لِمَ الاكتئاب أيها الشاب؟

 

فوزي بن حديد

 

وَجدته واضعًا فكَّيه بين كفَّيه، كأنه أثقلته هموم الدنيا كلها، وهو لا يزال في رَيْعان شبابه، اقتربتُ مِنه خلسةً، حاولت أن أقرأ أفكاره وهو يتأمل، فلم أجد بُدّا من محاورته لأكتشف ما بداخله.. فيمَ يُفكر يا ترى؟ علام هذا التبرُّم؟ ولِمَ هذا الاكتئاب؟

بدا وجهه شاحبا كأنَّ مرضا ما يتصيده وهو بهذه الفتوة والقوة، كلما اقتربت منه أكثر بدت لي رؤاه توحي إليَّ بأنه في حالة فكرية مزرية، وأنه بحاجة لمساعدة، سألته: هل هذا حال الشباب كلهم، أم أنها حالة خاصة؟ أجابني بكل ثقل: نعم مع الأسف الشديد، هذه مراهقة الشباب؛ حيث الفترة التي يكون فيها الشاب تائها لا يدري ماذا يفعل، تتجاذبه أطراف الحياة بين قلب يعشِقُ، وجسد يمرُقُ، وفكر يعلَق، وعمل يصعقُ، مذبذبا بين هذه الحبال إن أمسك حبلا ذبلت الحبال الأخرى وأصبحت متاعا زائلا، كلما ظن السعادة في حبل جرّبه فإذا به يجد نفسه في مكان سحيق تراوده الوساوس في كل مكان، أو في بئر لا قاع لها يصرخ ولا مجيب.

قلت له لِمَ الاكتئاب؟ والسعادة أمامك، ليست السعادة في المال وحده.. أتدري أين السعادة؟

السعادة ليست حُلما، بل يمكن أن تتحقق في الحياة، ولن تتحقق إلا بإشباع الروح التي خلقها المولى عز وجل، وهو عمل ليس سهلا في البداية ولكن بمرور الزمن تشعر أن القوت لا يكفي لإتمام المهمات لأن الروح صارت جزءا مهمًّا منك واشغلها بالمفيد الذي يجلب لك حقا السعادة كل السعادة، السعادة تجدها في قراءة القرآن وأداء الصلوات بإتقان، وتتبع سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في منهج حياة بديع، تجدها في قراءة كتاب، تجدها عندما تبحث في موضوع سبقت به غيرك من الناس، السعادة تجدها في خدمة الناس، ومن سخَّر نفسه في خدمة العباد ألهمه الله -عزَّ وجلَّ- السعادة وراحة البال، ولعلّ أفضل ما يقرب الإنسان للسعادة هو الذكر الذي يمسح ذنوب المرء ويجعله قريبا من الله عز وجل.. "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".

abuadam-ajim4135@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك