أنا ظِلُّكِ.. قصيدة عشق

تيسير حيدر - لبنان


(1)
منذُ طفولتي المُبكِّرةِ كنتُ أشعرُ بالغُربة، وديعاً كوردةٍ بلا أشواك.
التَّنَمُّرُ والعدوانِيَّةُ يَنهمرانِ في أزقةِ القريةِ وساحاتها والحقولِ وأنا فراشةٌ مُحلقةٌ في مساراتٍ مُنخفضةٍ، أرتطمُ بصخورِ أطفالٍ لم يَتعلموا من محيطهم سوى العدوانِ والأذى الروحي والجسديِّ .
لم يكنْ يُسعدني إلَّا وَجهُ جدَّتي وهي تحيكُ <<صينية القشّ>> والوَشمُ الأزرقُ يُعانقُ وَرِيدَها النَّافرَ كَنَهرٍ يَفيض.
كنتُ أتغذَّى بِنهمٍ من أشِعةِ عينيها كَسيَّارةٍ تُسَيَّرُ بعبيرٍ وحُبٍ فقط وكانَ قلبي الشَّاعرُ يَنْمو كَقصيدةِ عِشْق!!

(2)
انْتَبهي وَأنْتِ مُسْرعةُ الخُطى أنْ تَتَعَثَّري، فَستكونُ مُصِيْبتي أكْبر، سُقوطُكِ يَجْعَلُني أنْدَثِر.
أنا ظِلُّكِ وقَد أضِيْعُ، الْتَفِتي دائماً خَلْفكِ وإلى اليَمينِ واليَسارِ،غَذّي قَلبي بنَظَراتِكِ.
وَإنْ ذَهَبتِ إلى نَبعِ ماءٍ لا تَقْتربي كَثيراً مِمَّا يَجْعَلُني أغْرَقُ في الوَهْمِ.
هَلْ وَضَعْتِ عَلامَةً فارِقَةً تَعْرفيْنني مِنْها،؟ قدْ يَكونُ سُعالي الدَّائم، أو احْمِرار وَجَناتي المُسْتَمِرّ أو ضَياعي، يُهْديْكِ إلَيَّ، وَلَكِنْ حَاذِري أنْ تُناديْني فَقَد يُصْبحُ الوَهْمُ حَقِيقة فَتَضِيْعُ القصائدُ وَأتِيْه.
وَإنْ أحبَبْتِ أن تُسَلِّمي عَلَيَّ، تَحَدَّثي قَلِيلاً وَأنْتِ وَحِيدة، فَأكونُ في فُسْتانِكِ عُرْوَةً تُحَدِّثُكِ كالآلاتِ اللاَّقِطَةِ لِمُراسِلاتِ التِّلفزيونْ.
إجْمالاً، أنا سارِحٌ أيْنما كُنْتِ، صَحِيْحٌ أنَّكِ تَنْسينني من وَقْتٍ لِآخر ولكِنَّني أعْلَمُ وَبكُلِّ صَراحةٍ أنَّني بَنَيْتُ قَصْراً فَوقَ قَلْبكِ المُسْتديرِ كَحَبَّاتِ اللَّوزِ وَأنَّني أنْتَظِرُ أنْ لا يَنْكَسِر، أنْ يَبْقى اللُّبابُ غَنِياً بمَذاقِ الغِياب.
سَعِيْدٌ بلِقائكِ على صَفحاتِ قَصِيْدتي بلا عِتاب !!

 

تعليق عبر الفيس بوك