لَسْتُ فِي أَيِّ مَكَانٍ.. أَيَّتُهَا الْوَرْدَةُ


د. مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة – رام الله – فلسطين


شاعر وباحث ومترجم

-I-

مُخَبَّلٌ بِصَحْوِهِ الْفَارِهِ
[آهِ مِنْ قَسْوَةٍ فِي الْبِدَايَةِ]
وَالتَّنَهُّدَاتُ جَائِزَةٌ بِافْتِرَاضِ مَشَاعِرِهِ اللَّامِعَةِ..
أَيْضًا؛
هَادِئَةٌ أَحْوَالُهُ الْجَوِّيَّةُ طَيْرًا مُسْتَثَارًا..
وَبِالْعَوْدَةِ إِلَى بِسَاطِهِ المَجْدُورِ بِعِنَايَةٍ خَاطِئَةٍ  
أَضَعْتُ قَدَمَيَّ الْجَبَلِيَّتَيْنِ فِي جَبِينِ الرِّيحِ
كَمَا لَوْ أَنَّنِي فَرَسٌ يَعْبُرُ ثَلْجًا يَسْقُطُ
عَنْ غَدٍ.

-II-

يَتَكَاثَفُ وَحْلٌ؛ كَأَنَّهُ يَتقَمَّصُ شَمْسًا،   
[سَيَكُونُ غُمُوضٌ اضْطِرَارِيٌّ]
- لَا  بَأْسَ.. لِي مَوْعِدٌ
بِوُسْعِيَ أَنْ أَشْطُرَهُ بَيْنِي.. وَ.. بَيْنَهُ..
- وَالْكَأْسُ..
لِمَ كُلُّ هذَا التَّسَكُّعِ فِي عَيْنِهِ المَعْدِنِيَّةِ؟
لَيْتَنِي أَسْتَطِيعُ اسْتِخْدَامَ الضَّحِكِ
بِشَفْرَةِ المَسَاءِ.

-III-

وَاضِحَةٌ أَحْوَالُهُ لِلْمَرَايَا
هُوَ بَعِيدٌ؛
خَارِجَ كُلِّ شَيْءٍ مُمْكِنٍ لِلصَّيْدِ
يَصْطَادُ ضَجِيجَ افْتِرَاسِي مِنْ دُونِ عَرَقٍ تَحْتَ إِبْطَيْهِ،
[دُخَانٌ كَثِيفٌ يَخْرُجُ مِنْ فُوَّهَةِ فَمِي
آهٍ مِنْ كِتَابَةٍ سِرِّيَّةٍ عَنْ قَلَقٍ مُعْلَنٍ]
ومُمْتَدٌّ مِثْلَ مِعْوَلٍ فِي بَهَائِي
[كَأَنَّ كُلَّ رَمْقَةٍ وَلَهَا حَطَّابُهَا]
يُضَاعِفُ بُرُوقِي المُخْتَلَطَةَ بِشَهَوَاتِ الْجَوَارِحِ،
أَكَادُ أُحِسُّ بِضَرَبَاتِهِ مِثْلَ بَرْدٍ أَصَمٍّ
 فَوْقَ
 قَطِيعِ أَيَّامِي السَّائِبَةِ.

-IV-

أُرِيدُ مِنَ الْبِلَادِ؛
فِكْرَتَهَا الصَّاخِبَةَ
مُرُورًا إِلَى صَوْتِهَا اللَّيْلَكِيِّ أَيْلًا تَامَّ الظَّهِيرَةِ
أُفُقًا لِلنَّجَاةِ مِنْ هَدْأَةِ الْمَاءِ فِي بِئْرِهَا الْمُعَطَّلَةِ
وَوِسَامًا أَنْ ظَفَرْتُ بِهَا،
وَلَمْ تَكُنْ مَعِي.

- V-

[حَدِيثُ رِيَاحٍ يَلْتَهِمُ ثِمَارِيَ الْهَادِئَةَ..
عُوَاءٌ يَلِجُ الْأَحْشَاءَ كَسَيْلٍ مُوَشًّى دَمًا..
إِنَّهَا الْفِتْنَةُ فِي أَوْجِهَا
وَهذَا النَّشِيدُ عَلَيْهَا يَقُولُ رَائِحَتَهُ عَنْ بُعْدٍ.]

-VI-

أَمِيلُ
لِلرَّمْلِ  
لِخِصْيَةِ الْقَلْبِ الْخِصْبَةِ
لِلْأَرْضِ فِي أَجْرَامِهَا السَّاحِليَّةِ..
لِمَن بَقَايَا أَعْيَادِهَا مَاثِلَةٌ لِلضَّرْعِ بِأُوَارٍ عَالٍ؟
ثَمَّ حَوْضٌ مُمَاثِلٌ لِنَكْهَةِ حَلِيبِ المَاضِي..
كَيْفَ يَفْشَلُ الظِّلُّ فِي اكْتِشَافِ خُطُوَاتِي عَلَيْهِ
وَإِشَارَاتِي الْيَابِسَةِ؟
لَسْتُ قِطْعَةَ ضَوْءٍ
عَلَى
جِدَارٍ
لَسْتُ…
أَيَّتُهَا التَّهَاوُنَاتُ مُنْذُ مَا قَبْلُ (1900).

-VII-

الْكُرَةُ فِي مَدَارِهَا مِنْ دُونِ مَلَلٍ..
السَّمَاءُ تَرَفَعُ حِصَّتَهَا الْيَومِيَّةَ مِنْ رَحِيقِ المَعْنَى،
وَلَا وُجُودَ أَبْعَدُ مِنَ الضَّبَابِ الْمُتَفَتِّحِ
مِثْلَ قُطْنِ كَفَنٍ..
يَا لَحْظَةَ النَّفْخِ:
ارْتَفِعِي عَنْ هَاوِيَاتِي المُخَصَّبَةِ،
وَلَوْ قَلِيلًا،
لَعَلَّ حَظًّا غَامِضًا يُسَاقِطُ
 ثَمَرَةَ نَجَاةٍ وَاحِدَةٍ.  

-VIII-

بِبُطْءٍ، يَتَقَدَّمُ الْمَحْوُ نَحْوَ أَسْرَارِهِ المُرْتَبِكَةِ..
- أَسْرَارٌ..؟
تِلْكَ أَحْلَامٌ لَهَا جُذُورُهَا فِي كَرْمَةِ الرَّأْسِ
تَقْتَرِبُ..
أَقْتَرِبُ..
عَمِيقَةٌ هِيَ الذَّاكِرَةُ؛
تُحَاوِلُ الصَّبَاحَ مِنْ جَدِيدٍ
تُرَوِّضُ أَبْوَابَ الضِّفَافِ بِمَفَاتِيحَ غَيْرِ مَمْسُوسَةٍ..  
- أَسْرَارٌ..؟
انْتَصِبْ أَيُّهَا المَدُّ فِيَّ؛
الْعَذَارَى يَرْتَقِينَ لِقَطْفِ التَّوَافُقَاتِ مِنْ دَمِي.

-IX-

[ ... وَكَانَ أَنْ لَمَسْتُ الْأَلَمَ دُونَ مُخَيَّلَةٍ مُجْهَدَةٍ، فَالْفِتْنَةُ نُعَاسٌ يَسْتَيْقِظُ بِكَثَافَةٍ، وَبَيْنَ الْحَصَى دُخَانٌ يُوَزِّعُ شَهْوَةَ الْقَاتِلِ عَلَى جِيَادٍ عَابِرَةٍ، وَرَأَيْتُ تُفَّاحَ الطُّفُولَةِ مُلْقًى عَلَى كَتِفَيَّ مِثْلَ حُزْنِ أَلْفِ سَنَةٍ، وَدُونَ مُوسِيقَى وَبِإِيقَاعٍ دَاخِلِيٍّ رَتَّبْتُهَا فِي صُنْدُوقِ الْجَسَدِ أَمِينًا عَلَى ثَوَابِتَ طَازَجَةٍ دَائمًا.]
 
-X-

هِيَ حَفْلَةُ الْأُرْجُوَانِ السَّخِيَّةُ؛
تُزَيِّنُ المَشْهَدَ بِطَوَافِ أَرْوَاحٍ حَوْلَ قَامَاتِهَا..
لِمَ هذِهِ الْأَنْخَابُ الْأَطْوَلُ مِنْ أَرْدِيَةِ الْقَتْلَى
أَيُّهَا الضَّالِعُونَ فِي كَيْدِ سَاحِرٍ؟
وَثَانِيَةً: هَلِ الْهَوَاءُ عَذْبٌ بِمَا يَكْفِي
 لِتَنْقِيَةِ الْأَحْيَاءِ مِنْ شَوَائِبِ الْعَصْفِ؟
اتْبَعْنِي، أَيُّهَا الصَّهِيلُ، بِحَوَافِرِكَ المُزْدَرَاةِ؛
ثَمَّ أَعْدَاءٌ جُدُدٌ فِي نَشْرَةِ الْأَخْبَارِ؛
يَخْشَوْنَ أَسْمَاءَنَا
وَأَوْصَافَهُمُ المَيِّتَةَ.

-XI-

جَنَّةٌ فِي عَرَاءِ الْمُتَوَسِّطِ؛
[كَأَنَّ قَوْسَهَا مَحْضُ صُدْفَةٍ قَاسِيَةٍ]
مَا أَقَلَّ الْوُعُولَ الَّتِي تُتَوِّجُ رَأْسَهَا بِأَزْرَقِ الثَّلْجِ،
وَمَا أَكْثَرَ حَنِينِي لِلْوُضُوءِ بِمَدِيحِهَا.

-XII-

عِنْدَ كُلِّ ذَبِيحَةٍ
يَخْلُدُونَ إِلَى الْكَلَامِ:
جَسَدٌ وَاحِدٌ يَكْفِي لإِثَارَةِ تَرَاتِيلِ الْهَيْبَةِ،
وَشُرْبِ قَهْوَةِ الْعَزَاءِ..
إنَّهُمْ نَرْجِسُنَا عَلَى
 صَفْحَةِ الرَّمْلِ
كَائِنَاتٌ، قُبَيْلَ المَاءِ، تَفْقِدُ ظِلَالَهَا،
وَتَرْجُمُ مَدِيحَ الْإِقَامَةِ..
هَلْ سَيَكْرَعُونَ زِئْبَقَ الْفَضَاءِ،
أَمْ سَيَتَغَرْغَرُونَ عَتْمَةً بِأَكْمَلِهَا؟
لَيْسُوا بِشَارةَ النَّجَاةِ مِنْ غَرَقٍ قَبْلَ الْبَحْرِ،
وَلَيْسُوا هِوَايَتِي المُفَضَّلَةَ.

-XIII-

لَمْ يَكُنْ إِلَّا الَّذِي أَخْشَاهُ..
مَفْتُونٌ بِهَا
يَصْقُلُهَا الصَّقِيعُ مِثْلَ رَأْسِ المَاءِ..
تَظَاهَرِي بِي- إِنَّنِي قَمِيصِي؛
أَدُسُّنِي [ مُطْمَئِنًّا ] فِي ثُقُوبِهِ المُشْتَعِلَةِ
حَيْثُ أَنْتِ عُرْوَةُ الدِّفْءِ
... هكَذَا قُلْتُ لِي.

-XIV-

لَسْتُ فِي أَيِّ مَكَانٍ، أَيَّتُهَا الْوَرْدَةُ،
وَلَسْتِ...
لَعَلَّنَا أُبَّهَةٌ مَقْصُوفَةٌ
أَوْ رَغْبَةٌ مَاكِرَةٌ.

 

تعليق عبر الفيس بوك