مناديلُ بمُنَمْنمَاتٍ حمراء

محمد خلاّد – المغرب

 

تحت سماء بني خلاّد
بَيْنَ نهْر ورابِيَة
وضريحٍ وصومعة
اخْضَوْضَر جمالٌ فِطري
على أكواخٍ من حجر
لم ينتظر لمسة أحد
جاء من جَذْوة الأبد
ناراً وتُراباً وهواء
وسقْسقَةَ ماء
وتاريخا مثقلا بالضياء
***
في هذه القرية النائمة
على حَافةِ بحيرة وادي المخازن*
أشجارُ زيتونٍ خضراء
تحكي عن الحرب والسلام
وانتظارِ الفقراء لوعْدِ الله
و عَنْ دُمُوعٍ سقطت ذات شتاء
من جَفْن مَساءٍ
انْتظَرَ الشَّمْسَ طويلاً
على مُنْحَنَى الشَّفَق
فلَمْ تأت
كما دُمُوع حَوَّاء
انهمرتْ على الأرض
في لحظة فِراق
فصارتْ زنابق*
***
دَبِيبُ الهَوَام يُدغْدِغ
الصمتَ في هذا المكان
ووراء الظِلال الشَّفِيفة
لأغصان الدِّفلى و الزيتون
تَصْنعُ الطيورُ أفراحَها
و تُنَمْنِم العذَارَى
مناديلَ الصوف بالأحمر
ومن الجُزُر البعيدة
تأْتِي أسرابُ اللَّقالق البيضاء*
لتتطَهَّرَ منَ الأرواح الشريرة
وتَتَعلَّم إيقاعَ ابتهالاتِِها
من طَقْطَقةِ المطر
على السطوح القصديرية
***
كُلُّ الأشياء الجميلة
تبدأ من هنا
مواويلُ النساء في ليالي الحصاد
تَدَفُّقُ ضَوْءِ النَّهار
اشتياقُ اليمام لعزْف الرِّياح
وإشْراقةُ الرُّوح
------
*وادي المخازن: من روافد نهر اللوكوس في شمال المغرب قرب مدينة القَصْر الكبير، اشتهر بالمعركة الفاصلة في التاريخ المغربي التي واجه فيها المغاربة الغزو البرتغالي في سنة 1578 وانتهت بهزيمة مروعة للجيش البرتغالي على ضفاف هذا الوادي، فعرفت بمعركة وادي المخازن ، كما ورد ذكرها في كتب المؤرخين تحت اسم "معركة الملوك الثلاثة" لموت اثنين من ملوك المغرب وملك البرتغال سبستيان أثناء المعركة .
ويطلق عليها معظم المؤرخين الغربيين " معركة القَصْر الكبير" لوقوعها بالقرب من هذه المدينة.
* الزنابق: تقول الأسطورة إن زهرة الزنبق هي دموع حواء حينما علمت بطردها من الجنة.
وعند الصينيين ترمز إلى الأمومة.
* اللقالق البيضاء: في الحكاية الشعبية المغربية فإن اللقالق البيضاء بشر يسكنون في جزر بعيدة يتحولون إلى لقلاق في مواسم الهجرة وينتقلون أسراباً إلى المغرب ثم يسترجعون أصلهم البشري بعد عودتهم إلى ديارهم في تلك الجزر.
.............................
*بني خلاّد 23 يونيو 2018
اللوحة: كوخ من قرية بني خلاّد
للفنان التشكيلي المغربي
عبد السلام الرواعي
اللوحة من مجموعتي الخاصة

تعليق عبر الفيس بوك