الثروة الشبابية في خطر!

د. فوزية البدواوية


يعتمد اقتصادنا بصورة كبيرة على النفط؛ لذلك تجتهد الحكومة لإعداد الخطط والبدائل لزيادة الإنتاجية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة التحديات الاقتصادية، لكن رُبما لم يلتفت أحد إلى الطاقة البشرية والثروة الشبابية والأيدي الوطنية العاملة التي تُمسك شهاداتها بأيادٍ تواجه خطر اليأس والإحباط.
أليس من الأولى الاهتمام باستثمار الموارد البشرية على أساس أنَّها المورد الوحيد غير الناضب؟ ألم نتعلَّم ذلك منذ الصِّغر في كُتب العلوم والدراسات الإجتماعية وغيرها، أنَّ الفراغ يقتل هذه الطاقة الشابّة، ويكاد يقضي عليها؟! وها أنا أجزم لكم بأن الشاب أو الفتاة بعد تخرّجه في الجامعة أو إنهائه للدراسة الثانوية وانتظاره لشاغر الوظيفه، فإنه في كل يوم يفقد جزءا من مهاراته، جزءا من طاقته ومعرفته كذلك. وينام العقل وتضمُر عضلة التفكير، ويعتاد الكسل والفراغ؛ ليأتي بعد ذلك مسؤول التوظيف أو رب العمل ويرفض هذا الشاب أو الفتاة بحجّة عدم توافر الخبرة، ولكن أعلموني كيف يحصل على الخبرة دون أن تتوافر له فرصة عمل أو تدريب على الأقل؟!!!
وأظل أتساءل هنا حول الذين يستغّلون وضع الشباب الباحث عن العمل بتوفير فرصة تدريب بدون راتب. ألم يدرس هذا بما فيه الكفاية؟ وهل تشكك في الشهادة التي حصل عليها أو في الكلية التي تخرج فيها حتى تستوجب عليه الحصول على شهادات خبرة من مؤسسات أخرى؟
أنا أعلم أن سقف المنافسة مرتفع للغاية بسبب شحّ بعض الوظائف؛ بحيث يكون الطلب على هذه الوظائف أكثر من العرض بفارق كبير جدا؛ لذلك يفضّل صاحب العمل اختيار اصحاب الخبرة، وفي أحيان كثيرة يعمل على استجلاب عمالة وافدة سترضى بساعات عمل أكثر وراتب قليل، في حين أن أبناء الوطن مرفَّهون لا يقبلون عرضَ العمل هذا. ولكن الحق في أحيان كثيرة أن عروضَ العمل هذه مُنافية لقانون العمل في البلاد، وربّ العمل لا يمكن له أن يتحلى ولو بالقليل من التضحية لأن هدفه الأول ربحي مادي، وهنا يكمن دور الدولة في اشتراط وجود نسبة معينة لا يتعداها لاستجلاب عمالة وافدة.
ثروة الشباب في خطر، وكان لا بد من دقّ هذا الناقوس منذ زمن طويل، ولكن المشكلة تكمن في الآذان، فهل من مستمع ومجيب؟ وفي العقول، فهل من مخطط وساعٍ لذلك؟
أشعر أنَّ هناك فئة من الشباب معلّقة لا هي موظفّة ولا هي تحظى بفرص لإكمال دراستها، تراهم عاجزين عن الإنفاق على ذواتهم، هناك نظرات عاجزة في عيون آبائهم عن مواصلة الكد والكدح، يحدّثون ذواتهم: "ألم يحن الموعد بعد يا بُني حتى تحمل المسؤولية عني" بصوت خافت لا يسمعه أحد، ولا يشعر به أحد، ترى نظرات الخذلان تجتاح القلوب قبل الأعين لدى أبنائنا "لو التحقت بالسلك العسكري بدلًا من إكمال دراستي الجامعية لكان أفضل لي، أو لو لم أدخل هذا التخصص لما وجدت نفسي الآن بلا عمل، وألف لو للتمني وألف لو للوم والحسرة".

تعليق عبر الفيس بوك