صراخ الصامتين!

عائض الأحمد


لا تجرح مشاعرى يا أخى، فأنا لم أكن يوما رسولَ حزنٍ، أو نذير بؤس، أو قاعدة بيانات لكي أسرد حكايات وأروى روايات لم يشاهدها غير صاحبها فقط.
لماذا تظن بأنني سوف أتعاطف معك، وأكون داعما لك، أعلم أن ما يُدخل السرور عليك يوما قد لا يعني أقرب الناس لك، عليك أن تؤمن بأن فرحك وحزنك خاصَّان بك وحدك، ليس علينا أن نطير فرحا أو ننغمس حزنا لما قد يُصيبك، فتكون كمن ينتظر أن يجني من الشوك العنب.
هذه العلاقة بين ما يجب وما قد كان، لا تستطيع أن تضعها حكما على أفعال الآخرين.. قد تجد أسرة كاملة تعيش في منزل واحد، وكل فرد منها مستقلٌ بحياته: أفكاره، أخباره، أفراحه وأحزانه.. الرابط الوحيد بينهم هو باب ذاك المنزل، فهم يدخلون ويخرجون من هنا ليس إلا.
لم يعد غريبا أن يعلم عنك البعيد ويردِّد اسمك وتجد من يتجاهلك وهو يسكن دارا تجاورك، العجيب حقا أنك تتواصل مع شرق الدنيا وغربها، وهناك من لا يصدق أنك تقف إلى جواره.
شاحت وجوه، وتغيرت أسماء، وفقدنا أحبَّة كرام.. سُنن الكون ستظل باقية، فماذا عن علاقات أخوة تمزَّقت وأصبحت نسيانًا تطويها حياة قاسية، لم تدع لهم ما يجمعهما أو ضيقا يعيدهما إلى رشدهما.
تستطيع أن تؤثر في نفسك عندما تستشعر حبا داخلك، وتترجمه لغة سهلة يفهمها الجميع، دون أن يدرس لغة الشفاه عندما تقنعه إشارات القلوب.
تُخطئ عندما تنصب مشاعرك دليلَ وعي وحكما نافذا لا يقبل المراجعة.. افهم عُمق ما تحدثك به نفسك، ولكن لن أفهم انكفاءك اعتراضا وتذمُّرا، فلن يشعر بك أحد، وحينها ستفقد الجميع.
يقول العرب: "عش مظلوما ولا تعش ظالما"، قسوة الحياة عندما تجبرك على خياريْن لا ثالث لهما، أحدهما أمرٌّ من الاخر.
لقد اعتدنا على أن يكون هناك ضحية حتى يستوى الأمر، ويقضي الله أمرا كان مفعولاً.
-----------------
ومضة:
يصفو لك الدهر يومًا.. فلا تعتقد أن يصفو لك اليوم دهرا
تأتي لك الساعات بما تهوى.. وتهوى بك الحظات عمرا.