"QNB": الحرب التجارية "خطر حقيقي".. وتخفيض اليوان "أشد ضررا"

الرؤية – خاص

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إنّ الخطر الأكبر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب- أي الحرب التجارية العالمية- ارتفع بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة، فمع فرض الولايات المتحدة لسلسلة من التعريفات الجمركية الانفرادية، وردّ الدول المتضررة عليها بسرعة بإجراءات مماثلة، تكون الطلقات الافتتاحية للحرب التجارية قد تم إطلاقها. ويكمن الخوف الحقيقي في أن هذه التدابير - الصغيرة نسبياً - التي تم الإعلان عنها حتى الآن قد تكون ببساطة هي الرشقات الأولى لحرب أكبر من ذلك بكثير.

وحتى وقت قريب، كانت الأسواق المالية تتجاهل مخاطر نشوب حرب تجارية. وقد استند تفاؤل الأسواق على ثلاثة افتراضات رئيسية. أولاً، كان يؤمل أن تهديدات الرئيس ترامب هي فقط للمخادعة، وأن التهديد بفرض التعريفات الجمركية لحد كبير  أداة تفاوضية للمساعدة في إعادة ترتيب الصفقات التجارية القائمة. ثانياً، كان يتوقع أنه حتى لو أراد الرئيس ترامب تنفيذ تهديداته، فإن مستشاريه الأقل تشدداً في الإدارة سيقومون بكبح جماحه. ثالثاً، كان هناك افتراض بأن طبيعة الحرب التجارية المدمرة للذات سوف تتضح سريعاً وتحول دون أي تصعيد كبير للحرب.

وتبدو كل هذه الافتراضات الآن مشكوكاً فيها. فقد تم بالفعل الإعلان عن عدد من التعريفات الجمركية الجديدة مع التهديد بالمزيد منها. ويقدم الجدول أدناه تصنيفاً للتدابير الأمريكية الفعلية والمهدد بها حتى الآن. كما يبدو أن الآمال التي كانت تنعقد على قيام المستشارين الاقتصاديين الرئيسيين للرئيس ترامب بتقييد تصرفاته قد أصبحت ميؤوساً منها. وأخيراً، يبدو أنّ الحيوية الحالية للاقتصاد الأمريكي، الذي حقق في الوقت الراهن معدلات شبه قياسية لتدني البطالة ويشهد نمواً اقتصادياً قوياً، تشجع الرئيس ترامب على تحمل مخاطر أكبر فيما يتعلق بالسياسة التجارية.

والطلقات التي أُطلقت حتى الآن لم تكن كافية لإلحاق ضرر بالغ باقتصاد الولايات المتحدة. فقد بلغ إجمالي فاتورة الواردات الأمريكية 2.34 تريليون دولار  في عام 2017، بينما كان الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة ضخماً حيث بلغ 19.4 تريليون دولار. وبالتالي، فإنّ التعريفات الجمركية التي تم الإعلان عنها حتى الآن والتي تقارب قيمتها 100 مليار دولار أمريكي لا تغطي سوى نسبة تزيد قليلاً عن 3% من إجمالي فاتورة استيراد السلع الأمريكية، أو نحو 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.

ويظل الخيار الأخطر هو أن تقوم الصين بمحاربة الرسوم الأمريكية من خلال تخفيض متعمد لقيمة اليوان الصيني أمام الدولار الأمريكي. وعندها سيكون هناك تهديد بتحول الحرب التجارية العالمية إلى حرب عملات عالمية. ولا تزال السلطات الصينية بالطبع تتحكم في اليوان بشكل قوي، إلى جانب الدعم الذي تتلقاه العملة بفضل الاحتياطيات الكبيرة من النقد الأجنبي. ومع انخفاض الحساب الرأسمالي أكثر بعد موجة الهلع التي نتجت عن تخفيض قيمة اليوان في الفترة 2015/2016، فإن ذلك يعطي الصينيين مجالاً واسعاً للتحكم في اليوان وخفض قيمته إن هم أرادوا ذلك.

لكن خفض قيمة اليوان لن يكون أمراً سهلاً على الصين، حيث يمكن لذلك بسهولة إطلاق توقعات بحدوث ضعف متسارع في قيمة العملة، الأمر الذي سيثير موجة مزعزعة من هروب رؤوس الأموال تصعب السيطرة عليها حتى من خلال الضوابط المشددة الجديدة التي فرضتها الصين. وسيؤدي ضعف اليوان أيضاً إلى زيادة أسعار الواردات الصينية، وذلك بالإضافة إلى تأثير الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الأمريكية، الأمر الذي سيزيد التكلفة التي تقع على عاتق المستهلك الصيني نتيجةً لنشوب حرب تجارية.

وأشار التقرير إلى 4 خلاصات رئيسية. أولا، لقد انطلقت بالفعل الشرارة الأولى للحرب التجارية العالمية التي قد يكون من الصعب نزع فتيلها. ثانياً، إن أهم ما يتعلق بتصعيد الموقف هو فيما إذا كانت الولايات المتحدة ستستمر في تنفيذ تهديداتها بفرض رسوم جمركية على واردات السيارات أو اتخاذ تدابير إضافية ضد الصين. ثالثاً، يشكل تفاقم عدم اليقين خطراً هبوطياً آخذاً في الارتفاع بالنسبة للاقتصاد العالمي، الذي تبدو عليه مسبقاً بعض علامات الضعف، باستثناء الاقتصاد الأمريكي المستمر في الانتعاش. وأخيراً، قد يكون خطر تحول الحرب التجارية إلى حرب عملات ذات تأثير مزعزع في حال وجدت الصين نفسها مضطرة للرد على الحزم الإضافية من الرسوم الجمركية الأمريكية من خلال تخفيض قيمة عملتها هو أكبر تهديد لاستقرار الاقتصاد العالمي.

تعليق عبر الفيس بوك