أين جهتك أيتها البلاد؟


نبيه شعبو – سوريا


الفراشةُ التي انسلت من بينِ أصابعِ طفلٍ ركلت الريح بجناحيها فأودتهُ نسيماً شروداً يشاغبُ نهداً طرّياً كان ينهضُ على مهلٍ تحت عروةِ ثوبٍ ضاقت بهِ الرغبات...... ترجَّلَ العاشقُ عن صهوةِ فرسهِ حينَ حرنت فوق جرنِ العصافيرِ التي ملأتهُ بقطرات العطشِ.
قال: ماذا دهاكِ أيتها البلاد.
هل تمنحيني فتات وقتكَ لأبحثَ عن كنز قُبلٍ ضيعتهُ في دروبكِ الضيقةِ..... أوتحت ظلالِ ساقيةٍ تجهدُ في البحث عن دمعةٍ لتشاركَ الأمهاتِ اللواتي اغتسلن على ضفافها يوماً مواسم البكاء.
تعب الدمُ من النزفِ وتيبسَّ في العروقِ ....
اغتسلَ الجرحُ بشقائقِ الحقولِ لكي تعيدَ له  لونه...
والهراوات تلاحق الأمنيات ما تقدم منها وما تأخر..
السنديانةُ التي  ظللت أعراسنا وعلّقت على أصابعها أراجيحَ طفولتنا هوت في جوف الهباب..
ونشوةُ الخمرةِ هجرت عناقيدَ كرمتكَ...
وترمد تنّور أمي في مهبِ الرحيل.....
والدروب التي أتعبتها الخطا تنوء تحت حقائب الحلم والوجع بعد أن ضيعت الرغيف على ضفاف الملح...
وحده الزيتون مدَّ ذراعهُ ليتبرّع بدمهِ لمن نزفوا جوعاً  وعوزاّ....
وصوت ابن آوى خبّأَ ذاكرةَ النواطيرِ خلفَ ظهرِ نجمٍ غفا فوق أنقاض عرزال انفلت من غصنه ..... انكسرت أضلاعهُ من هشاشةِ البعاد.....
تنهد القمر وهو يسّرح شعرها بأمشاط الليل وقبل أن يغفو ردد... إلى أين جهتك أيتها البلاد؟

 

تعليق عبر الفيس بوك