من عتبة بيت الخنجي بمطرح

يوسف بن علي البلوشي

 

تفتح الشرفة وينفض غبار الزمن العتيق من عتبة "البيت العود". هكذا كان يطلق عليه كل من يعرف أسرة الخنجي. تقودك الحلة إلى رائحة الزمن الجميل عندما كانت الأكياس المحمولة على الأكتاف المعروفة بـ"الجواني" تنزل من سفن الهند وإفريقيا إلى خور بمبه في مطرح.

ويفتح أبناء الخنجي كما يحب أهل مطرح أن يطلق عليهم بيتهم مجددا لدروازة التاريخ وتحتضن مجد عمان السالف منذ أن جاءت السفن إلى شاطئ مطرح محملة بالدعن والتمر والأخشاب والزيت وغيرها.

بيت أسرة الخنجي في قلب مطرح أو "البيت العود" اعتاد فتحه في شهر رمضان ليحتضن الأصدقاء والأصحاب وكوكبة المجتمع من التجار والإعلاميين والسفراء والحكوميين في قلب حلة العرين ليشتم زوار البيت عبق الماضي العائد الى عام 1354 هجري منذ أن وضع أول حجر لهذا البيت.

منذ تلك الأيام وهو يستقبل ضيوفه من الداخل ومن الخارج من التجار والنواخذة القادمين إلى بندر مطرح عن طريق البحر.

تدعو أسرة الخنجي ضيوفها في رمضان، ويتقدمهم خليل الخنجي ليطوي كل زائر خطاه إلى طريق مسكد مسقط حاليًا نحو مطرح في مشهد دخول المدينة من جهة البحر والمنظر البانورامي لها وانحناء الشاطئ في نصف دائرة وترسو عليه اليخت آل سعيد. إذن كان لأسرة الخنجي سر جديد يفوق أن يكون إفطارا شهيا لتجربة الثريد المحلي أو التمر العماني أو القهوة التي نقعت بالبن المطرحي.

بل تجاوز خليل الخنجي وإخوانه المشهد لجعل مطرح موطئ قدم الجميع ويسبر زوارها عالما آخر بعيدا عن التسوق بين جنبات المحلات ودكاكين مطرح القديمة.

قبل أن يصدح الآذان يعتلي الزوار سلم البيت العود نحو الشرفة المطلة على مطرح لينسكب الحديث عن فخر الماضي وسفن العمانيين القادمين عبر خور بمبه وجذوة المكان عندما ترى في الأفق ذلك التاريخ يتبخر مع رائحة القهوة عندها كان الأذان قد رفع وبدأ البيت العود يضج بحركة الصائمين مستلهما من الإرث صورًا قديمة وتواريخ مشرقه في أيام مظلمة بأن نورها مع إشراقه عهد النهضة، وتسمع من قلب مطرح صوت التاريخ يحن عندما خلّد أزيز مضخات المياه التي كان يبيعها الخنجي والسركال في دفة مطرح العتيقة.

إذن السر يا آل خنجي لم يكن في قهوتكم أو خبز الرخال أو الثريد المطهو بالزيت العماني بل في ما يسطره قلبكم الكبير الذي يفتح للأزقة في مطرح تسجيل صفحات من التاريخ تروي في كل جدار قصة عمانية لم تطو أوراقها في صيف رمضان الحاضر.