عُمان عصية على الطامعين والمتربصين

 

علي بن كفيتان بيت سعيد

 

 

لا أدري من أين أبدأ ولا إلى أين أنتهي فالخطاب السياسي في المنطقة بات على صفيح ساخن ورغم حكمة وتعقل العُمانيين كالعادة إلا أنَّ هناك من بات يفتش عن الجمر القديم تحت ذلك القالب الذي ظل يعمل كمبرد لمحرك متهالك فنظام التبريد يعمل بكفاءة ولكن المحرك لم يعد كذلك.

هناك من تستهويه ثقافة التحريض ولا يكاد يمر عليه خبر في محطات التلفزة المطبلة للخراب والدمار إلا ويسقطه على الوضع الداخلي فتجده يُغرد بحرارة في مواقع التواصل الاجتماعي ويلتقط الأخبار ويربطها ببعض ويقوم بفبركتها خدمة لأهداف غير نبيلة وفي ظل تراجع نظام التبريد من شدة حرارة المحرك كما قلنا ذابت بعض أطراف القالب فحسب الظاهر أنَّ القضية لها علاقة بتغير المناخ.

لا ننصح بتتبع هذا النهج فهو بداية سقوط الدول والشعوب ومهما تكن أخطاء الأنظمة إلا أنَّ سقوطها بين لنا أنّ النتائج كانت وخيمة ففي هذه المنطقة لا مجال للشعارات الغربية التي تم تصديرها للشرق الأوسط وهي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان فهم ينادون بذلك وفي الجانب الآخر يجعلون من شعوبنا حقل تجارب لأسلحتهم التي باتت مكدسة في المخازن وهم من يقفون حجر عثرة أمام أي تسوية مقبولة للقضية الفلسطينية عبر استخدام حق الفيتو لعدم منح هذا الشعب حق الحماية الدولية فمثل هؤلاء لا يحملون قيم النزاهة ولا يؤمنون سوى بالمصالح المشتركة.

نعم نحن مع تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة لأنّها ستضيف عبئاً جديداً إلى الجيوب المنهكة في ظل وقف الترقيات ورفع الدعم عن المحروقات واتباع سياسة التقشف وفي ذات الوقت لسنا مع نهج الفوضى والتشكيك الذي بات يروج له البعض عبر بوابات التواصل الاجتماعي فكل المطالب يجب أن تأخذ طريقها عبر القنوات المعتادة مثل مجلس الشورى ومجلس الدولة ولا شك أنّ الحكومة ستستجيب لهذه الهموم أو أنها ستجد السبيل للمُعالجة عبر رفع الأجور ومنح علاوات جديدة مثلما فعلت بعض الدول قبل تطبيق ما بات يُعرف بضريبة القيمة المضافة المقرر سريانها مع مطلع العام المقبل 2019.

فأمام أعيننا رأينا أنّ التغيير عبر التظاهر والإضراب والتخريب أدى إلى فقدان النظام العام وتدمير مقدرات الشعوب والأمثلة شاخصة أمام أعين الجميع فكل الدول التي خرج فيها الناس للشوارع لإسقاط الأنظمة باتت اليوم جاثمة في قبور جماعية أو على طرق الهجرة أو في الشتات والمتبقي منهم يعانون من المجاعة وعودة انتشار الإمراض المعدية التي تخلصت منها البشرية منذ قرون، هذا الوضع يقودنا للتخلص من الجانب العاطفي والتمسك بالخيار العقلاني في مُعالجة الأمور.

إنَّ الانحياز لصوت العقل هو السبيل الأمثل للتعامل مع كل القضايا والمعضلات فما هو ممكن في دولة معينة يكون غير قابل للتطبيق في أخرى فاستيراد القوالب الجاهزة لم يجد نفعاً فالواقع الخيالي الذي عاشه الكثيرون كان يتوقع أن ثورات الربيع العربي ستقود لمزيد من العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة ودحر الفقر وانتشار الرفاه الاجتماعي وفي الواقع لم يحدث شيء من هذا بل تراجعت الأمور لأسوأ مما كانت عليه وكل تلك الشعوب باتت تندب حظها وتتمنى عودة الأنظمة التي قامت لإسقاطها وهذا لا يعني أنّ الوضع كان مثالياً في عهدها ولكن الأمور كانت تسير بصورة جيدة والخيط الرفيع لم يقطع كما هو حاصل اليوم.

نقول اتقوا الله أيها المغردون في بلدكم وفي حكومتكم ولا تنسوا أننا كنَّا المثل الأسمى في التعافي من جرثومة الفوضى العارمة التي انتشرت في كل الانحاء فقد أصبحت بلادنا وبحفظ الله ومنته ومن ثم بفضل السياسة الحكيمة لجلالة السلطان واحة للأمن والاستقرار فجنودنا لا يحاربون في أصقاع الدنيا لأجل قضايا غامضة بل يقومون بفتح الطرق وتوصيل الخدمات لمن تضرر في ربوع عُمان وطائرات سلاح الجو السلطاني توظف لنقل المرضى من داخل البلاد وخارجه في لفتات إنسانية نادرة، والسلطات الأمنية تتوخى أكبر درجات الحيطة والحذر عند التعامل مع المواطن وتراعي المشاعر الإنسانية إلى أبعد الحدود ولذلك وجب علينا شكر النعم وعدم العبث بأمننا واستقرارنا.

حفظ الله عُمان وحفظ سيدنا وقائدنا جلالة السلطان وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار.

 

alikafetan@gmail.com