‘‘حكاية زهرة’’.. حياة على هامش حرب أهلية

 


فاطمة بشير-  ليبيا

كوب قهوتي قارب على الإنتهاء، أظن أنني أريد المزيد في محاولة مني لزيادة تنشيط دورتي الدموية، لعلني أستطيع فهم ما بين يدي، صعبة المعاني رغم سهولة المفردات. هكذا هي كل روايات الكاتبة حنان الشيخ.

حنان الشيخ كاتبة لبنانية، مواليد ﻋﺎﻡ 1943م، ببلدة ‘‘ﺃﺭﻧﻮﻥ’’ ﻓﻲ ﺟﺒﻞ ﻋﺎﻣﻞ (ﺟﻨﻮﺏ ﻟﺒﻨﺎﻥ)، أﻧﻬﺖ ﺩﺭﺍﺳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ، ﺗﻨﻘﻠﺖ ﻭﻋﺎﺷﺖ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﻛﺜﻴﺮﺓ. ﻓﻤﻦ ﺑﻴﺮﻭﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﻓﺎﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻭﺻﻮﻻ ﺇﻟﻰ ﻟﻨﺪﻥ. ﻛﺘﺒﺖ ﺃﻭﻟﻰ ﺭﻭﺍﻳﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻋﺸﺮ. وﺗﺮﺟﻤﺖ أعمالها ﺇﻟﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ لغة.
والتي بين يدي الآن هي روايتها الأجرأ على الإطلاق "حكاية زهرة".

- "وقفنا خلف الباب نرتجف، سمعت دقات قلبي تختلط بنبض يدها المطبقة على فمي".

زهرة طفلة كبرت رفقة أم خائنة، تقابل حبيبها سرا وتصر على أن تروي  ﻇﻤئها ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺃﻣﺎﻡ ابنتها زهرة. هذا ما جعل الطفلة تكبر والشعور بالخوف يكبر معها، الخوف جعل منها فتاة تهوى الصمت، ميتة المعالم والتفاصيل، لا تفهم مشاعرها أبدا، هل تتألم من أجل والدها المخدوع أم تخشى منه ﻷنه في كل مرة ينهال عليها بالضرب بحزامه الجلدي؟! هي ووالدتها واعتادت أن تصمت بعدها!.

تصر أمها أن تتعامل مع زهرة كابنة من الدرجة الثانية، فكل التفضيل كان ﻷخوها أحمد.

- "ملوخية أيضا، لكن بلا دجاج، المأساة تتكرر، ها هي لا تطعمني الدجاج ولا اللحمة، إنها تخبئها دائما ﻷحمد".

لم تكن زهرة تحارب إلا بثور وجهها، وتعبث بها كأنها تصب كل غضبها على تلك البثور، غير مكترثه بمظهرهم السيء جدا.

تلجأ لمراسلة خالها هاشم، السياسي اللاجئ في أفريقيا لتزوره بعدها، آملة أن تغير أفريقيا من واقعها قليلا، لكن هيهات فلم تزدها إلا ألما على ألمها، فتفهم اقتراب خالها هاشم منها على أنه يريد نصيبه في جسدها، وكل محاولة للتقرب منها تعدها محاولة تحرش بها، لكنه كان يرى فيها وطنه لبنان، كان يريد حضنها ليشعر بالأمان لكنها فقدت ثقتها بكل الرجال.

تزوجت زهرة بماجد الذي أتى أفريقيا ليحقق حلمه بالغنى، وأن يتزوج بابنة عائلة غنية ومعروفة، زهرة لم تكن جميلة، لكن يكفي أنها ابنة أخت السياسي المعروف ‘‘هاشم علوش’’ ليكتشف أنه وقع في فخها، وأنها وافقت على الزواج منه فقط لتداري على فقد عذريتها وإجهاضها مرتين. فقدت عذريتها تحت أحضان مالك، صديق أخيها أحمد، صادقها وأشبعها حبا بكلمات جبران خليل جبران ليفتك بها بعد ذلك، قالت له:

- "قل أمام الله لقد تزوجتك، هذا يكفي". ولكنه رفض على أية حال.

"لكن كل شي حقيقي، أحمد يقف أمامنا وقد ارتدى بذلة الميدان"، بدأت الحرب الأهلية في لبنان، وتغير كل شيء، حتى زهرة تغيرت. قالت باختصار: "لم أعد أنا زهرة".

تبدل أحمد أيضا، أحمد المدلل أصبح سيئا جدا، قاتل وسارق ومدمن حشيش حتى أنه أصبح يداعب نفسه أمام زهرة غير عابئ بوجودها.

كان التناقض يسيطر على الفتاة في الفتره الأخيرة، حتى أنها أقامت علاقة مع قناص البناية التي في مفترق الشارع الذي تسكنه. زهرة التي كرهت الرجال أقامت علاقة بكامل إرادتها، لكنها العلاقة التي أخذت منها حياتها.

قتلها بالرصاص الذي كان بجانبه وهو يضاجعها.
ماتت زهرة ومات داخلها جنينها من نفس القناص.
كانت هذه حكاية زهرة..!

 

 

تعليق عبر الفيس بوك