لماذا تحتاج صلالة إلى إعادة تطوير؟

عبد الله العليان

تحدثت منذ عدة سنوات ولمرات عديدة عن الحاجة الماسة، لتطوير مدينة صلالة تخطيطياً، لكونها تحتاج إلى خطة مستقبلية لمواجهة الاختناق المروري، الذي سيصبح أمراً واقعًا والآن، وسيكون أصعب لا محالة في السنوات المُقبلة، مع ازدياد المركبات، سواء من سكان المحافظة، أو من المواطنين العمانيين عموماً، أو من الزائرين من دول مجلس التعاون، ومن دول أخرى.

 صحيح أن الدولة منذ عدة سنوات قليلة، نفّذت من خلال وزارة النقل والاتصالات، ومكتب وزير الدول ومحافظ ظفار من خلال بلدية ظفار، والمجلس الأعلى للتخطيط، العديد من المشروعات، حيث تم بناء وتجديد الكثير من المرافق في مجال الطرق وتوسعيها، إلى جانب العديد من الجسور الهامة التي أسهمت إسهاما كبيراً في التخفيف من الأزمات المرورية خلال السنين الماضية، لكن لابد من خطة مستقبلية في هذا المجال.

وقد قلت في مقال سابق إن صلالة لم يتم التخطيط لها بصورة سليمة منذ البداية، وكان التخطيط سلبياً وغير مدروس للأسف، ولم يكن كما ينبغي أن تكون عليه مدينة صلالة من حيث سهولة وسعة وانسياب حركة المرور، لو تم الأمر من خلال مخططات الطرق والمواقف والمخارج والمواقف والدوارات، فالمدينة تقع على أرض مبسطة، وسهلة في موقعها، فلو كان هناك تخطيط جيد، وطرحت نظرة تخطيطية مستقبلية لما ستكون عليه المدينة بعد عدة عقود، فالمدينة ليست من المدن المكتظة بالسكان، ولا يوجد بها منحدرات جبلية تعيق التخطيط السليم، لكن للأسف فإن التخطيط نفسه لم يكن سليما".

وهذا ما تجنيه الآن المدينة من الأزمة المرورية التي تزداد عاما بعد عام، ولذلك من المهم إعادة تخطيط المدينة مرة أخرى، وهذا سيكون له المردود الإيجابي، وتفادي ما سيقع بعد عقد أو أكثر في مجال حركة المرور، وربما يكلف الدولة أضعاف التطوير لو تم تأخيره من الآن، والواقع الذي لا يختلف عليه أحد أن مدينة صلالة أصبحت واجهة سياحية عائلية على مستوى دول مجلس التعاون، وكذلك السياحة الداخلية من كل مناطق السلطنة، وهي النسبة الأكبر من الزوار في هذا الفصل، وهذا الأمر يتطلب من الجهات المعنية المسؤولة عن التخطيط والسياحة والخدمات أن تنظر إلى تعزيز جانب التطوير بما يخدم هدف تنشيط السياحة، سواء من حيث وضع خطط شاملة للسياحة في كل ولايات محافظة ظفار التي يرتادها الزوار والسياح، أو إقامة خدمات متنوعة في تلك الأماكن من حيث وسائل الترفيه من الاستراحات والمقاهي وغيرها من الخدمات الضرورية للسياح، أو من حيث إعادة تخطيط مدينة صلالة من الجانب المروري، سواء لاستحداث مسارات جديدة للطرق للتخفيف على الطرق الرئيسية، أو في ازدواجية العديد من الطرق، أو النظر الجدي لإقامة جسور علوية لمسارات، ستضطر الجهات المعنية لإقامتها مستقبلاً.

ومن الطرق التي يجري الحديث عنها كثيراً، والذي تأخرت ازدواجيته كثيرًا، شارع السلطان قابوس الساحلي، الذي يعد من الطرق القديمة والمهمة والحديث عن ازدواجيته، كما سمعنا منذ سنوات ولم ينفذ حتى الآن!، ومن الضروري فتح مسارات أخرى لطرق فرعية، مثل الشارع المتفرع من شارع السلطان قابوس، والذي يربط دوار الخيالة السلطانية، وفندق "كراون بلازا"، كما أن بعض الآراء والمقترحات التي طرحت وتطرح من المهتمين بقضية الاختناق المروري، النظر في ازدواجية شارع أرزات إلى دوار المعمورة، أيضا من المقترحات التي ستسهم في تخفف الازدحام، ازدواجية شارع الفرق الوطنية من دوار شرطة عمان السلطانية إلى الطريق الذي يلتقي بطريق أرزات/ المعمورة، إلى جانب التفكير في طرق فرعية نأمل أن يتم النظر فيها، بما يسهل حركة المرور، وهذه الأفكار والمقترحات، تحتاج إلى النظر إليها بجدية، من جهات الاختصاص، وإذا لم يتم الآن، سيأتي الوقت ـ كما قلت آنفاً ـ إلى النظر فيها، لكن بتكلفة أكبر مما لو تم التخطيط لها مبكراً.

أيضًا مدينة صلالة عموماً بمناطقها الجديدة التي تم بناؤها في العقود الماضية، لا يوجد فيها منافذ لمياه الأمطار التي تتجمع في بعض المواسم، عدا مخارج السيول التي مخارج طبيعية، لكن مشروع حماية صلالة، عزز هذا الأمر، وجنّب المدينة الأمطار الغزيرة في الأنواء المناخية الأخيرة التي لم يسبق أن عرفتها المحافظة منذ أكثر من نصف قرن، لكن تصريف مياه الأمطار في هذا الفصل وفي غيره من الفصول مشكلة قائمة لم تحل، واجهة غير حضارية ومشكلة صحية، ونراه جزءًا من التخطيط القديم، الذي كان يفترض النظر في تصريف المياه الأمطار بصورة مبكرة، ضمن مشروع الصرف الصحي، ومن العدل ألا نحمل مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار وبلدية ظفار، عن خطط التطوير، والخدمات للمحافظة عمومًا، ومدينة صلالة بالأخص، فهذه مسؤولياتها تتعدد وتتنوع من جهات عدة، ولذلك الأمر نضعه للمجلس الأعلى للتخطيط، فهو المحور الذي يضع الأمور في مسارها التخطيطي، وبالتنسيق مع كل الجهات المعنية.

إنَّ الأمر يحتاج إلى نظرة شاملة لكل مناطق السلطنة، في التخطيط السليم، فبلادنا بحمد الله أصبحت على خارطة العالم سياحياً، من حيث المناخ، والطبيعة، والآثار، والأمان، وهذا ما جعلها وجهة للسياحة والزيارة، بازدياد ملحوظ في كل عام، حتى من غير دول مجلس التعاون، ويتحتم أن نعزز ما عندنا من مقومات ومواقع في كل مكان وبما يخدم ويشجّع على الاستثمار في المجال السياحي، وعلى تسهيل ذلك بكل الوسائل الدافعة لهذا النجاح من الخدمات وغيرها من الاحتياجات.