الرجل.. هذا الكائن المعقَّد

مدرين المكتومية

 

عندما يتعلق الأمر بالرجل، فهناك تفاصيل يجب أن تُؤخذ على مَحْمَل الجد وبعين الاعتبار؛ أهمها: الفهم الكافي لطبيعة الرجل، خاصة وأنَّ كل ذكر لديه طبيعة تختلف عن الآخر؛ فتجد هناك الصبور والمتحمِّل والذكي والهادئ والسليط، والشخصية المنفصمة، والأخرى المزاجية...وغيرها من التناقضات التي يعيشها الرجال في حياتهم؛ الأمر الذي يصعب كثيرًا على النساء فهمه، ويحتاج لامرأة يُمكنها أن تحدد نوعَ الرجل الذي تعيش معه، أو الذي ستضطر لتعيش معه طوال حياتها، خاصة وأنَّ الكثير من العلاقات ذهبت لمسارات غير متوقعة، وسببها فقط عدم الفهم واستيعاب ظروف وطبيعة الطرف الآخر.

حين نتحدث عن الرجل، فنحن نتحدث عن كائن مُعقَّد في الأساس، ليس بتعاملاته بل في طبائعه، أي أنه لو لم يجد من يتصارع معه فهو يتصارع مع نفسه، هو دائمًا في حالة من الصِّراعات الداخلية، لما كان وحصل، ولما هو كائن وما سيكون في المستقبل، حياته ماضية وفق خطط وتطلعات واحتياجات، كل ذلك يجعله متأثرا بكل شيء حوله؛ وبالتالي ينعكس الأمر على حياته في المنزل ومع أسرته؛ فالبعض من الرجال يعتقد دائمًا أنه لا يوجد من يشعر به، وأنه محل نكران من الجميع، وكل ما يقدمه ليس محل اكتراث، وإنما يراه الآخر أنه جزء من مسؤوليته التي لا يجب أن يشكر عليها.

الكثير من الرجال يعتقدون أن حياتهم ماضية بمزاجياتهم، وأن الجميع من حولهم يجب أن يحفظوا الدرس بالتعامل معهم، وهناك أيضا قسم من الرجل لا يشعر بكينونته إلا إذا مرَّت عليه امرأة وأشعرته أنها لا يمكن أن تعيش دونه وأن حياتها تتوقف بمجرد نكرانه لها أو إهماله؛ فهو يبني رجولته من ضعف من هم حوله، والعكس هناك الشخص القوي الذي لا يريد أن يشعر بالتزام مطلق؛ وبالتالي يريد امرأة قادرة على أن تسيير حياتها دون الرجوع إليه، فهو يريد أن تظل حياته هادئة ولا يلتزم فيها بأحد، ولا يشعر أن هناك قيودًا مفروضة عليه، وهناك مجموعة أخرى تجد أن الحياة بين الرجل والمراة تمضي وفق ما تفرضه العادات والتقاليد، فتجده يحترم حياته الزوجية باحترامه لأسرته، ويتزوج برغبتهم، فهو ضعيف، لكنه يعيش القوَّة بقيامه بما يُطلب منه، وانصياعه لأوامر والدته ووالده، وما تفرضه القبيلة وطبيعة القرية، كل ذلك يجعل كل رجل مختلفًا أمام أي امرأة، حتى الرجل يختلف عند زوجته، وربما أيضا عندما يكون مع أخته وأمه، بحسب اختلافات الوضع الذي يعيشه والمفروض عليه، كل ذلك يؤثر تأثيرًا مباشرًا على طبيعة الرجل ووضعه ونفسيته وأسلوب حياته. هذا النوع المختلف من الرجال في الطبائع والتفاصيل يحتاج امراة تستطيع تحليل شخصيته قبل أي شيء آخر، ومن ثمَّ تتعامل معه بالطريقة التي تتماشى مع تلك الصفات، فليس مطلوبا منها أن تغيِّر نفسها لأجل أحد، ولكن أن تكيِّف الوضع فقط بما يُحدِث الاستقرار والترابط في حياتها مع الرجل الذي يُشاركها لحظات العمر، فأهم ما يملكه الرجل أو المرأة هو "العمر"؛ فمراحله وساعاته وأيامه يجب أن تُعاش بسعادة مطلقة، لا مجال فيها للبحث عن بدائل أو ترك كل شيء والمضي قدمًا لحياة أخرى مجهولة أيضا، والاختلاف سيظل قائمًا بين الذكر والأنثى كما كان منذ بدء الخلق، وحتى الغد، والمستقبل الممتد.