كرة سياسيّة..

مسعود الحمداني

(1)

الحياة (كرة) مُستديرة، غير أنَّ لها بداية لا نملكها، ونهاية لا نتحكم فيها، (تركلنا) في كل الاتجاهات لتصل بنا إلى (الهدف) الذي تُريد..لا نملك أمامها غير الإذعان..

الحياة هي الكرة الحقيقية التي لا نستطيع امتلاكها مجانًا دون أن ندفع لها ثمنًا باهظا من أعمارنا..حينها نكون قد وصلنا إلى خط النهاية.

(2)

خروج العرب من (كأس العالم) لا يعني نهاية العالم، بل هو وضع طبيعي، فلا مكان للضعفاء في عالم يحكمه الأقوياء، ويتحكمون فيه..لدى العرب أربع سنوات أخرى كي يُعيدوا ترتيب صفوفهم للعودة مرة أخرى إلى دائرة المونديال..حينها قد يكونون أكثر رغبة في الفوز، وأكثر شراسة في الإمساك بأحلامهم.

(3)

ملايين الدولارات يصرفها العرب على الكرة، بينما يعيش كثير من (المتفرجين) على دكة الفقر، ورداءة الخدمات الحياتية اليومية، المشكلة ليست في المبالغ التي تصرف، ولكن في النتائج التي تُخيب الآمال..على الأقل من حق أولئك (المتفرجين) أن يفرحوا بأموالهم المهدورة في ملاعب الكرة دون (نتيجة)..

يبدو أنه مكتوب على العرب الهزائم في ملاعب الكرة وملاعب السياسة.

(4)

(السياسة تفرّق والكرة تجمع)..هذا هو الواقع في كثير من الأحيان، لعبت إيران والولايات المُتحدة في مونديال 1998م في عز توتر العلاقات بينهما، كما لعبت الولايات المتحدة وكوبا في 2016م مباراة ودية تاريخية، وما زالت الفرق السعودية والإماراتية تلعب مبارياتها الرسمية مع الفرق القطرية والإيرانية رغم (المُقاطعة)..وغير ذلك من شواهد قديمة وحديثة، غير أنَّ ما تفسده السياسة لا تصلحه الكرة على ما يبدو..فرغم أن معظم المباريات تتسم بالطابع الودي بين اللاعبين (الشعوب)، ولكنها بالطبع لا تنتهي بنفس الروح الرياضية بين الساسة.

 

(5)

لم يفلح الاحتراف في الدول العربية لتحسين نتائجها الكروية، لأنها شعوب غير منضبطة، ولأنَّ اللاعبين المحترفين العرب ما يزالون يمارسون اللعب بعقلية الهواة..

الاحتراف يعني جيل لا طموح له غير لعب الكرة..والكرة لا أمان لها..تماماً كما اللاعبين.

(6)

الكرة تثبت مرة أخرى..أن العرب أصحاب مبادئ وقيم وأنهم لا يتخلّون عن خلافاتهم داخل وخارج الملعب..وأنهم بائسين ويستحقون الشفقة حتى في خلافاتهم بين بعضهم البعض، ولعل مشكلة القناة الناقلة لمُباريات كأس العالم مع القناة التي تعدّت على حقوقها، دليل على تداخل و(نقل) الخلافات السياسية إلى المستطيل الأخضر..

متى يفهم العرب أن الكرة مجرد لعبة..تماماً كالسياسة..وأن الجميع خاسر فيها؟!!

(7)

أن يدفع نادٍ يملكه عربي مبلغ ربع مليار دولار للاعب كرة قدم .. يعني أن العرب ما زالوا يعيشون في عالم المراقص.هناك حيث يدفعون الملايين للراقصة التي لا يُشاهدها غيرهم..ربع مليار تصنع نادٍ جديد من الصفر بلاعبيه وإدارته .. ولكنها الأموال العربية التي تضع المال في مكانه غير الصحيح .. لمجرد الخوف من المستقبل .. والذي لن تصنعه الكرة حتمًا.

(8)

من لا يملك الحلم..لا يملك (الهدف)..فقط علينا أن نجعل الكرة تحت أقدامنا..لا داخل عقولنا..حينها سندرك فقط أن الأهداف الكبيرة تقع داخل ملعب الحياة..وليس في ملاعب الكرة.

 

Samawat2004@live.com