كيف يتجاوز الطلاب المعرفة الهشَّة إلى الفهم العميق؟


أستاذ علم النفس التربوي بجامعة سوهاج – جمهورية مصر العربية

 

ضرورة الطرح هنا تقتضي البدء بتساؤلات مشروعة من أمثلة: هل تعكس الدرجة الكاملة على الاختبارات التحصيلية فهم الطلاب العميق لما تعلموه؟  وكيف يمكن يعرف المعلمون أن المعرفة التي كونها طلابهم ليست مجرد فهم سطحي للمواد؟ وكيف يمكن مساعدة الطلاب للوصول إلى فهم أعمق؟

يحمل كثير من الطلاب معرفة هشة للغاية، فقد يعرفون الإجابة على سؤال ما، ولكن إذا ما غُيرت معطياته قليلاً فإنهم يعجزون عن الوصول للحل، بالرغم من أن الإجابة نفسها تظل صحيحة، إلا أنهم لا يدركون ذلك ... هم يعرفون ذلك جيداً، لكنهم لا يعرفون كيفية تطبيق ما تعلموه في مواقف أخرى جديدة، ما لم تأت المشكلة بنفس الكيفية ويطلب منهم الاتيان بالحل بنفس الطريقة بنفس الكيفية أيضاً!
 في كتابه "المدارس الذكية"، يحدد عالم نظريات التعلم بهارفارد "ديفيد بيركنز" David Perkins مؤشرات يمكن أن تساعد المعلمين على التعرف على المعرفة الهشة Fragile Knowledge.

عناصر "المعرفة الهشة": عندما تكون لدى الطالب معرفة هشة (أو سطحية)، فهو لا يتذكرها، ولا يفهمها، ولا يستطيع أن يستخدم بفاعلية المعلومات التي اكتسبها، مما يتسبب في حدوث عدم تناسق في الأداء الأكاديمي. فالمعرفة الخاملة Inert knowledge تسمح للطلاب بتذكر المعلومات عند الاختبار، ولكنها لا تعطيهم القدرة على تطبيقها خارج الفصول الدراسية أو في الحياة الواقعية. وتشير المعرفة السذاجة Naïve knowledge إلى المعرفة التي تتيح للطلاب التعويل على تفسيرات بسيطة أو صيغ محددة لتقديم الإجابة، ولكن لا يتطلب منهم تطبيق المعرفة بطرق مرنة. أما ما يسميه ديفيد بركنز في نظريته حول المعرفة العميقة بالمعرفة الشعائرية Ritual knowledge فهي تعني استبدال وتجاوز المعرفة الروتينية التي تمارس بشكل جيد في الفصول دراسية إلى المعرفة الحقيقية؛ في هذا المستوى تذهب المعرفة إلى مستوى التطبيق على العالم الحقيقي خارج الفصول الدراسية.  وتوصف معرفة الطلاب بأنها معرفة هشة Fragile Knowledge عندما لا فهم الطلاب المعنى العميق لما يتعلمونه ولا يمكنه تطبيق ما تعلمه.

الفهم العميق: ينطوي بناء الفهم العميق على معرفة الطلاب تحديد المعرفة السابقة، وربط التعلم الجديد بالتعلم السابق وإنشاء عروض تقديمية مرئية، ومساعدة الطلاب على الانتقال من مرحلة اكتساب المعرفة إلى تطبيق ما تعلموه. لا تركز نظرية الفهم العميق على امتلاك المعرفة فقط، بل أيضا على القدرة على التفكير، وشرح المعرفة، وتطبيقها خارج الفصول الدراسية، حيث يظهر الطلاب درجات متفاوتة من الفهم العميق لكمية وجودة  الأداء الذكي على حد سواء.

ويشير الأداء الذكي إلى الأشياء التي على الطلاب القيام بها لإظهار وإثبات ما تعلموه. وهي تشمل، ولكنها لا تقتصر على، قدرة الطلاب على: شرح المفهوم المتعلم بعباراتهم الخاصة، وإعطاء أمثلة جديدة تبرهن على المعرفة، وتطبيق المعرفة على مفاهيم لم يتم بعد تعلمها، تبرير أو دعم آرائهم، والمقارنة بين المواد المتعلمة بالموضوعات التي سبق تعلمها وتوضيح الفروق والتباينات، واستخدام المعرفة الجديدة في سياق مجالات موضوعات عامة، وعمل تعميمات متصلة بهذا الموضوع.

والآن، كيف ومتى يمكن أن يقول المعلم إن طلابه قد تجاوزوا المعرفة الهشة إلى مستويات أعمق من التفاهم؟
يجب على المعلم أن يحلل أداء الطلاب وفهمهم، وأن يستمعوا إلى ما يقولون، وأن يتفحصوا المهام التي أنجزها طلابهم. فمن المتوقع أن يكون الطلاب قادرين على شرح ما تعلموه وإعطاء أمثلة عليه، وتطبيق ما تعلموه في سياقات جديدة. وأخيراً يجب أن يظهر الطلاب سيطرة على المواد المتعلمة والتي تذهب إلى أبعد من مجرد الفهم السطحي.

 

تعليق عبر الفيس بوك