تعقيبا على تعقيب!

د. عبدالله باحجاج


تابعنا تعقيب القسم الإعلامي للشركة الوطنية العمانية للهندسة والاستثمار "أونك"، المنشور يوم الخميس الماضي بجريدة "الرؤية"، على مقالنا المعنون باسم "إجراءات تثقل كاهل المواطن"، ونودُّ تسجيل هذه الملاحظات التالية عليه:
أولا: التعقيب يبسط قضية اجتماعية كبيرة، ولا ينفذ للواقع الميداني الذي رصدناه بشهود عيان، وعبرنا عنه في مقالنا سالف الذكر (يراجع المقال)، وأعقبناه بتغريدة تدعو مجلسي الشورى والبلدي عن محافظة ظفار إلى التدخل لوقف معاناة المئات من المواطنين ممن تقطع عنهم خدمات الماء والكهرباء يوميًّا، وقائمة طويلة في الانتظار.
ثانيا: زرنا مُجددا شركة تحصيل الفواتير عقب تعقيب القسم الإعلامي؛ لعلنا نرى متغير فيما ذكرناه في المقال؛ فوجدنا ما ذكرناه من تشديد الخناق قائما، وصرخات نسائية تطالب بالرأفة في تحصيل المستحقات. وهى كالاتي -نكرر مجددا- 75% وليس 50% من قيمة الفاتورة للمستخدمين الذين لم تقطع عنهم الخدمات. أما الذين قُطعت عنهم خدمة الكهرباء، فلزاما عليهم أولا دفع غرامة قيمتها 15 ريالا، وفي الوقت نفسه دفع "كامل" المستحقات، أما عودة المياه المقطوعة، فيُشترط دفع كامل المستحقات، دون غرامة؛ فأين ما ذكره البيان عن دفع 50% من قيمة المستحقات؟
ثالثا: نؤكد لشركة "أونك" على استمرارية هذه الآليات المتشددة المتبعة من قبل شركات تحصيل مستحقات الفواتير، وهى تسبب آلاما اجتماعية كبيرة ومتصاعدة، وصرخة إحدى النساء الطاعنات في السن: "ارحمونا حتى آخر الشهر" لم تجد لها آذانا صاغية.
رابعا: قضية التراكمات التي تتشدد فيها إجراءات التحصيل ليس لثلاثة أشهر، وإنما لسنوات -وهذا مُوثَّق- فمَن المسؤول عن هذا التأخير؟ وكيف تركت الشركة الوضع هكذا حتى الآن؟ المسؤولية هنا مشتركة، ولو عرفنا حجم الأموال المتراكمة، فسيتَّضح لنا حجم المسؤولية المشتركة!
خامسا: لم نتناول في مقالنا سالف الذكر ما أثاره التعقيب عن قيام وافدين بالاستيلاء على خدمة الكهرباء والمياه، ولا نعرف عنها أصلا، فكيف يزج به في التعقيب؟ علما بأنه قد أخذ مساحة كبيرة من التعقيب.
ومما تجدر الإشارة إليه أخيرا، أنَّ أعضاء أساسيين من المجلس البلدي مع مجموعة من شيوخ وأعيان ومواطنين قد قاموا بزيارة ميدانية يوم الأربعاء الماضي، وتعرفوا على حجم المشكلة وآفاقها، واجتمعوا مع مسؤولين في الشركة، وقد أصبحوا بدورهم شهودَ عيان، وملف هذه القضية من اختصاصهم، فماذا هم فاعلون؟
تتحكَّمهم الآن رؤيتان؛ الأولى عاجلة، والثانية مؤجلة؛ نتفق مع الأولى، ونختلف مع الثانية شكلا ومضمونا، فتركها حتى انعقاد أول جلسة للمجلس البلدي في بداية الشهر المقبل، ليس عمليًّا، ولا يستبق في حل أزمة جماعية قبل أن تقع، ولا هي في مستوى الأزمات الأسرية التي تقع يوميا للمئات من المواطنين.
ونتمنَّى التدخل سريعًا، لتدارك أزمة اجتماعية مقبلة "لا محالة" إذا ما استمرت سياسة التشديد الراهنة، خاصة وأن هناك استحقاقات مقبلة مثقلة جدا على المجتمع كالعيد وعودة المدارس، كما لا يمكن قبول أن تظل هناك أسر دون ماء أو كهرباء أو أحدهما؛ سواء في أيام الأعياد أو الأيام الاعتيادية، خاصة كذلك أن كل الأسر تطالب بتسويات مالية مقبولة لأوضاعها لتراكماتها المالية؛ فدفع كامل مستحقات الفواتير أو أغلبيتها مع الغرامات.. من المؤكد فوق طاقات الطبقات المتوسطة فما بالنا بالضعيفة؟