مسؤوليتنا تجاه ابن الشارع

مرتضى علي


عادة ما نطلق على الشخص غير المؤدب وذي التصرف الّلا أخلاقي عبارة (إبن شوارع) فماذا نقصد بها ؟...وهل ينفرد الشارع بمهمة إفساد شخصية الإنسان ؟ ،ان  الشخص (إبن الشوارع) هو شخص منتسب للشارع بشكل او بآخر واضطرته الظروف إلى التواجد في الشارع وصار ضحية سكان الشوارع...طبعًا أنا لا أقصد من لا يملك نفقة قوته من الفقراء الذين أجبرتهم الحياة الصعبة على الشرب من كأس الأسى والمعاناة...بل أقصد من ضعف ضميره أو أعطاه إجازة  ولا يستطيع انقاذ نفسه  وجعلها تترقىً عن حياة الكائنات الحية الأخرى  ، ربّما ليس ذنبه أن يولد في عائلة متخلخلة صنعت منه شخصية هزيلة بدل الشخصية الإنسانية الحقيقية ، بل ربّما ذنب الظرف الاجتماعي الذي نشأ فيه ،أو ذنبه هو الذي لم يقيّم حياته بالشكل الصحيح وسلّمها بيد الظروف عديمة الرحمة ، لن أحاول رفع معنوياته بكلمات أصبحت كلاسيكية ، بل سأريه الواقع من الجانب الشرق بطريقة الإقناع ، فهذه هي حياته هو ، لادخل للناس أو الظروف أو  المشاكل بها...فهو من سيعيشها لا هم ، وهو من سيشعر بألمها لا هم ، وهو من سيفرح بنجاحها لا هم ، ولا ينفرد الشارع بإفساد المجتمع الإنساني..  فالشوارع لا تلد...لكن  البيوت التي يمكن أن توصف ببيوت العنكبوت هي المصانع التي تغذي الشوارع بجيل لا أبالي  قليل الصبر غير واثق من نفسه وسريع التأثّر بكلام الآخرين مما يجعل عقله مشوشًا ، وكما أطلق عليه الكاتب والمتحدث الأمريكي سيمون سينك ب(جيل الألفية) ، وهو جيل تشكلّت له صورة خاطئة عن الحياة بسبب التكنولوجيا الحديثة التي أنشأت جيلا فاقدا للصبر وفاقدا للمهارات الإجتماعية مثل المجاملات وتكوين الصداقات وتشكّل شخصيته ، فلا تحتاج إلى أن تذهب للتسوق كل ما عليك فعله هو طلب المنتج من مواقع التوصيل المنزلي ، ولا تحتاج لأن تنتظر مشاهدة حلقة كل أسبوع من برنامجك المفضل فستجده كاملا على موقع اليوتيوب ، ولا تحتاج للذهاب إلى السينما لمشاهدة فيلمك الرائع فقط سجّل دخولك في الموقع وستحصل على الفيلم مجانا....وكل هذه الأمور تقلل من مستوى الإنسان الإجتماعي مما يقلل من ثقته بنفسه ، ويذكر الكاتب قصة حدثت في شركته عندما أراد شاب حديث التخرج الإستقالة من العمل وكان هذا الشاب من أكثر الشباب تميّزا وكان يعمل بجهد فسأله عن السبب فأجاب الشاب (أنا لا أترك تأثيرا على العالم) فأجابه الكاتب بأنك تعمل هنا منذ ثمانية أشهر فقط ، فأشار الكاتب إلى قضية الصبر على تحقيق الأحلام وشبّه رحلة الحياة بصعود الجبل وقال: مهما كانت سرعتك في تسلق الجبل سيبقى جبلا وإن عليك الصمود والصبر عليه وأن لا نأخذ نظرة سلبية عن الحياة بسبب موقف سيئ  لأنها ستبقى حياة طويلة لا تُحدد بموقف أو حتى إن فشلت في عمل فهذا لن يحدد إن كنت فاشلا ام ناجحا فالفاشل الوحيد هو من يتوقف عن التجربة إذن يجب الا نتنصل من مسؤوليتنا تجاه الحياة اولا وتقبلها كما هي لا كما نريد ومن مفرداتها ابن الشارع وحسن التعامل معه والاستفادة من مهاراته في تحدي الظروف القاهرة لصنع حياة تليق به ومساعدته في الإسهام الإيجابي في بناء المجتمع لأنه طاقة معطلة أو مؤجلة تظل ضرورية مهما اختلفت وجهات النظر بشأنها.

 

تعليق عبر الفيس بوك