"QNB": سعر الفائدة في إندونيسيا عند 5.25% "لن يدوم طويلا" رغم التشديد النقدي

 

 

الرؤية - خاص

قالَ التقريرُ الأسبوعيُّ لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إنه من المستبعد أن يترك بنك إندونيسيا المركزي سعر الفائدة المرجعي مُعلقاً عند 5.25%، لفترة طويلة، وقد كان قرار البنك المركزي بعدم تغيير سعر الفائدة أمر اً جدير اً بالملاحظة؛ حيث إنه يأتي عقب إقراره لثلاث زيادات مؤخراً، بما في ذلك زيادة أكبر من المتوقع بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه الشهري الأخير؛ حيث تم رفع هذه الزيادات الثلاث معاً سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس تراكمية منذ منتصف شهر مايو.

ومع تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي حالياً لأدنى مستوى في النطاق المستهدف لبنك إندونيسيا المركزي الذي يتراوح بين 5.1% و5.5% لهذا العام، وبلوغ التضخم الأساسي 2.7% على أساس سنوي، وهو أيضا عند الحد الأدنى للنطاق المستهدف للتضخم الذي يتراوح بين 2.5% و5.5%، فإن الأسس الاقتصادية المحلية هي وحدها تقريباً التي تحتاج لسياسات أكثر مرونة، وليست أكثر تشدّداً. وقد كانت الضغوط الخارجية، وبالأخص الحاجة إلى دعم عملة إندونيسيا -الروبية- مقابل الدولار الأمريكي الصاعد، هي القوة الدافعة وراء سياسة التشديد في هذه السنة.

واليوم، تتعرض الروبية لضغوط، ليس فقط بسبب اتساع الميزان التجاري لإندونيسيا خلال العام الماضي، بل وأيضاً بسبب ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية التي تمتص رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة بشكل عام، وتعدّ إندونيسيا واحدة من بين الدول التي تتعرض لتأثير هذه الديناميات. وتتم تغطية متطلبات التمويل الخارجي الكبيرة نسبياً (هناك عجز في الحساب الجاري يبلغ 2.4% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من عام 2018) إلى حد كبير بتدفقات محافظ متقلبة، خاصة تلك التي تضاف إلى الديون الحكومية التي تشكل فيها الملكية الأجنبية نسبة مرتفعة بحسب معايير الأسواق الناشئة.

ومع ثقة المستثمرين العالميين في قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على مواصلة الرفع التدريجي لأسعار الفائدة، انعكس اتجاه هذه التدفقات على نحو متوقع؛ مما وضع الروبية تحت الضغوط. وفقدت الروبية 5.2% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي خلال النصف الأول من العام، رغم أن تشديد السياسة من قبل بنك إندونيسيا المركزي منذ منتصف مايو قد كبح سرعة هذا التراجع لكنه لم يعكس اتجاهه في الأسابيع الأخيرة.

وكان بنك إندونيسيا المركزي واضحاً في كل من بيانه بخصوص السياسة النقدية وأيضاً الندوة الصحفية التي تلت قراره الأسبوع الماضي بعدم تغيير أسعار الفائدة بأنه "تعليق غير مهادن". وأكد المحافظ وارجيو أن موقف البنك المركزي الإندونيسي "لا يزال متشدّداً" وأن "التركيز لا يزال ينصب على الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وخصوصاً سعر صرف الروبية".

وعلى الرغم من التصريحات المتشددة للبنك المركزي الإندونيسي، استمرت الروبية في التراجع أمام الدولار الأمريكي منذ اتخاذ القرار بما يقارب 0.7% حتى وقت كتابة هذه السطور. ومع توقع استمرار ضغوط هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة بالنظر إلى ازدهار الاقتصاد الأمريكي وتصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، من المرجح أن لا يدوم طويلاً توقف بنك إندونيسيا المركزي عن تشديد السياسة النقدية. وعليه، نتوقع زيادة أخرى في أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس هذا العام، وربما تكون قريباً خلال الاجتماع القادم لبنك إندونيسيا المركزي ما بين 15 و16 أغسطس.

وفي حين سيؤدي تشديد السياسة النقدية بالضرورة إلى زيادة الرياح العكسية التي تواجه الاقتصاد الإندونيسي في المدى القصير، إلا أن آفاقه الكلية لا تزال حميدة نسبياً. ولا تحمل البيانات الأخيرة الأكثر تواتراً مؤشرات لحدوث أي تباطؤ. فعلى سبيل المثال، كانت آخر البيانات الصادرة عن نمو الائتمان أفضل من المتوقع، حيث أشارت إلى أنه قد نما بنسبة 10.3% على أساس سنوي في شهر يونيو، وذلك يعني أنه يسير بخطى ثابتة نحو النسبة المتوقعة من قبل بنك إندونيسيا للعام الحالي والتي تتراوح بين 10-12%.

كما يمكن لبنك إندونيسيا المركزي الاستمرار في تخفيف بعض الآثار السلبية المترتبة على الطلب المحلي جراء ارتفاع أسعار الفائدة وذلك من خلال التدابير الاحترازية الكلية، مثل تخفيض متطلبات نسبة القرض إلى القيمة في القروض العقارية. ولا يزال النمو القوي للطلب الاستهلاكي يمثل العمود الفقري للاقتصاد الإندونيسي. ومع نموه باضطراد بنحو 5% سنوياً وبلوغ آخر مؤشرات ثقة المستهلك لمستويات قياسية، ينبغي لنمو الناتج المحلي الإجمالي أن يستمر في النمو بنفس الوتيرة. ومن المفترض أن تكون نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني، التي سيتم الإعلان عنها في 7 أغسطس، قريبة من النسبة المسجلة في الربع الأول والتي بلغت 5.1% على أساس سنوي. وعلى الرغم من أن نسب النمو هذه أقل بكثير من النسبة المستهدفة من قبل الحكومة للمدى الطويل والتي تبلغ 7%، إلا أنها تتجاوز حصة الأسد في الأسواق الناشئة.

وإضافة إلى ذلك، ساعد النهج الاستباقي الذي ظل ينتهجه البنك المركزي الإندونيسي، بقيادة محافظه الجديد بيري وارجيو، فيما يتعلق بتشديد السياسة النقدية حتى الآن في العام الحالي في تقليل المخاطر الهبوطية التي تهدد الروبية والاقتصاد الكلي في إندونيسيا. وتاريخياً، تبنى بنك إندونيسيا المركزي نهجاً غير استباقي حيال تشديد السياسة النقدية، حيث كان ينتظر حتى تضعف قيمة الروبية بشكل كبير قبل اتخاذ أي تدابير. وبمجرد أن تنحدر العملة للقاع، يتدخل البنك المركزي في العادة لتشديد السياسة النقدية لضمان استقرار التوقعات المرتبطة بالعملة.

وعليه، فإنه يجدر الثناء على ما قام به محافظ البنك المركزي من تشديد للسياسة النقدية حتى الآن خلال هذا العام، والإشارة الواضحة إلى توقع المزيد من قرارات رفع سعر الفائدة بهدف دعم الروبية. وبالرغم من أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يفاقم من الصعوبات قصيرة الأجل التي تواجه الاقتصاد، إلا أنه سيساعد بشكل كبير على تعزيز الثقة في البنك المركزي، والحد من هبوط قيمة الروبية، وبالتالي تعزيز استقرار الاقتصادي الكلي لإندونيسيا في المدى الطويل.

تعليق عبر الفيس بوك