الخروصي: العيد.. اشتراك الأغنياء مع الفقراء في الفرح وعدم اقتصار الفرح على الغني

...
...
...

 

مسقط - أحمد الجرداني

 

قال الشيخ محمد بن سالم الخروصي مدير دائرة المساجد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية إنَّ المسلم ينبغي أن يختتم شهر رمضان وقد أخذ من مدرسة الصيام أعظم الفوائد التي تزيده إيمانًا وتقوى وقرباً من الله سبحانه وتعالى، ويصطحب هذه الفوائد في بقية عمره، يل يجعل الأعمال الصالحة التي عملها في رمضان أساسًا ومنطلقًا لكثير من أعمال الخير والبر بعد رمضان.

فالصوم يعلم الإنسان الإخلاص لله عزّ وجلّ في جميع الأعمال، لأنَّ الإنسان عادة يعمل ما يعود عليه بمنفعة ظاهرة، أو ما يطلع عليه الناس، أما الصوم فإنه سر بين المسلم وربه، وقد فعله امتثالاً لأمر خالقه سبحانه فيلزم أن يصحب الإخلاص دوماً في جميع أعماله.

وهناك أيضًا درس آخر لابد أن يأخذه المسلم من رمضان، وهو استحضار مراقبة الله عزّ وجلّ في جميع الأوقات، وهو أثر مهم في حياة الناس حتى يصونوا أنفسهم عن الوقوع في المحرمات.

ومع هذه الآثار الإيمانية التي يتزود الصائم بها من رمضان، فإن هناك آثارا خلقية واجتماعية للصوم، تجعل المسلم بعد رمضان أحسن خلقا وأكثر إحساسا بمجتمعه، لأنه عرف بالصوم معاناة الآخرين من الفقراء والمساكين، فقد ذاق ألم الجوع والعطش، فأحسّ بما عند غيره ممن يكابدون ذلك طوال العام، وفي هذا ما يدعوه إلى خلق الرحمة والمواساة والعطف على المحتاجين، ويجعله يبذل الصدقات وينفق في سبيل الله.

ومن أعظم الأخلاق الاجتماعية التي يخرج بها المسلم من رمضان الصبر وتحمل الأذى وعدم مقابلة السيئة بالسيئة، بل دفعها بالحسنى، وذلك لمن طبق الحديث النبوي الشريف: ( الصوم جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يفسق، فإن سابه أحد وقاتله فليقل إني صائم) .

وعلى المسلم أن يبقى خائفا من الله راجيا قبول أعماله التي قدمها في الشهر الفضيل، فجميع الأعمال ستعرض على الله، وقد مدح الله المؤمنين بأنهم يأتون الأعمال الصالحة وقلوبهم وجلة خائفة، لأنهم يعلمون أنهم إلى ربهم راجعون.

وأضاف: من معاني عيد الفطر فرح المسلم بأداء تلك العبادات، فقد التزم عبادة الله شهرا كاملا، حرم نفسه في نهاره بعض المُباحات، وضبط جوارحه عن الحرام، فضبط لسانه وعينه وأذنه، وأنفق من ماله، وتلا القرآن، وصلى الصلوات في جماعة، وذكر الله كثيراً، وقام الليل، فلما انتهى الشهر حُق له أن يفرح بهذا الإنجاز، أملاً في ثواب الله، ولذلك ورد في الحديث: (للصائم فرحتان فرحة يوم يفطر، وفرحة يوم يلقى الله عز وجل). فهذا من أهم المعاني الدينية للعيد. وهناك معنى إنساني للعيد، وهو اشتراك الأغنياء مع الفقراء في هذا الفرح، وعدم اقتصار الفرح على الغني، فالفقير إنسان له مشاعره له حاجاته يحب أن يأكل طعاماً طيباً يحب أن يرتدي ثوباً جديداً ويحب أن يفرح أولاده أيضاً بثياب جديدة، ويحب أن يكون كغيره من الناس، ففي العيد يلتقي الأغنياء بعطائهم مع الفقراء بحاجتهم، فهذا من أهم المعاني الإنسانية والاجتماعية للعيد، فالإنسان الغني القوي يلتقي مع الفقير الضعيف، فالغني تطهر نفسه من الشح، والفقير تطهر نفسه من الحقد والغني تنمو نفسه فيرى فعله الطيب في ابتسامة وجوه الفقراء، والفقير تنمو نفسه فيرى أنه ليس منسياً في المجتمع وأن هناك من يهتم به ويقدم له العون والمال.

وبهذا يضعف تعلق الغني في العيد بالمال، ويتعلق بالأعمال الصالحة، ولعل الفقير بالعيد ينسى الشدة والحرمان.

وحول مظاهر الإسراف في العيد قال الشيخ محمد بن سالم الخروصي: يجب على الغني أن يلزم التوسط والاعتدال فلا يسرف في إظهار النعم حتى لا يؤدي به ذلك إلى الأشر والبطر والإعجاب بهذه النعم والافتخار بها على الآخرين، ويكفي المسلم زاجرا عن ذلك ما ورد في القرآن من قصة قارون في سورة القصص، وقصة صاحب الجنتين في سورة الكهف، فكلاهما تجبرا وبطرا ونسيا المنعم سبحانه، فكانت العاقبة ذهاب النعم عنهم.

والعيد مناسبة مهمة لتربية الأهل والأولاد وتعويدهم على هذه المعاني الجميلة في هذا الدين العظيم، حيث تكثر اللقاءات والاجتماعات والزيارات، فمن المهم التنبيه على ضرورة الاقتصاد وعدم الإسراف، وتعليم الأبناء آداب الزيارة والمجالسة والحديث مع الآخرين.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك