من ينقذ الدراما العمانية من متاهتها؟!

مسعود الحمداني

 

أنقذوا الدراما العمانية من التسطيح، والبلاهة، والسذاجة، انقذوها من الأفكار المعلّبة والجاهزة، والصورة النمطية التي وضعها فيها البعض، فلم تخرج عن أحد نمطين: إمّا أفكار قديمة مجترّة، أو حديثة لا علاقة لها بالواقع، وكأنّ هناك من يحاول أن يفرّغ الفن من رسالته في التوعية التثقيف ومعالجة قضايا ومشكلات المجتمع، ليحوّلها إلى تهريج لا هدف له إلا استجداء الضحك، وتقضية الوقت.. وحتى الذين ينادون بـ (الفن لأجل الفن) كانت لهم رؤية ومزاجية عالية في تقديم هذا النوع الهادف إلى المتعة الخالصة، وليس كما يُعرض علينا.

ولكن يبدو أنّ أفكار مؤلفي ومخرجي الدراما العمانية نضبت، أو أنّها توقفت عن النمو منذ سنين، وأصبحت تعيد وتكرر الأفكار والمشاهد، وتقلّد ما تشاهده من أعمال عربية وغربية دون وعي وإدراك لتأثير الفن على المتفرج، ومن خلال توظيف مقحم على العمل الفني، فانحصرت أفكار ومشاهد المسلسلات التلفزيونية العمانية على القرية القديمة وقدّمتها بصورةٍ سمجة، وغير دقيقة، وأطرّتها في إطار كلاسيكي بحت لا يناسب المرحلة، ولا يبحث عن التجديد، أو حتى عن عمق ودلالات القرية في العمل..لذلك نرى عملا مثل (حارة الأصحاب) يعيدنا إلى بدايات الدراما العمانية ويقدمها بصورة إخراجية لا تضيف شيئا للمسيرة الفنية المحلية، وجاء باهتا ومحبطا لكثير من المشاهدين الذين (اشتاقوا) للأعمال العمانية في شهر رمضان ولكن هذه التهافتات تكسرت على أبواب ما شاهدوه من سذاجة في الأداء والإخراج لهذا العمل وغيره.

ثم إن هناك نقطة هامة علينا مناقشتها بجدية في الأروقة الإعلامية وهي تتعلق (باللهجة) المستخدمة في هذه الأعمال والتي يصر البعض على تسميتها باللهجة العمانية (القحة) وهي صفة غير دقيقة أطلقها البعض وصدقها آخرون، فاللهجات العمانية متعددة، وغير محدودة ولا يمكن تأطيرها في إطار واحد، وإذا أردنا أن نواجه الواقع، ولكي تخرج الأعمال العمانية إلى خارج الحدود، ويكون لها الصيت والانتشار المطلوب خليجيا على الأقل، فعلى الإعلام استخدام اللهجات القربية من لهجات بقية دول الخليج كلهجة أهالي محافظات الباطنة والبريمي والوسطى ومسندم وبعض أجزاء من محافظتيّ الشرقية فهذه اللهجات هي الأقرب للانتشار خارجيا وخليجيا، ولا يعني ذلك إهمال بقية اللهجات (القحة) من خلال وجود شخصيات في العمل تتحدث بها، على ألا تعتمد لهجة العمل الفني الكليّ عليها. أمّا المكابرة والمناداة (بالخصوصية) ـ وهي مناداة مغلوطة ـ فلن يحرك الدراما شبرا واحدا للانتشار وستبقى الدراما العمانية حبيسة العرض المحلي الصرف.

ورغم أنّ الفنان العماني فنان مجتهد وموهوب وذو إمكانيات عالية إلا أنّ مثل هذه الأعمال ظلمته، وكان جلّ همّها تقديم عمل أيّا كان مستواه في سبيل التواجد، وهو ما أجبر الممثل على محدودية الحركة، والأداء، بل وتقليد بعض الفنانين الذين سبقوه، والاعتماد على ما قدموه، فأصبحت بعض الشخصيات جامدة لا جديد فيها ولا حياة يؤديها ممثلون عديدون بنفس الرتم والنمط..لذا فإنّ على هذا الفنان أن يقدّم شخصيته الفنية الخاصة وتطور المجتمع، فالإبداع والابتكار سمة من سمات الفنان الناجح، والذي يبحث عن التجديد والتأثير، ويدرس التفاصيل البسيطة والمغايرة في الشخصية التي يقدمها، ولا يكتفي بورق السيناريو..

الدراما العمانية بحاجة إلى عملية إنقاذ سريعة، وإلا فإنّها ستفتقد الكثير من الجماهيرية التي تحتاجها لنشر الفن المسؤول، والذي ـ للأسف ـ أصبح عملة نادرة في زمن الأفكار الجاهزة والنمطية الباهتة.

 

 

Samawat2004@live.com