السليماني يدرس شعر الحرب في القصيدة العمانية أيام دولة اليعاربة

...
...
...
...

مسقط - العمانية

لقد كان الشعر ولا يزال ذاكرة الشعوب والحضارات المختلفة، وللعرب مع الشعر حكاية شرحها يطول. ولكننا حين ننظر إلى تعدد فنون الشعر العربي وغنى وتنوع الأغراض الشعرية ندرك حجم المكانة التي يعطيها العرب للشعر، ومن جانب آخر فإنّ هذه الفنون في تنوعها تعكس حجم الذاكرة واتساعها. ومن بين تلك الفنون أدب الحرب، ولعلنا حين ننظر إلى الشعر الجاهلي نجده قد سجل أحداث الحروب الطاحنة آنذاك كما في معلقتي عنترة بن شداد وزهير بن أبي سلمى، فأدب الحرب هو تسجيل للمعركة وما يحدث فيها قبل وأثناء المعركة.

ويشير الأستاذ الدكتور عيسى السليماني إلى أنَّ هناك دراسات كثيرة حول أدب الحرب في الأدب العربي ولكن الأدب العماني يفتقر إلى مثل هذه الدراسات على الرغم من وجود نصوص متنوعة خاضت غمار الوصف الحربي، ووصفت حيثيات المعركة، سواء أكانت عن قرب أو بعد؛ لذا فإنّ السليماني يقدم دراسة نقدية سياقية للنص الشعري العماني الذي يصف الحرب.

وقد حملت دراسته عنوان "شعر الحرب في القصيدة العمانية أيام دولة اليعاربة" نظرًا للدور الذي بذله العمانيون في تلك الفترة في طرد البرتغاليين من عمان وسواحل الخليج كما طاردوهم في بقاع شتى من سواحل الهند وحتى أقصى شرق أفريقيا.

 ويؤكد السليماني أنَّ هذا النوع من الشعر يستحق الاهتمام لكونه يمس التاريخ والاجتماع والنفس والثقافة والهوية، فهو في النهاية تجربة إنسانية، جاء نتيجة معاناة وتفاعل مع الحدث، خاصة كونه يتعلق بمصير عزة الوطن والمواطن.

   ويشتمل كتاب "شعر الحرب: قراءة في القصيدة العمانية أيام دولة اليعاربة" على مقدمة وفصلين وخاتمة وسبعة عشر ملحقا بالقصائد المدروسة.

وقد اختار الباحث عددا من الشعراء العمانيين الذين مثلت قصائدهم لغة الشعر الحربية كما تجلى ذلك في شعر بشير بن عامر الفزاري، وراشد بن خميس الحبسي، ومحمد بن عبدالله المعولي، وخلف بن سنان الغافري وسعيد بن محمد الغشري.

   وحمل الفصل الأول عنوان "الصورة الحربية وبعدها الدلالي عند شعراء اليعاربة" وسعى الباحث في هذا الفصل إلى إبراز الرؤية الشعرية للشعراء المدروسين بالاعتماد على ما رسموه في قصائدهم من مشاهد جراء تفاعلهم مع الحدث مشاركة أو مشاهدة أو سماعًا، ولأجل ذلك عمد الباحث إلى دراسة العلاقة بين البناء اللغوي والدلالة المعجمية.

وضم هذا الفصل أربعة مباحث وهي؛ صورة المحارب وسماته الحسية والمعنوية ببعدها الدال في فضاء النص، وتمثل ذلك في صور القادة وفي الجند، ونظر المبحث الثاني إلى الأدوات الحربية وبعدها التصوري حيث درس صورة الخيل والأدوات الحربية الأخرى كما تجلى في قصائد المعولي والحبسي والغشري.

أما المبحث الثالث فقد تطرق إلى الفنون الحربية وأبعادها الدلالية من خلال تتبع وصف مجريات الحرب والوقوف عند استراتيجية مهاجمة العدو ودرس المبحث الرابع الأبعاد الزمانية والمكانية ودلالتها.

   أما الفصل الثاني فجاء تحت عنوان "البعد النفسي ودلالته في شعر الحرب" وتشكل الحرب النفسية واحدة من الخطط التي يستخدمها القادة في شن الحروب لأن هذا النوع من الحروب يهدف إلى زعزعة الجانب النفسي عند العدو ويهدف في الوقت ذاته إلى مكالبة الشعب بالتعاون مع جيش الوطن.

وأتى هذا الفصل في مبحثين الأول منهما بعنوان "صورة الحرب النفسية الاستعراضية" من خلال النظر إلى ما رسمته مفردات النص الشعري عند شعراء دولة اليعاربة، عندما وصفوا الجيش وقدراته قبل الهجوم على العدو وما صنعه من معجزات في الماضي. وتناول المبحث الثاني صورة الحرب النفسية التكتيكية أو التعبوية.

جدير بالذكر أن كتاب "شعر الحرب: قراءة في القصيدة العمانية أيام دولة اليعاربة" قد صدر عن منشورات مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية بجامعة نزوى بالتعاون مع دار الجمل، وصدر الكتاب في طبعته الأولى عام 2017م، وجاء الكتاب في 206 صفحات.

الأستاذ الدكتور عيسى السليماني باحث وأكاديمي عماني صدر له كتاب "الصورة الشعرية في بناء القصيدة العمانية الحديثة / أطروحة دكتوراه (دراسة نقدية) – مطبوع – دار كنوز المعرفة- 2008. كما صدر له "ديوان نور الدين السالمي تحقيق ودراسة – أطروحة ماجستير مطبوع – دار كنوز المعرفة - 2007. وله العديد من الدراسات المنشورة في دوريات علمية محكمة وله كذلك حضور في المؤتمرات والندوات المحلية والعربية في مجال النقد الأدبي.

 

تعليق عبر الفيس بوك