سماسرة التأمين العمانيين وفُرص التطور والنجاح

 

علي بن محمد اللواتي

 

يتعامل مشتري الحماية التأمينية إما مُباشرة مع شركة التأمين أو يشتري التأمين المطلوب عن طريق وكيل تأمين أو عن طريق سمسار تأمين. حديثنا هنا عن سمسار التأمين ودوره في خدمة مشتري وثائق التأمين وخدمة حاملي الوثائق عند وقوع حوادث.

سمسرة التأمين نشاط تجاري تمنحه وزراة التجارة والصناعة ويتم ترخيصه من قبل الهيئة العامة لسوق المال. وسمسار التأمين مستقل تمامًا عن جميع شركات التأمين ومسؤول عن أفعاله وأخطائه بشكل مستقل عكس وكيل التأمين حيث إن شركة التأمين التي هو وكيلها مسؤولة عن أفعاله.

سمسار التأمين الجيد يُقدم خدمات جليلة لزبائنه فهو يدرس أعمال الزبون التجارية ويُحدد المخاطر التي قد يتعرض لها الزبون في عمله التجاري ويقوم باقتراح برنامج تأميني لتغطية تلك المخاطر.

هذا العمل مهم جدًا لأي عميل تجاري حيث إن أغلب العملاء لا يعرفون بدقة ما يحتاجونه وإذا عرفوا فإنهم غير واثقين لعدم معرفتهم بكامل تفاصيل الوثائق وكيف يُمكن التأكد من أنَّ الوثيقة التي اشتروها تلبي فعلا ما يحتاجونه من تغطية تأمينية.

أغلب الشركات التجارية تعتمد على مديري الإدارة أو المالية لإتمام عملية شراء برنامج تأميني، مع أن الدائرتين المذكورتين لا تمتلكان الخبرات الكافية، حيث إن التأمين ليس تخصصهم وهم يتصرفون حوله بناءً على ما يعتقدون أنه الأنسب والأشمل لحماية شركاتهم من التعرض للمخاطر.

كم من حادثة تقع ويتم الاكتشاف لاحقاً أنَّ وثيقة التأمين التي تم شراؤها فيها قصور أو نقص في البنود والشروط بحيث لم تعد تنفع في تغطية خسائر تلك الحادثة.

مؤخراً استشارني أحد الشباب العمانيين ونحن نحتسي القهوة في أحد المقاهي وقال إن لديه مشروع ترفيهي بحري في أحد الفنادق في صلالة وقد تعرضت ممتلكات مشروعه لأضرار بالغة أثناء إعصار مكونو وسألني هل التأمين يعوض تلك الخسائر، فقلت له إذا كانت لديك وثيقة تأمين صحيحة فإنَّ شركة التأمين ستكون ملزمة بتغطية نفقات الخسارة، خاصة وأن الهيئة العامة لسوق المال في اجتماعها بعد إعصار مكونو مع شركات التأمين، قامت بحث تلك الشركات كثيراً على عدم التأخر في سداد مطالبات الإعصار، بل وألزمتهم بأن يتم تعزيز كوادر فروعهم الحالية لتعجيل دفع المطالبات، ونسقت الهيئة العامة لسوق المال مع غرفة تجارة وصناعة عمان على أن تقدم الأخيرة أحد مكاتب فرعها بصلالة لشركات التأمين التي لايوجد لها فروع في صلالة، كل هذا لأجل عدم التأخر في الاستجابة للمطالبات.

فرح صاحبنا كثيرًا لهذه الأخبار، وقال لي بأنّه سيجلب لي وثيقة التأمين التي لديه لأراجعها له، ولكن للأسف عندما تفحصتُ الوثيقة وجدتها تُغطي لصاحبنا الأضرار التي يكون هو المتسبب فيها لطرف ثالث أثناء ممارسته لنشاطه التجاري، وهذا ما يُسمى بتأمين المسؤولية المدنية.

العبرة هنا تكمن في أنَّ ما تعرض له صاحبنا، راجع إلى سوء اختياره للوثيقة.

لقد دفع قسط تأمين عن رضى تام مُقابل الحصول على تغطية تأمينية، وإذا به يكتشف عند وقوع الضرر بأن الوثيقة التي بحوزته ليست بالتي تغطي له أضرارا من هذا النوع، ولن تقوم بتعويض خسائره.

هنا يأتي دور السمسار الجيِّد، إنه يعمل على تنبيه عملائه إلى أنماط الوثائق المتاحة وما التي يحتاجونها تحديدا. لا يدع السمسار المخلص هذه المشاكل تقع لعملائه، لأنه يعمل لأجل أن يقدم للعميل ما يحتاجه فعلاً، هذا، قبل أن يقترح عليه الوثيقة التي يحتاجها تماماً.

بالطبع، يتحمل السمسار مسؤولية قانونية لو أخطأ في نُصح الزبون، ونتج عن النُصح الخاطئ خسارة لزبائنه الذين وثقوا في نصحه.

السمسار الجيد أيضاً يقدم للعميل التجاري عروض التأمين لأكثر من شركة تأمين، ويوضح له ما الذي تقدمه له كل شركة تأمين من ميزات وتغطيات تأمينية مقابل قسط التأمين الذي تطلبه.

وفي الكثير من المقارنات التي نجريها لمُتطلبات الزبائن لا نجد بالضرورة أن شركات التأمين التي تقدم تغطيات واسعة أو موسعة تطلب أقساط تأمين إضافية. وهذا قد يستغرب منه البعض ولهم الحق ولكن هناك أسباب فنية تفسر هذه العملية قد نفرد لها مقالا في وقت آخر.

من الأمور التي تساعد سمسار التأمين الجيد على تقديم مقارنة واضحة للعميل هو أن السمسار يقوم بتصميم تغطيات وشروط وبنود الوثيقة التي يرغب أن تقدم شركات التأمين عروضها له، وهذا يسهل على السمسار التحليل الصحيح وإرشاد العميل بالاختيار الصحيح من بين العروض التي تلقاها.

هذا السرد يوضح جزءًا من أهمية سمسار التأمين في أي سوق تأميني.

سأقوم هنا بالإشارة إلى بعض تفاصيل سوق سماسرة التأمين العماني وموقع سمسار التأمين العماني.

ينقسم سوق سماسرة التأمين في السلطنة تقريباً كالتالي:

  • شركتان عالميتان بل ومن كبريات الشركات العالمية.
  • شركة عمانية واحدة تُعد من سماسرة التأمين الكبار وقد توسعت بعون الله وفتحت لها فروعا خارج السلطنة وبعض مساهميها من كبار المستثمرين العمانيين.
  • شركتان أمريكيتان بالكامل وتُعدان من السماسرة المتوسطين.
  • حوالي 6 شركات عمانية بالكامل ويقوم ملاك الشركات بإدارتها بأنفسهم على أساس دوام كامل ومسجلين في التأمينات الاجتماعية تحت شركاتهم.
  • حوالي 20 سمسار تأمين بشركات يمتلك أغلبها عُمانيون وتقوم بإدارتها إدارات آسيوية.
  • حوالي 10 من شركات سمسرة التأمين تتضمن شركات عمانية وأجنبية والكثير من حديث الإنشاء أو تتخصص في تأمينات المجموعات التجارية التي تتبعها.

حديثنا هنا بالدرجة الأولى عن فئة الشركات التي يمتلكها ويُديرها العمانيون، وهي جميعها من فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة، فبالرغم من مرور سنين طويلة على إنشاء أغلبها إلا أنَّ الشركات العالمية لا تزال تستحوذ على حصص ضخمة في سوقنا المحلي.

تختلف الشركات العُمانية من حيث حجم الاحترافية التي تمارس بها نشاطها، فبعضها عالية الاحترافية والفنية وبعضها أقل احترافية، ولكن لا شكاوي أو تذمر من عملائهم لما يتلقونه من خدمات مرضية في جميع الأحوال.

سوق سمسرة التأمين سوق متنامٍ ولابد من تمكين شركاتنا العمانية من أخذ الحصة السوقية المناسبة لتتمكن من الاستمرار والنمو والتطور. تطور هذه الشركات يتوقف على منحها فرصا أكبر وخاصة في أنواع التأمينات التي لاتتطلب خبرات فنية كبيرة.

على سبيل المثال: تأمين السيارات لا تحتاج إلى احترافية عالية فالهيئة العامة لسوق المال بحكمتها في إدارة قطاع التأمين التفتت إلى أهمية توحيد وثيقة التأمين وهذا ما قامت به قبل عقد من الزمن وكانت له نتائج إيجابية كبيرة جداً على سوق التأمين العماني ومشتري وثائق التأمين.

فهذا القطاع يمثل جزءا كبيرا من سوق التأمين العماني ولو صدر قانون بوجوب إسناد تأمينات السيارات الحكومية والشركات الحكومية وسيارات شركات النفط والغاز الحكومية وشركات المطارات واللوجستية لكان لهذا القرار أكبر الأثر في دفع الشركات العمانية للنمو والتطور والحصول على حصة سوقية أكبر.

سمسار التأمين العماني يواجه عدة تحديات تجعل نموه بطيئا وتتمثل هذه التحديات في قلة العناصر العمانية، فالوافد يقدم خدماته لمن هو من نوعه ولا يعير اهتمامًا خاصاً بالعماني، ولا شك أنَّ الهيئة العامة لسوق المال قد أدركت تماما هذا الأمر، ولن تؤخر جهدا لتأهيل الكادر العماني حتى يُصبح متمكنًا مهنياً، كما ونرجو أن تتكلل جهودها بالنجاح في سبيل تذليل الصعاب أمام تطور ونجاح شركات السمسرة العمانية.

إنَّ رعاية شركات السمسرة العمانية لاسيما وأن أغلبها تُعد من الشركات الصغيرة أو المتوسطة، يتوافق تمامًا مع اهتمام الحكومة العمانية في ما تبذله من اهتمام لإنجاح هذا القطاع، ونرى أن التخفيف من عبء بعض البنود القانونية عنها سيُساهم في تمكينها من المنافسة على حصة أكبر في سوق التأمين المحلية.

الهيئة العامة لسوق المال تنظر إلى هذه المواضيع بأهمية بالغة، وما برنامج تمكين لتدريب الكوادر العمانية إلا مثال على ذلك. ولكن نقترح عدم الاكتفاء بالتدريب فقط، بل العمل على تمكين شركات سمسرة التأمين العمانية من اختراق بعض القطاعات التي تسيطر عليها الشركات الكبرى وخاصة قطاع الحكومة وشركاتها المتعددة.

التأمين الصحي الإلزامي فرصة ذهبية تلوح في الأفق ويمكن من خلالها إعطاء شركات سمسرة التأمين العمانية حق الأفضلية وتمكينها من أخذ حصة الأسد في قطاع التأمين الصحي المتنامي وقانون جعل ذلك إلزاميًا نتمنى له أن يرى النور عاجلا.

مسؤوليتنا بالدرجة الأولى أن يحظى السمسار العماني بحصة الأسد في سوق بلده، طالما يستطيع بجدارة وكفاءة أن يقدم خدماته لزبائنه، والتوجه إلى شركات أجنبية لمجرد أنها تمتلك اسما رنانا لا يتوافق مع ما ننشده ونسعى إليه من دعم الكفاءات الوطنية.

تعليق عبر الفيس بوك