العدوي قدم ورقة حول "ثقافة التنوع"

"الكتاب والأدباء" تشارك في اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العربي ببغداد

 

مسقط - الرؤية

بمُشاركة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، بدأت في العاصمة العراقية بغداد فعاليات الاجتماع الدوري للمكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، وتضمن عددًا من المحاور الإدارية والتنظيمية التي تخص أعمال الاتحادات العربية وبرامجها، فضلاً عن مناقشة بيان الحقوق المهنية للأدباء والملف الثقافي، وكذلك إعداد البيان الختامي والتوصيات.

ومثل الجمعية العمانية للكتاب والأدباء في هذا الاجتماع المهندس سعيد بن محمد الصقلاوي رئيس الجمعية، والباحث خميس بن راشد العدوي، والشاعر أحمد الجحفلي.

وأكد الصقلاوي على أهمية مشاركة الجمعية في هذه المؤتمرات والاجتماعات الدورية، مشيرا إلى الأهمية التي تشكلها بغداد في الثقافة العربية، ودورها الحضاري المهم. واضاف الصقلاوي أن مشاركة الجمعية في الاجتماع ستكون فرصة للبحث في آفاق التعاون مع الاتحادات العربية، وتنشيط اتفاقيات التعاون بينها، موضحا أن الجمعية تستعد لإقامة أيام ثقافية في بغداد، ويتم التحضير لهذه الفعالية، بما يضمن تحقيقها للأهداف المرجوة.

وعلى هامش الاجتماع، أقيمت ندوة شارك فيها باحثون ومثقفون من عدد من الدول العربية، بعنوان "ثقافة التنوع في مواجهة ثقافة العنف"، وتفرعت إلى محورين: ثقافة العنف والآليات الناعمة لمواجهتها، والتنوع الثقافي ورهانات التواصل. وهدفت إلى دراسة أسباب العنف لتجاوزه والتغلب عليه فكرياً وثقافياً؛ باعتبار أن الثقافة في الميدان، وأن المعركة مع الإرهاب والإرهابيين ثقافية في الأساس، وأن دور المثقف العضوي الواعي أن يكون في طليعة الصفوف دائماً.

وقدم الباحث خميس العدوي -خلال الندوة- ورقة حملت عنوان "في فلسفة التنوع الثقافي"؛ أشار خلالها إلى الروح التي أبدعت هذا التنوع الضخم الذي لا يكاد يحصى من الإفراز الثقافي، الذي لا ينقطع، وهو الإنسان، فليس ثمة تنوع ثقافي خارج الكيان الإنساني، إلا ما أفرزته القوانين في إطار النشوء الطبيعي غير الواعي بذاته.

وأكد العدوي -في ورقته- أن مصادرة التنوع الثقافي هدم للكيان الإنساني بحسب حقيقته الوجودية، وهي مغالطة لذات مَن يقوم بها قبل أن تكون مصادرة لحق إنساني يتمتع به كل فرد وجد على هذه البسيطة.

وتطرق إلى التنوع الثقافي والفلسفة؛ باعتبار الفلسفة هي المجال الرحب لمعالجة الأفكار واستيعابها، مؤكدا أن من الطبيعي أن تؤمن الفلسفة بالتنوع الثقافي، وأن تعمل على التنظير له، وعلى تذليل الساحة الاجتماعية لقبوله، غير أنه أشار إلى أن خط سير الفلسفة ليس واحداً، فكما أن البشرية شهدت قفزات في التقدم بسبب تحرير الفلسفة للحقل البشري، فإن البشرية كذلك قد نكبت بالتنظيرات الفلسفية، فالتنظير الفلسفي للعنصرية، وما أفرز عنه من النازية المقيتة ليس عنا ببعيد.

وقال: لم تقم الفلسفات حتى الآن بمعالجة موضوع التنوع الثقافي، لكنها تحمل أفكاراً مقاربة لذلك، فعلى سبيل المثال، لو أخذنا الوجودية، وهي فلسفة أقرب إلى التيار الفكري منها إلى التنظير الفلسفي، فسنجد أنها تنطوي على نظرة متناقضة لهذا التنوع، فبكون الوجودية تقدس الفردانية، وتسلب العادات والتقاليد أية قدسية، بمعنى أن الوجود ما تصنعه بنفسك، لا ما ترثه عن آبائك، فهي قد عملت من جهة على الإبداع الفردي للثقافة، فكما سبق أن الفرد هو المنطلق الأساس للثقافة، فتحرير الفرد من قيوده الاجتماعية أعطى الإنسان الدافع لكي ينتج فكره وفعله، وهذا الفعل بدوره يتحول إلى ثقافة، فمهما رأينا من الوجودية تهميش العادة الاجتماعية -الحاضنة للثقافة وتنوعها- فإن تلك الممارسات الفردية ستتحول إلى عادة، والحياة لا تحكمها فلسفة واحدة، بل الفرد لا يمكن أن يكون أسير فلسفة واحدة، والدليل أن الفلسفة الوجودية تحولت إلى موضوع ثقافي من حقه أن يعيش مع الفلسفات والأفكار الأخرى، دون أن تزيح أو تزاح من المعترك الفكري.

وخلص العدوي إلى تقديم عدد من التوصيات، تمثلت في أن يتبنى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب وثيقة حول التنوع الثقافي والتعددية الثقافية، تسمى بإعلان بغداد. وإصدار كتاب حول التنوع الثقافي؛ بحيث يعالجه من شتى جوانبه، خاصة الجانب الفلسفي والفكري والأدبي والقانوني. يعمل على نشر هذا الكتاب بأوسع مجال، وكذلك نشر فلسفة التنوع الثقافي في المجتمع العربي، من خلال الندوات والمحاضرات والحوارات التي يتبناها الاتحاد.

كما قدم توصية بإصدار بيان من الاتحاد يجرّم فيه كل أنواع الاقصاء الثقافي، ودعوة الدول العربية إلى حماية المكتسبات الثقافية جميعها، وتمكينها عبر كل الوسائل المتاحة للنشر الثقافي، بدون تمييز على أي أساس كان، دينياً أو مذهبياً أو عرقياً أو قبلياً أو طائفياً.

تعليق عبر الفيس بوك