12 ورقة عمل وجلسات نقاشية مستفيضة ترصد سيرة ومآثر القائد العسكري الفذ والسياسي المحنك

مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية: "ندوة المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني" تهدف لوقف الاعتداء على أسلافنا العظام

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

الرؤية - محمد قنات

تصوير/ راشد الكندي

 

◄ الرواس: نأمل مد جسور الحوار مع الآخرين عبر هذه الندوة

◄ هناك من ترك عمانيته وتاه في الأرض أربعين عاما.. والاعتداء على الأموات ينافي شيم الكرام

 

مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي: الندوة تهدف لصون الإرث التليد للأمة العمانية العظيمة

الندوة تدعو لإنشاء صندوق وقفي لتمويل الأبحاث العلمية الحافظة للتراث والهوية العمانية

 

 

أكد معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية، أن الندوة الدولية حول الشخصية العمانية الفذة المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني تنعقد بهدف "وقف الاعتداء على أسلافنا وعلى تاريخ رجال عظام خدموا البلاد والعباد في كل مكان تواجدوا فيه".

وقال معاليه -في تصريحات للصحفيين على هامش انعقاد الندوة- إن التاريخ ليس إرثًا لأحد، لكن الشخصيات تعود إلى أوطانها ولانتمائها، مضيفا أن السلطنة تأمل أن تسعى هذه الندوة الدولية لمد جسور الحوار مع الآخرين ليكونوا جزءًا من هذه الأرض الطيبة التي تحتوي الكثير. غير أنه استدرك قائلا: "لكنهم تركوا عمانيتهم وذهبوا لشيء آخر... تاهوا في الأرض أربعين عامًا، فإن عادوا مرة أخرى ليكونوا عمانيين فعلى الرحب والسعة، لكن لا بد أن تسمَّى الأشياء بمسمياتها وأن يُعطى الحق لأصحابه". وندد معاليه بـ"الاعتداء على الأموات"، وقال إن ذلك الأمر "ليس بشيء من شيم الكرام".

وأوضح معالي مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية أن الندوة ترمي لإنصاف الحق والتاريخ الممتد منذ مالك بن فهم وإلى ما قبل الملكة شمساء، وصولا لحكم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي فجر نهضة مباركة عمت البلاد والعباد. واختتم الرواس تصريحاته قائلا: "نقول للناس كفى اعتداءً على الأموات".

 

الرؤية - محمد قنات

تصوير/ راشد الكندي

 

ندوة تاريخية

وانطلقت، أمس، بقاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس الأكبر ببوشر، الندوة الدولية حول "المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني"، ورعى معالي مستشار جلالة السلطان للشؤون افتتاح الندوة، التي تستمر لمدة يومين، وبتنظيم من جامعة نزوى ممثلة في مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية.

ويشارك في الندوة عدد من الباحثين والأكاديميين والمؤرخين من داخل السلطنة وخارجها والمهتمين بالتاريخ العماني. وتسعى الندوة للتأكيد على عمانية المهلب بن أبي صفرة، وتقديم شخصيته من خلال المصادر والمراجع التاريخية والأدبية القديمة؛ بما يرسم صورة واضحة عن حياته ودور آبائه في عُمان والحجاز والعراق، وإبراز الدورين السياسي والعسكري الكبيرين للمهلب وآل المهلب ودراسة الأدوار التاريخية للمهالبة في العراق وعُمان، إلى جانب تحديد المعالم الأثرية للمهالبة في مدينة أدم العُمانية.

وقدَّم الدكتور محمد بن ناصر المحروقي مدير مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي، كلمة ترحيبية، استهلها بالقول: "يشرفني أن أرحب بضيوفنا الأجلاء، متمنياً لهم طيب الإقامة بيننا، مستبشراً بهذا اللقاء العلمي، وهو ينعقد في رحاب جامع السلطان قابوس الأكبر، هذا الصرح الشامخ من منجزات العهد الميمون لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سيعد المعظم -أعزه الله- الذي يُعلي راية الإيمان كما يُعلي عبادة التعلّم، وهو دور أصيل راسخ للجوامع عبر تاريخ عُمان الممتد، كما هو مُشرق في أرجاء شتى كالقيروان والأزهر وربوع العالم الإسلامي. وأكد المحروقي أن هذه الندوة الدولية تأتي في إطار الجهود الوطنية المبذولة عبر البحث العلمي للإسهام الفاعل لصون الإرث التليد لأمتنا العظيمة بشقيه المادي والمعنوي، مشيرا إلى أن جهود مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والانسانية بجامعة نزوى، تتكامل عبر سلسلة ندوات تُعنى بأعلام عُمان؛ تخليداً لعطائهم الإنساني الفيّاض، وتمحيصاً علميا دقيقاً لنزع ما قد يشوبه من دَخن الزمان وعوالق الهوى.

وأضاف: إن علم هذه الندوة هو المهلب بن أبي صفرة الأزدي العماني، وهو شخصية قيادية فذة برعت في فنون الحرب، وصنع الانتصارات، كما أشرقت في إدارة الأقاليم وترسيخ المُلك، ونشأ في بيت زعامة وقيادة لقومه، فوالده أبو صفرة سارق بن ظالم العتكي الأزدي، والذي وَفِد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعلن اسلامه وكنّاه "بأبي صفرة"، ثم وفد على خليفة رسول الله أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- ضمن وفد عمانّي رسمي رفيع المستوى بقيادة عبد بن الجلندى، وكان خطيب الوفد فألقى كلمة الوفد في مسجد رسول الله. وتابع: "يحفظ التاريخ لهذا الأب الزعيم درساً لا يُنسى في تربية القادة وهو على فراش الموت؛ إذ جمع بنيه وأعطى كل واحد منهم عصى، وطلب منهم كسرها، فكسر كل عصاه، وأتى بأخرى في عددهم فأعطاها الأصغر فلم يستطع كسرها، والأكبر عنه فالأكبر ولم يستطع أحد كسرها، وهنا التفت أبو صفرة إليهم، وقال "كونوا جميعا متحدين هكذا"، وأنشد: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسّرا// وإذا افترقن تكسّرت آحادا". ومضى قائلا: "خَلَفَه بعده على رئاسة الأزد ابنه المهلب فكان القائد المحنّك الذي واجه الأزارقة، وأحاط بهم وأغلق عليهم كل منفذ، حتى قال قائلهم: "إنا لنخشى أن يتهبط علينا المهلب من الأرض أو من السماء" ولقبوه بـ"الساحر". وأكد المحروقي أن التاريخ العماني ضارب في القدم لأكثر من سبعة آلاف سنة، وفي كثير من مراحل عُمان التاريخية كانت إمبراطورية قوية سادت بحار العالم، وتمددت على أراض آسيوية وهندية وإفريقية، وأنجبت هذه الأرض الكثير من القادة والعلماء العِظام. وشدد على أن الإرث الفكري والحضاري العماني بمخطوطاته ووثائقه شاهد على تلك الإنجازات، غير أنه متوزع في دول العالم، في فارس والهند والبرتغال وشرقي إفريقيا حتى جزر القمر ومدغشقر، مشيرا إلى أنه مع الجهود الكبيرة والمقدرة التي تبذلها المؤسسات الرسمية، فإن المهمّة "كبيرة جدا جدا". ودعا المحروقي الجامعات والمراكز البحثية الحكومية والأهلية أن تباشر لتوثيق ذلك التراث وحفظه وعرضه للداخل والخارج، لعُمان والعالم، وأن نكثف العمل لتقديم هذا التراث للنشء حفاظاً على الهوية والأصالة المميزة لعُمان؛ فالانقطاع عن التراث خيار من لا خيار له، فــ"المنبتّ" -كما ورد في الأثر- "لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى"، كما أدعو إلى إنشاء صندوق وقفي يُسهم فيه الجميع ليكون داعماً لهذه الجهود على أن يسخر ريع هذا الوقف لتمويل الأبحاث العلمية.

 

الجلسة الافتتاحية

وقدَّم الأستاذ الدكتور فاروق عمر حسين فوزي أكاديمي من العراق ومقيم بالأردن، في الجلسة الافتتاحية ورقة بعنوان "دور آل المهلب بن أبي صفرة في المشرق الإسلامي خلال العصر الأموي (41ـ132هـ/661ـ750م)"، أوضح فيها أن أسرة المهلبية لعبت دوراً رياديًّا متميزاً في حقبة من أشد حقب التاريخ الإسلامي تعقيداً تداخلت فيها الأحداث وتضاربت مصلحة الدولة مع مصالح قوى سياسية عديدة، حاولت التدخل في صنع القرار وتقاسم النفوذ، وكادت تعصف بالدولة الأموية لولا وجود بعض الخلفاء الأقوياء ورجالات من ذوي الكفاءة أمثال المهلب وأبنائه. وأضاف: إن أبا صفرة والد المهلب لعب دوراً في الفتوحات في العصر الراشدي، خاصة بعد استقرار الأزد في البصرة؛ حيث يظهر اسم المهلب مبكراً في فتوح المشرق منذ عهد الخليفة معاوية ابن أبي سفيان، فقد أثبت أنه عسكري محترف وسياسي محنك. وتابع أنَّه حين وقعت الفتنة في بلاد الشام والحجاز 64 هجريا انسحب إلى البصرة (بصرة المهلب) ولم يشارك فيها، مشيرا إلى أن أهم ما يذكر للمهلب هو مُجابهته لأكبر خطر هدد الدولة والمجتمع، وهو خطر الأزارقة؛ فقد استطاع ببراعته السياسية وحنكته العسكرية أن يجتثهم من جذورهم خلال فترة زمنية قصيرة خلال عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان رغم ما لاقاه من حقد وحسد وتآمر من بعض الولاة في العراق وخرسان.

وزاد بأنه في مجال السياسة والإدارة، تقلد المهلب عدداً من المناصب الإدارية والسياسية في العراق وخرسان وأقاليم أخرى في المشرق الإسلامي، وظل هو وأبناؤه موالين للشرعية، متجنبين للفتنة، ونالوا تقديرَ عدد من خلفاء بني أمية؛ فقد أثبتوا أنهم رجال المهمات الصعبة الذين لا يُستغنى عنهم، وقد حرص المهلب على أن يسير أولاده على نهجه وطريقته في إدارة الحروب السياسية، ولكن الأوضاع تغيرت وجاء إلى الحكم خلفاء لا تجربة لهم ولا دراية بإدارة الدولة مثل يزيد بن عبد الملك، فلم يقدر موقف أبناء المهلب وعلى رأسهم يزيد المهلبي، وأمر ولاته بمصادرة أموالهم وسجنهم، وأغلق عليهم كل منافذ التفاهم والمصالحة؛ مما أدى لثورة يزيد بن المهلب في البصرة على الدولة.

وقدم جمال بن محمد الكندي ورقة بعنوان "تاريخ آل المهلب من خلال المسكوكات الإسلامية"؛ أشار فيها إلى أن النقود بصفة عامة والمسكوكات الإسلامية بصفة خاصة من أهم وأقوى أشكال الوثائق الأخرى مثل الحجرية والجلدية والخشبية والورقية، لما لها من دور في كشف الحقائق، وما تتسم به من قطعية الدلالة لتحديد التاريخ والحقب الزمنية، ومن أبرز المسكوكات التي سكها المهالبة درهم المهلب بن أبي صفرة، وهو من الطراز الساساني المعرب عليه، وسيلقي يونس بن مرهون البوسعيدي قصيدة شعرية وسيتم عرض فيلم وثائقي أعدته اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم.

المحور التاريخي

 

وفي الجلسة العلمية الأولى للندوة التي تتناول "المحور التاريخي" قدّم الورقة الأولى الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالمنعم سلامة من جامعة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية ورقة بعنوان "أضواء جديدة على دور المهالبة السياسي والثقافي في جرجان (97 ـ 386 هـ / 715 ـ 996م)".

وقدم الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي أستاذ مشارك بقسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية في جامعة السلطان قابوس ورقة العمل الثانية حول "أصول المهالبة نسبا وموطنا"، وأشار في الورقة إلى أنّ هذه الأسرة بنت مجداً في العصر الإسلامي وبرز منها القادة السياسيون والشعراء والعلماء ثمّ تفرقت في أنحاء العالم الإسلامي. واتخذ الهاشمي المنهج الوصفي التحليلي في التناول والتعريف بأسرة المهالبة وموطنها في عمان إلى جانب استعراضه لما كتبه المؤرخون والرواة في هذه الأسرة ورجالها.

وقدّم ورقة العمل الثالثة الأستاذ الدكتور حيدر عبد الرضا حسن التميمي مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بقسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة البصرة بجمهورية العراق بعنون "دور العُماني الأزدي المهلب بن أبي صفرة في الفتوحات العربية الإسلامية: حربه مع الخوارج أنموذجًا".

وناقشت الجلسة العلمية الثانية عدة أوراق علمية تركزت على المحور التاريخي والحضاري في سيرة المهلب بن أبي صفرة والمهالبة وقدم الدكتور سالم بن سعيد البوسعيدي من وزارة التربية والتعليم ورقة بعنوان "المهلب بن أبي صفرة العتكي: حياته، وشخصيته.. قراءة في كتابات الشيخ سيف بن حمود البطاشي"، وقدم الدكتور سليمان بن سالم الحسيني الباحث في مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية بجامعة نزوى ورقة بعنوان "المهلب بن أبي صفرة في بعض المصادر الغربية"، وقدم الدكتور ناصر بن علي الندابي من وزارة التربية والتعليم ورقة بعنوان "الجانب الحضاري للمهالبة".

اليوم الثاني

فيما تناقش الندوة اليوم الخميس المحور الأدبي في سيرة المهلب بن أبي صفرة حيث يقدم سعادة الدكتور عبدالله العمري عضو مجلس الشورى ورقة بعنوان "رموز عمان الثقافية وإشهارها"، ويقدم الأستاذ الدكتور محمد الديباجي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة شعيب الدكالي بالمملكة المغربية ورقة عن "ملامح من شخصية القائد العظيم المهلب بن أبي صفرة"، ويقدم الدكتور محمود بن ناصر الصقري أستاذ مساعد بكلية العلوم والآداب بجامعة نزوى ورقة بعنوان "الحركة الأدبية في بلاط المهالبة"، ويقدم الأستاذ عبدالله بن سعيد الحجري من وزارة التربية والتعليم ورقة بعنوان "آداب المهالبة: القيم الأخلاقية والخصائص الفنية".

من جهته، قال الدكتور سليمان بن سالم الحسيني الباحث في مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية بجامعة نزوى إنّ "المهلب بن أبي صفرة شخصية تاريخية عُمانية مهمة ليس فقط لتاريخ عُمان ولكنّها مهمة على مستوى العالم الإسلامي بشكل عام ومن ناحية أكاديمية مهمة أيضا للأكاديميين من مختلف دول العالم؛ حيث توجد عن هذه الشخصية كتابات وبحوث ودراسات باللغة الإنجليزية ولغات أخرى وذكرت في كثير من المراجع والكتب التي عنيت بالتاريخ الإسلامي ولايزال الاهتمام بالمهلب بن أبي صفرة مستمرا". وأضاف الحسيني أنّ المهلب إضافة إلى شخصيته العُمانية كقائد عسكري وسياسي وسيد في قومه يعتبر أيضًا مضرب المثل في الأخلاق العربية والإسلامية والإنسانية الأصيلة بشهادة الذين كتبوا عنه من الأدباء والمؤرخين الذين عاشوا في عصره وجاءوا من بعده مباشرة وتحدثوا عن خلقه وكرمه وصفحه عن أعدائه وقدراته العسكرية وغيرها من الصفات الإنسانية الحميدة".

وأكد أنّ جامعة نزوى ومركز الخليل بن أحمد الفراهيدي يسعيان لتحقيق جملة من الأهداف منها دراسة التاريخ والتراث العماني والعربي والإسلامي، وأنّه من هذا المنطلق تولي الجامعة شخصية المهلب بن أبي صفرة هذا الاهتمام والدراسة الأكاديمية العلمية المركزة؛ حيث يشارك في الندوة إلى جانب الباحثين العمانيين نخبة من الباحثين العرب المهتمين بشخصية المهلب؛ ولهم كتابات وبحوث سابقة في شخصيته وقدراته العسكرية والسياسية"، معربا عن أمله "في أن تكون هذه الندوة انطلاقة لعدد من الفعاليات الأكاديمية التي تعنى بشخصية المهلب بشكل أكثر تركيزا وتوسعا يشارك فيها باحثين من مختلف الدول العربية والإسلامية والأجنبية الذين عنوا بتاريخ المهلب".

شخصية عالمية فذة

وأشار الحسيني إلى أنّ ورقته التي قدمها خلال الندوة تحدث فيها عن العوامل التي أدت إلى نشوء هذه الشخصية العالمية، وفكره ذي البعد العالمي، كما سيتحدث عن هذه الشخصية في المصادر الغربية، وقال إن "هناك العديد من المراجع المكتوبة باللغة الإنجليزية ومنها موسوعة الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى التي كتبت مدخلا عن عُمان وعن المهلب وهجرة العمانيين إلى العراق وخاصة في البصرة والكتب التي عنيت بتحليل الكتب العربية والعمانية التي تطرقت إلى شخصية المهلب ومن بينها كتاب مارتن هينز من جامعة كامبردج الذي قام بترجمة ما كتبه المؤرخ العماني العوتبي عن المهلب وتحليله وتحقيقه باللغة الإنجليزية، والكتاب منشور ضمن سلسلة أحد المجالات التي تصدرها الجامعة، إضافة الى كتب أخرى باللغة الإنجليزية عنيت بالمهلب أثناء فتوحاته في آسيا وكتب أخرى عنيت بدراسة استراتيجياته العسكرية أثناء الفتوحات الإسلامية في فارس والهند وأفغانستان".

وأوضح الدكتور سليمان بن سالم الحسيني أنّه "يمكن أن نستنتج من تلك الكتب والمراجع أنّ المهلب من ناحية أكاديمية ومن ناحية علمية شخصية عالمية الاهتمام من قبل الباحثين والأكاديميين والمؤرخين من مختلف دول العالم، وأنّ المهلب نفسه أصبح شخصية ذات سمات وخصائص عالمية في تفكيره وسلوكه ومبادئه وعمله وإنجازاته حيث ولد في عمان، وينتمي إلى المجتمع الأزدي العماني، وخرج من هذا المجتمع وأصبح شخصية إسلامية مؤثرة وفاعلة، شاركت في حركة التاريخ الإسلامي وفي بناء الحضارة الإسلامية". ومضى قائلا إنّ الندوة تسلط الضوء على شخصية المهلب بن أبي صفرة وأصوله العُمانية وإنجازاته العربية والإسلامية بشكل عام وعلى أبعاد هذه الشخصية.

الموسوعة العمانية

وتوضح الموسوعة العمانية أنّ المهالبة أسرة عمانية عرفت في مجالات الحرب والإدارة والعلوم والآداب وبرزت فيها وأصلهم من بني المهلب بن أبي صفرة ويعرفون أيضا بآل المهلب، وكان جدهم أبو صفرة ويدعى ظالم بن سراق ويعود نسبه إلى أزد عُمان من عرب اليمن القحطانية شريفا في قومه، فلما أسلم قدموه عليهم وشارك في الفتوحات في عهد الخليفتين عمر بن الخطاب (حكم:13ـ 23هـ/ 634 ـ 644م) وعثمان بن عفان (حكم:23 ـ 35هـ/ 644 ـ655م)، واستقر هو وقومه من الأزد بتوج (مدينة بفارس)، ثم انتقل إلى البصرة في عهد الخليفة عثمان بن عفان وأصبح زعيما لقبائل الأزد في العراق في عهد الخليفة علي بن أبي طالب (حكم:35ـ 40هـ/ 655 ـ 661م) وقاتل معه هو وأولاده بعد موقعة الجمل 36هـ (657م)، وآلت رئاسة الأزد من بعده لولده المهلب، فدخل في خدمة الزبيريين فكان أول قائد مصعب بن الزبير والي العراق لأخيه عبدالله بن الزبير ثم صار مع الأمويين". 

وقالت الموسوعة حول المهلب بن أبي صفرة الأزدي الذي لم تحدد المصادر تاريخ مولده ومكانه وتوفي (82هـ/ 702م)" بدأ المهلب القتال في مطلع العشرينيات من عمره فكان مع والده أبي صفرة في جيش عبدالرحمن بن سمرة القرشي عامل الخليفة عثمان بن عفان (حكم: 23 ـ 35هـ/ 643 ـ 655م) على سجستان، وغزا معه "كابل" في العام 33هـ (653م)، وكان المهلب صاحب لواء الأمان الذي عقده الإمام علي بن أبي طالب للجند الفارين بعد "موقعة الجمل"، ليرجعوا إلى بلادهم، فرجع معظمهم إلى البصرة.

وبعدما آلت إليه رئاسة قومه بعد وفاة والده أبي صفرة بالبصرة، وتقلد المهلب ولاية "مكران" و"السند" عام 44هـ (664م) في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان (حكم 41 ـ 60هـ/661 ـ 680م) فقام بحملات في نواحي السند للسيطرة عليها، وكان يقود جيشا معظمه من قبائل الأزد في هذه المعارك، وتمكن به من الوصول إلى "القيقان"، و"قندابيل"، ثم اتجه شمالا ليفتح "لاهور" وبعض المناطق الأخرى، وشارك أيضا مع الحكم بن عمرو الغفاري في فتوحات "خراسان" عام 47هـ (667م)، وشارك في فتح "سمرقند" مع سعيد بن عثمان بن عفان عام 56هـ (675م).

ورغم ولاء المهلب للزبيريين، فإنّ الخليفة عبدالملك بن مروان عرف له قدره ومكانته العسكرية، وبلاءه في قتال الأزارقة فهزمهم في "أصفهان" و"فارس"، و"كرمان"، و"جيرفت"، ودافع عن البصرة ولذا سميت "بصرة المهلب"، فكافأه الحجاج بن يوسف الثقفي (ت:95هـ/714م) والي العراق على جهوده في حرب الأزارقة، فأسند إليه ولاية خراسان عام 78هـ (697م).

 

تعليق عبر الفيس بوك