د. علي منصور - مصر
الزمان : أى زمان
المكان : أى مكان
الأشخاص : فتى ، وفتاه ،
وامرأة عجوز ،
وضابط ،
وبضع عساكر
******
الفتى : ( لفتاة تبكي )
حبيبتي تنتحب !!
حبيبتي تنتحب !!
ألا فألف تب لي وتب
ألا وأن دمعها ..
أغلى من الذهب
ألا وأن وجدها
يئز أزيزا ، ويكوي كما اللهب
وصدرها
- هذا الجميل –
يعلو حزينا .. ويهبط في غضب
ألا أنها – يا ويحي –
لا تزال تكتئب
ألا فألف تب لي وتب
ألا فألف تب لي وتب .
الفتاه : .. .. .. .. .. .. .. .. ..
الفتى : ( ينحني ويقبل رأس الفتاه )
مولاتي
يا أبهى كل بهيات الدنيا
لم أقصد أبدا أن أتأخر
لكن امرأة في السوق رأتني واحتضنتني
قالت : ولدي
يا حبة عيني ، يا فلذة كبدي
يا فرحي الضائع في زمن الجوع الأبدي
يا ولدي..
ياولدي ..
الفتاة : .. .. .. .. .. .. .. ..
الفتى : كانت أمرأة مجنونة
كانت تستجدي الناس وتحسبني جندي
وتقول بأني كنت أراسلها
وأنا في الجيش كثيرا
أوتدرين ...
أخذتني بالحضن وراحت تهذي :
ولدي
ولدي
هل تنسى أمك ياولدي !!
الفتاه : .. .. .. .. .. .. .. .. ..
( تدخل أمرأة عجوز عرجاء )
الفتى : ( مشيرا إلى المرأة )
هى ذي أمرأة السوق المجنونة
المرأة : مجنونة !!
أتقول على أمك مجنونة !!
يا ولدي الغائب في الحرب سنينا مطعونة
يا دفئي الهارب مني
يا حلمي المنطفىء بعيني فتاتك تلك المسكينة
أتقول على أمك مجنونة !!
أتقول على أمك مجنونة !!
الفتاة : لا تبتئسي ياسيدتي
لا تبتئسي
لكن ... إن كنت تقولين الحق
لا تنسي أن تعطينا بعض دلالات الصدق
هذا المتمكن من عينيك
المرأة : ( وهى تحدق في وجه الفتى )
ولدي !!
ولدي !!
هو أنت وعينيك الصافيتين
هو أنت ورب الدنيا والدين
هو أنت وهذي بعض رسائلك المنقوشة في صدري
( تخرج أوراقا فتخطفها الفتاة بسرعة )
الفتاة : ( تقرأ في الأوراق )
أمي ..
يا طيبة كيمامة
ياصفصافة عمري ، هل حطت في حضنك
بالأمس حمامة ؟!
هل جاءتك الريح بخبر عني ...
يومان ونمضي نحو خليج الدول النفطية
أولا تدرين ..
قد صرنا قوات طوارىء دولية
تحملنا ناقلة جنود عملاقة
الآن نمر بعرض البحر ، نناور ، نزرع في
آبار النفط أمانا .. وعلامة .
وأجيئك باأمي بعد شهور بسلامة .
المرأة : كنت عبيطا يا ولدي
لاتفهم إن كنت وإخوانك حقا ..
قوات طوارىء دولية
أم كنتم محض جنود مرتزقة
نلقاقم جثثا محترقة
أو نبكيكم في الأسواق ونحن ثكالى وأرامل
نستجدي الشفقة
هل تفهم يا ولدي
معنى الدمعة حين تسح على خد
الوطن الغائب عن أعينكم ...
لغة مختنقة .
هل تعرف عمن كنت تزود بروح عبقة
عن ديدان شبقة
عن تجار وسماسرة تسبح في أمعاء الوطن
المسكين ، وفي أوردة الشعب
الطيب ديدانا نزقة .
أوما زلت عبيطا ياولدي !!
أوما زلت عبيطا !!
الفتى : ( في ذهول )
أنت امرأة ساحرة لا ريب
ساحرة .. أو عرافة
أنت امرأة تضرب ودعا أو تقرأ غيب !!
لكنك أبدا لست بأمي
أمي دفنتها إحدى الغارات الملعونة
لما كنت أسيرا في الحرب
أنت امرأة دجالة ..
أنت اللصة ، أنت سطوت على أمي ، تحت
ستار الفوضى
والفزع الهائل مارست النهب .
أنت امرأة مجنونة
أنت امرأة مجنونة
أمي دفنتها إحدى الغارات الملعونة
لما كنت أسيرا في الحرب
أمي دفنتها إحدى الغارات الملعونة
لما كنت أسيرا في الحرب .
المرأة: ( في ضراعة )
ولدي العذب
ولدى العذب
في الحرب تموت الناس بلا ذنب
وتموت الشجرة
لكنك لا تفهم يا ولدي أن الذئب
يخرج للأسواق مع النمرة
فتبتعد عيون الفقراء دموعا منهمرة !!
الفتى : .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..
المرأة : ( تستطرد )
حين أسرت
طال غيابك يا ولدي .. قالوا مت
وتلقينا فيك عزاء الناس بأفئدة منكسرة
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وأتانا صبح محزون
رحت السوق لأشترى الخبز وبعض
الفلفل والكمون
كان الذئب يغني ...
والنمرة كانت تترنح في غبطة
و التجار يبيعون الأرز بسعر مجنون
فبكيتك جدا يا ولدي
وبكيت أباك ...
أولا تدري أن أباك الغاضب أخذته الشرطة
لما خرج على التاجر يشهر حد السكين ؟!!
الفتاة : هى أمك
هى أمك والله
قلبي حدثني ، هذى أمك
الفتى : كلا .. كلا ..
أمي لا تعرج ، أمي لا تحمل ندبا في حاجبها الأيسر
أمي كانت أجمل
أمي كانت صفصافة تغسل في البحر القدمين ،
وفي الشمس
تجفف أطراف الشعر المتهدل
أمي كانت أعنية خصبة
تخرج في الفجر ، تصيح مع الديكة وتؤذن للمستقبل
أمي كانت أجمل
أمي كانت أجمل
( وينهار في بكاء )
المرأة : ولدي
ولدي
الشرطة يا ولدي تعتقل الفرح الطالع من صفصاف الوادي
وتحاصر كل فراشات الوادي
وتصادر أغنية الفجر البرية
الشرطة ياولدي تتهم الوردة بالعهر إذا حط النحل عليها
وتفتش عن حلم الشمس ،
تهدد موجات البحر إذا رقصت ...
رقصتها الغجرية .
الشرطة يا ولدي تلوي عنق الصدق ، وتحتكر طقوس الحرية
وتطارد وجه يمامتك الطيبة إذا
حطت في أسواق الوادي
هل تعجز سيدة القهر فلا تسرق كل جمال الدنيا ...
من عينى يمامة ؟!!
الشرطة يا ولدي تزرع ندبا في وجه الأرض ، تشوه
روح البشرية .
الشرطة تستجوب ريح الفجر إذا هبت ..
واستلقت في أحضان الشجرة .
ورجال الأمن ، الأجهزة السرية باتت ..
تعبث في جسد الصفصافة ، تغتال الثمرة !!
أولا تدري ..
أن الشرطة جاءت تحمي الذئب وترقص للنمرة
أولا تدري يا ولدي
أن الشرطة تحلم أن يطربها في الفجر أنين الديكة
لا تبكي يا ولدي
لاتبكي ...
فالشرطة تحلم أن يطربها في الفجر أنين الديكة
( تندفع مجموعة من رجال الشرطة ، ضابط ، وبضع عساكر )
الضابط : ( شاهرا مسدسه )
لا تتحرك
أية هوهوة أو صوصوة أو نونوة
أو مأمأة أو لألأة أو زمزأة ...
ستقابل بالقمع الفورى
الفتى : ( يعبث في شعره )
الضابط : ( بسرعة مباغتة )
لا تتحرك
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ماذا كنت تتكتك ؟!
الفتى : ( يتقدم نصف خطوة )
الضابط : ( مباغتا )
لا تتحرك
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
( أصوات خفيضة بين المرأة والفتاة )
الضابط : (في بطء ، للمرأة والفتاة )
أية همهمة أو غمغمة أو هسهسة
أو تأتأة أو فأفأة أو شقشقة أو
سفسفة * ...
ستعرضكم للموت الفورى .
الضابط : ( للفتى )
أى رباط سرى يربط بين العرجاء وبينك
الفتى : ( في ثقة )
هى أمي
المرأة : (في فرح )
إبني ، حبة عيني ، فلذة كب ...
الضابط : ( مقاطعا )
انكتمي يا إمرأة الكلب
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
( للجنود )
حطوا في الرسغين حديدا صلب
(يندفع الجنود ، يضعون في يديها القيد الحديدى ، ويقبض آخران ،
كل على ذراع ، ويقف ثالث في الخلف شاهرا سلاحه )
الضابط : (للفتاة)
أذكر هذا الوجه المتهور
أذكر أن يدى ارتعشت مرة ، ثم هوت ..
في عنف وتفجر
الفتاة : حقا ... هل تذكر
هل تذكر حين منحت الزاوية اليمنى من فمك المتهتلر
وطنا أبديا للسيجار
وصفعت الوجه الطالع من ظلمات الفقر يغني ..
للحرية و الأشجار
هل تذكر رجلا
أخذته جنودك حين امتلأت رئتاه بألحان الغضب المتوتر
هل تذكر ابنته الكبرى
( تشير إلى نفسها )
أم تذكر سيدة بصقت في وجهك حين اقتربت
أنفاسك منها
ففزعت ورحت تشد رباط العنق المستهتر
يا مدمن أفلام العهر الأمر...
الضابط : طاخ ( يصفعها في غيظ )
الفتاة : طاخ ، طاخ .. ( ترد الصفعة صفعتين )
الضابط : طاخ ، طاخ ، طاخ .. ( يطلق رصاص مسدسه في الهواء )
( يتحمع صبية ورجال ونساء وباعة جائلون ونشالون وعاطلون ، بينما
عساكر الشرطة يأتون من كل صوب مهرولين ، يتحلقون المرأة والفتى
والفتاة ، ومن بعيد تسمع أصوات صفارات عربات الشرطة المميزة تقترب
شيئا فشيئا مع نزول الستار ).
