متى يُحاسَب المسؤول الرياضي؟!

حمود الحاتمي

تعلن الاتحادات الرياضية عن المشاركات الخارجية، ومنها دورة الألعاب الآسيوية ودورة الألعاب الأولمبية وبطولات قارية.. كثيرا ما تُعقد المؤتمرات لعرض الاستعداد لتلك البطولات، ونسمع وعودا وردية عن تحقيق ألقاب في تلك البطولات.

دورة الألعاب الآسيوية التي أقيمت في إندونيسيا عرَّت رياضتنا، وأعادتها إلى الواقع الأليم، الذي يتجرعه كل من يتابع نتائج الفرق، وهي تخرج تباعا من المسابقة، بعد أن خرجت علينا اللجنة الأولمبية بمؤتمر صحفي تَعِد بتحقيق نتائج، وأنَّ الاختيار جاء بعد تطبيق معايير، وسألت الصحفي والناقد الرياضي الأستاذ وليد الخفيف الذي هو خبير بالرياضة العمانية، ولم أجد إلا معيار النتائج السابقة، ومعيار دراسة إعداد الفريق. وهذا سهل، وهو المشاركة في بطولات ضعيفة، وتحقيق نتائج لا تشفع لها بالتنافس الآسيوي والعالمي.

المشهد في جاكرتا عكس الواقع الذي نعيشه، وهو أن مسؤولي الرياضة في عمان لا يخضعون للرقابة الإدارية، وإلا أين هي خططهم؟ وأين هي موازناتهم؟ وأين هي ندواتهم التي تُعقد بين الفينة والأخرى؟ كيف تمَّ الاستعداد لدورة الألعاب الآسيوية؟!

الإخطاء الإدارية التي وقع فيها منتخب رفع الأثقال.. فلاعبو المنتخبات بدون إخصائي علاج طبيعي، وبعض اللاعبين بدون مُدرِّب، عطفا على الأخبار المتداولة عن عدم وجود ملابس لبعض المنتخبات المشاركة.

لماذا نتوسَّع في الألعاب ونحن لا نمارسها؟ ولماذا يرفع مستواها من لجنة إلى اتحاد وهي لعبة يمارسها أفراد محدودون، وبعض الاتحادات قوامها أسرة أو أسرتين تمارس اللعبة! هل لعبة التنس الأرضي منتشرة في عُمان حتى يُشهر لها اتحاد؟ لماذا لا تجرى دراسة ونرى ماذا يريد الشباب وتطلعاتهم المستقبلية في الرياضة؟! وساعتها سنخرج من دوامة العشوائيات إلى التخطيط السليم الممنهج!!

كم كتب الإعلام عن مشاركة السلطنة المخيبة، ويطالب المسؤولين بتوضيح الحقائق، ولكن لا حياة لمن تنادي، وتمر المشاركة مرور الكرام كما حدث الإخفاق في كرة اليد، عندما استضاف الاتحاد إحدى البطولات وخرجنا بهزائم مخزية. وطالب الإعلام الاتحاد بتوضيح الأسباب ولكن لا مجيب، وهي عادة جرت عليها رياضتنا.

اليوم.. مجلس الشورى الذي انتخبَه الشعب عليه مسؤولية مساءلة وزارة الشؤون الرياضية عن الإخفاقات، وعن الموازنات التي تصرفها على الرياضة وتذهب هباء منثور، في الوقت الذي تعاني فيه السلطنة من انخفاض أسعار النفط والأزمة الاقتصادية العالمية.

مطلوب مُسَاءَلة الشؤون الرياضية عن الأخطاء الإدارية والمالية التي نَقَع فيها دون أن تكون هناك منظومة محاسبة لهذه الاتحادات.. لا يكفي الرد باستقلالية هذه الاتحادات، وإنما تكون مساءلة مالية وإدارية: ما معني أن يصرف الاتحاد 200 ألف ريال وهو لا يقيم دوري؟! ما معنى سفريات مسؤولين تتجاوز عشرين ألف ريال في العام الواحد؟!

هذه الثقة العمياء في الاتحادات والتعويل على الجمعيات العمومية التي هي في الأساس أحد أسباب فشل رياضتنا بسبب المصالح وعدم اختيار الأعضاء الفاعلين لهذ الاتحادات، كارثة كبرى، فالرياضة العمانية بحاجة لقانون رياضي يُحَاسِب المخطئ ويكافئ المجيد، وإلا لن نتقدم قيد أنملة.

هناك أوصياء على اتحاداتنا يتمثلون في شخصيات عمَّرت في مناصبها عقودًا من الزمن، وحان الوقت أن تترجَّل عن كراسيها، وتُتيح المجال للأفكار الشابة الخلاقة التي تنهض برياضتنا، فقد مللنا من "صاحب خبرة" و"لاعب سابق" وهو لا يُنتج.

لا نُريد خبرة جامدة، نريد أفكارا تترجم إلى عمل منظم، فأهلا بشباب قادمين لحمل رياضتنا بالعلم والمعرفة والثقافة والمهارة الإدارية، ونكران الذات، وجعل عمان أولاً وقبل كل شيء. أما سياسة التجاهل والتهميش التي يتَّبعها المسؤولون عن الرياضة في عُمان، عقب كل مشاركة، وعدم الرد على أطروحات الإعلام والحصانة التي اكتسبوها من سكوت وزارة الشؤون الرياضية والجهات الأخرى، لا يخدم الرياضة؛ وبالتالي نحن بحاجة لمُساءلة كل مسؤول رياضي، وتوضيح الحقائق عقب المشاركة. وهو إجراء تتَّبعه الكثير من الدول تجاه كل من يتقاعس عن أداء المهام، وقد يُقال من منصبه الرياضي.

عُمان بلد عظيم، وحاضرة بقوة في مختلف المناسبات العالمية السياسية والاقتصادية، عدا المناسبات الرياضية، التي تدخل فيها بعلم الافتتاح وتخرج بخُفي حنينن، يخجل من يتابع تلك المنتخبات وهي تخرج تباعا ويتجرَّع ألما وحسرة. أين التخطيط الإستراتيجي الذي نتغنَّى به؟!!!!

alhatmihumood72@gmail.co