خريفٌ.. دون حوادث أو تجاوزات

مسعود الحمداني

تمنيتُ -ككل مرة- لو أنَّ موسم الخريف مر دون حوادث، إلا أن هذه الأمنية تتكسر كل عام على أرض الواقع، وتتفتت على أسفلت الشارع الواصل إلى صلالة؛ فالحوادث المميتة السنوية تفسد متعة الموسم، وتجعل من الرحلة السعيدة مأتما أسود -لا قدّر الله- ، ولعل أسباب هذه الفواجع كثيرة تبدأ بالسائق، وتمر بالطريق ومفاجآته، ولا تنتهي عند الحالات الطارئة التي لا يحسب لها المرء حسابا.

فزيارة صلالة -برًّا- في هذا التوقيت، تحملُ الكثيرَ من الفرح والسعادة للزائرين، لكنها لا تخلو من المخاطر التي تحدث بين الحين والآخر، والتي تتطلب من السائقين الحذر، ومن الحكومة سرعة التصرف؛ فالطريق بحاجة إلى استراحات أكثر، وإلى سرعة في تنفيذ ازدواجية ما تبقى منه، وإلى وحدات متحركة لإصلاح الأعطال المفاجئة التي قد تلحق بالسيارات، إضافة لتكثيف دوريات الشرطة، ومراقبة الشارع. أما فيما يتعلق بالسائق، فعليه التقيُّد بتعليمات السلامة بدءا من مرحلة التخطيط للرحلة إلى الفحص الشامل للسيارة وإطاراتها، ومتعلقاتها، إضافة إلى أقصى درجات اليقظة والحذر أثناء القيادة، خاصة في المواقع ذات الرمال المتحركة، كما أنَّ على السائق أن لا يغفل عن أخذ قسط وافر من النوم والراحة قبل القيادة، والتوقف عند الإحساس بالتعب والإرهاق، وأن لا ينسى أنه مسؤول عن أمانات وأرواح عليه الحفاظ عليها، كما أنَّ عليه أن يتوقع مفاجآت الطريق التي قد تواجهه من انحراف سيارة أخرى، أو سائق متهور قادم في الاتجاه المعاكس.

إنَّ بعضَ السائقين يقطعون مسافات بعيدة -سواء داخل السلطنة أو خارجها- وهم لا يعيرون ضوابط السلامة اهتماما، ويعتقدون أنهم قادرون على التحكم بأنفسهم وبسياراتهم لثقتهم بمهاراتهم القيادية، ولكن ذلك كله يبتخر في أول اختبار قد لا يكون له دور ثانٍ للإعادة، ويؤسفنا كثيرا حين نسمع عن حادث مروري يقع سواء لضيف قادم من دول الخليج أو لزائر من أبناء السلطنة، ويحزننا أكثر حين ينتج عن تلك الحوادث وفيات جاءت للفرح فإذا هي تعود محملة في توابيت الموت، تاركة وراءها قلوبا تتلوى غصة وألما.

إلى جانب تلك الحوادث المميتة ومسبباتها، يرتكب بعض السائقين من دول خليجية أحيانا تجاوزات غير مقبولة؛ مما يترك انطباعا سلبيا في أذهان الذين لا يدركون معنى التقيّد بأنظمة البلاد؛ فنجد عمليات "التفحيط" والاستعراضات البهلوانية في المسطحات الخضراء، إما نتيجة جهل بالقوانين أو استهتار من أولئك السائقين؛ لذا يتوجب على شرطة عمان السلطانية توزيع منشورات مرورية عند مداخل محافظة ظفار أو في المنافذ الحدودية بالممنوعات وعقوباتها التي ينص عليها القانون العماني، حتى يتجنبها الزوار، ولا يكون لهم عذر حال ارتكابها.

ورغم أن السياحة في محافظة ظفار تنمو بشكل أسرع من نمو الخدمات المصاحبة لها، إلا أن الطبيعة البكر، والمناظر الساحرة الفريدة تجعل من المحافظة قبلة للسياح من كل أنحاء العالم، وهي تغسل كل هم وحزن وتعب قد يصاحب رحلة طويلة شاقة، ولا شك أننا حين نسمع الإشادات والانطباعات الإيجابية من أفواه الزائرين، فإن ذلك يشكل تحديا كبيرا ومسؤولية مضاعفة؛ سواء للسلطات أو الأفراد؛ لكي نحافظ على سُمعة السياحة الداخلية في أعلى مستوياتها، ولكي نجعل من موسم الخريف مناسبة استثنائية للجميع، لا يكدِّر زيارتها حادث، ولا يعكّر صفو جوها عابث.

ووقتا سعيدا وممتعا وآمنا لكل زائر إلى هبة الرحمن الساحرة "صلالة"....،

Samawat2004@live.com