باسم الكرملين إن مشاركة الصين في فوستوك - 2018 تظهر التعاون بين موسكو وبكين في كافة المستويات. وشهدت السنوات القليلة الماضية تعميقا للتعاون العسكري بين روسيا والصين، وسوف تشهد المناورة الكبرى المقبلة تأسيس مقار عسكرية مشتركة بين البلدين. ويأتي ذلك على النقيض مما كان عليه الوضع أثناء الحرب الباردة، إذ كان الاتحاد السوفييتي السابق والصين يتنافسان بقوة على تزعم الشيوعية العالمية، ووقعت بينهما صدامات على أقاصي الحدود الشرقية. وقد أجرت روسيا مناورة عسكرية في البحر المتوسط استهدفت تعزيز التنسيق بين السفن الحربية والطائرات. وحلقت القاذفات الجوية الثقيلة من طراز Tu-160 من روسيا إلى المتوسط للتدريب على إطلاق صواريخ كروز التي تستخدمها في عملياتها العسكرية في سوريا.

وكانت تلك المناورة محدودة مقارنة بفوستوك - 2018، إذ شاركت فيها 26 قطعة بحرية، بينها غواصتان، و34 طائرة، واستمرت لأسبوع لتصل إلى نهايتها السبت الماضي. واعتبر محللون عسكريون المناورة الروسية في منطقة البحر المتوسط جزءا من العمليات العسكرية الروسية في سوريا، إذ يلعب سلاح الجو الروسي الدور الأكبر في دعم قوات الحكومة السورية.

ومن جانب حلف شمال الأطلسي، قال ديلان وايت، المتحدث باسم الحلف، إن روسيا أفادت الحلف بتفاصيل فوستوك - 2018 في مايو الماضي وأنه سوف يراقب سير المناورة. وكل الدول لها الحق في التدريب بالشكل الصحيح، لكن من الضروري أن تجري التدريبات بشفافية، ووفقا لما هو متوقع منها. وتوضح فوستوك أن روسيا تركز على التدريب على الصراعات الكبرى. وتشبه هذه المناورة نموذج من التدريبات نجريه في بعض الأحيان. وأعتقد أن روسيا الأكثر ثقة في نفسها ترفع ميزانيتها الدفاعية وتعزز وجودها العسكري".

تعليق عبر الفيس بوك